خرافة الأوطان الافتراضية - حياة ابو فاضل

mainThumb

01-12-2016 09:29 AM

يطلّ أحدكم ليلحق به آخر تطمئنوننا الى أنكم، مهما طال زمن انتظارنا لحكومة تحاولون تركيبها، ستتقاسمون حصصكم المرجوة ليكون لنا سلطة تنفيذية، بعدما صار لنا رئيس للجمهورية. لا تفقدوا الأمل، تقولون، وهل هناك أمل في أنكم جدّيون، ولديكم القرار الذي يؤسس لبناء وطن، لا خيمة رجال همّهم ألقابهم وثرواتهم الخاصة؟ وهل هبط عليكم اطمئنان في ما يخص الاقتصاد المتدهور عند الشعب والمزدهر عندكم لأن السعودية عادت تخاطبكم ومثلها قطر؟ والاثنتان مثلنا تماماً تجيدان لعبة "الغميضة" حيث تارة جميعنا في المخابئ وطوراً نخرج الى ضوء الشمس.

 
لو عندنا وطن قوي الأساسات، أعمدته ثابتة لا تتغير مع تبدّل الفصول، ومعتقداتنا الروحية والسياسية لا تفرّقنا وراء متاريس متقاتلة، فيتأرجح فينا الوطن، ولا نعرف استقراراً مدى عقود ظلام، فنحن بلا كهرباء منذ حربنا الاهلية، المذهبية، المقدسة الاخيرة... لربما كنا لجأنا الى "الأمل". فمنذ تلك الحرب التي سفكنا اثناءها بعضنا دماء البعض، ونثرنا بذور الشر في كل حقولنا، وما جنينا الا الاحقاد والعطش الى الانتقام، وحمّلنا الضحايا ألقاباً سمحت لكل الافرقاء بالمتاجرة بمن كان ضحية أمزجتهم الدموية، فقد تكرّموا عليهم بلقب "شهداء"، يستحضرونهم في المناسبات الوطنية ليوقدوا بذكراهم نيران أحقاد جديدة تهيئ لصدام جديد. لو كنا متماسكين لربما كان لنا أمل في أننا ذات يوم سنشهد على ولادة حكومة تعمل على تصميم جديد لقانون انتخاب يلمس قلوب كل فئات شعب منقسم الى قبائل مذهبية، أكل التاريخ عليها وشرب، وما أبقى الا ما يجعلها تفرّق بين محمد وحسين وجورج.. لذا رجاء توقفوا عن تخديرنا بعطر "الأمل"، فلا أمل لنا في تركيبة وطن مفكك على الأرض ومفتت في أذهانكم، ولا يهمنا "الأمل" فهو خرافة الاوطان الافتراضية.. انما لسوء حظكم هناك أقلية من الشعب واعية، أجل واعية.
 
نحن نضحك على اشتهائكم وزارات تسمّونها أنتم سيادية، وعلى نفوركم من وزارات خدماتية، فها أنتم قد فككتم تركيبة حكومة قبل أن ترى النور. وما أنجزتم طوال مدة توليكم وزارات سابقة مما أدى الى هدر طاقات المؤسسات، فعمّ الفساد، وتحوّل الوطن الى مزبلة تنشر الأمراض على قوم ما عادوا يؤمنون بقدراتكم على البناء بعدما أطفأتم كل طاقات الوطن.
 
هل أخطأنا لما بقينا ولم نهاجر فسمحنا لكم بتفجير مواهبكم في الحكم والعدل فوق رؤوسنا؟ أجل أخطأنا لما بقينا نضيء لكم الأخضر، وأنتم في أمجادكم تغرقوننا في طقوس التضحية والشهادة والمقابر والبطولات الوهمية. وما فتحنا بصيرتنا على حاضر بائس، ومضينا نحلم بماض مضى، وما لفت انتباهنا أن حتى الأمس مضى، وأننا نحيا دائماً في حقيقة "اليوم"، وليس لنا الا "اليوم" فاستفيقي يا شعوب لبنان.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد