الموازنة - د. حسين البناء

mainThumb

05-12-2016 11:06 AM

مع نهاية كل عام ينهمك الساسة والاقتصاديون والسلطة التشريعية والصحافة بمناقشة الموازنة العامة للدولة، فينقسمون ما بين مؤيد ومنتقد، وما هي إلا شهور حتى يتم إقرارها وبدء العمل بمقتضى أحكام بنود ومخصصات الإنفاق والتحصيل فيها، ونظرا لما تشكله الموازنة من أهمية ولما لها من انعكاسات على مناحي حياة المواطنين كان لا بد من هذه الإضاءات على ماهية الموازنة.
 
1-الموازنة العامة هي الخطة المالية للدولة للعام القادم، أي أنها توقعات الإنفاق وتقديرات الإيرادات للدولة. 
 
2الموازنة العامة هي قانون (وتصدر كبقية القوانين -وبالمسار الدستوري المعتاد) من السلطة التشريعية وتكلف السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة بتنفيذها.
 
3-الموازنة تتكون من شقين، الإيرادات والنفقات، أما الإيرادات فهي مجمل عوائد وتحصيلات الدولة من الضرائب والرسوم والجمارك والتراخيص والطوابع وأرباح المؤسسات المملوكة للدولة والهبات والقروض داخلية كانت أو خارجية. أما النفقات فهي مجمل مصاريف الدولة على الهيكل الحكومي بأجهزته المركزية ومؤسساته المستقلة المدنية والعسكرية وتكلفة سداد وخدمة الدين العام ومخصصات المشاريع العامة.
 
4-تتأتى أهمية جانب النفقات من الموازنة بأنه يشكل أحد العناصر الأربع الرئيسة المكونة لمعادلة الدخل القومي مضافا له الاستهلاك والاستثمار وصافي الصادرات. فبالتالي أحد محركات نمو الدخل القومي هو نمو الإنفاق العام.
 
5-تتأتى أهمية جانب الإيرادات بأنه المحدد لكم التكاليف التي سيتحملها المواطنين والشركات كعبء ضريبي سيشكل تكلفة مخصومة من الميل للاستثمار أو التوفير أو صافي الأرباح بعد الضريبة للشركات.
 
6-حجم الإنفاق العام يعكس حجم الحكومة ودورها في الحياة الاقتصادية ورفاهية المجتمع والخدمات المقدمة للمواطنين والدور الانكماشي أو التمددي للقطاع العام. 
 
7-الموازنة لا يفترض بها أن تكون متوازنة، فقد يكون العجز مقصودا لخدمة الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة.
 
8-الموازنة تعتبر أداة الدولة في تنفيذ السياستين النقدية والمالية. فالسياسة النقدية تمثل حجم الإيرادات والنفقات للدولة، فالفائض يتم استثماره وإقراضه، أما العجز فيتم تعويضه بالاقتراض الداخلي والخارجي وطرح سندات وأذونات خزينة وقروض، الأمر الذي يحدد حجم العرض والطلب على المال وتكلفة اقتراضة على شكل سعر فائدة يقود مؤشره السندات الحكومية وأذونات الخزينة.
 
9-الموازنة تخضع لعمليات إعادة هيكلة عبر الموازنات الملحقة التي يفترض أن تكون استثنائية وليست مدخلا للالتفاف على بنود الموازنة الأصلية ومخصصاتها.
 
10-الموازنة تصبح مشوهة عندما تطغى النفقات التشغيلية (كالرواتب والتقاعدات والجرايات والمصاريف الدورية) على النفقات الرأسمالية التي تمثل المشاريع العامة والأصول بعيدة الأمد.
 
نهاية القول بأن الموازنة العامة للدولة ليست مجرد تقليد نمطي لتمرير مصالح وتفريغ ضغوط وإرضاء جهويات وخدمة جهات، إنها نية جادة، إنها تعبر عن إرادة التغيير، إنها تجسد الاستثمار الأمثل لتعظيم استخدامات الموارد المتاحة، إنها مستوى رفاه المجتمع والرضى عن الخدمات العامة، إنها خطة الدولة ومشروعها لمدة عام واحد.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد