بكتب اسمك يا بلادي .. عالشمس - أ.د.كمال الدين بني هاني

mainThumb

06-12-2016 09:21 AM

قبيل منتصف السبعينيّات، حين كنّا طلاب مدارس، وكانت المشاعرُ القوميّة غامرة، والنفوس عامرةً؛ طلعت علينا الإذاعات العربية ومحطّات التلفزيون بأغنية أذكرها بصوت المطرب جوزيف عازار، لَهَجَتْ بها ألسنة المواطنين العرب، وتحوّلت إلى ما يشبه النشيد الوطنيّ العابر للحدود (بكتب اسمك يا بلادي... عالشمس الما بتغيب) من كلمات إيلي شويري، وصار كلُّ عربيّ يكيّف الأغنيةَ على هواه وعلى قياس بلاده كما يتصوّرها، ويغنيها وهو يتخيّل خريطةً ما لوطن صغير أو كبير، وطن قطريّ أو قوميّ. ولعل نصيباً وافراً من الشهرة والجماهيرية قد كُتب لهذه الأغنية حيث غنّاها دريد لحام في مسرحية (كاسك يا وطن) في نهايات السبعينيّات، في ذلك المشهد المؤثّر الجارح، وهو يسوّي نياشين والده الشهيد على ياقة جاكيتته المهلهلة، التي لم تستطع أن تستر عورته، وحاجاته الأساسيّة.
وغادرت بلدي الحبيب الأردن لأتابع تحصيلي العلميّ، من بلادي إلى بلادي إلى سواها، وبقيت أحملُ بلادي في قلبي، وأتساءل: كم مواطناً عربيّاً غنّى هذه الأغنية؟ وكم شاعراً تغنّى بالشمس عبر العصور، وتناولتْها الأساطيرُ والأديان، وأخذ الناس نصيبَهم منها، فما نصيبنا الفعلي من نعمة الشمس، في بلاد أشرقت منها شمس الحضارة على العالم طيلة قرون من الزمن؟ وظلّت الشمس التي عمرها قرابة أربعة مليارات ونصف المليار من السنين، وتفصلُها عن أرضنا مسافةُ (150) مليون كيلومتر، لا يصلها أحد، ولم يكتب عليها أيُّ مواطن عربي اسم بلاده!!
وحين تولّيت رئاسة الجامعة الهاشمية العزيزة على قلوب الأردنيين، وحاملة الاسم الأغلى، والرسالة الهاشمية، فكرت في أن أتعانق مع شمس بلادي، ولعلمي بأنني لن أتمكن من بلوغها، آثرت أن أجلبها إلى الأرض، بمنافعها دون مضارّها، وأن أكتب عليها اسم الوطن الهاشمي، واسم الجامعة الهاشمية المنسوبة إلى ذلك الوطن الغالي، وهكذا كان.
إننا في بلدٍ تشكل الطاقةُ عبئاً ثقيلاً على موازناته ومن هذا الوطن جامعتنا الهاشمية، التي اعتادت على أن تدفع (2.5) مليون دينار سنوياً فاتورة الكهرباء، مما حدانا على المسارعة في البحث، والتخطيط، ووجدنا أننا نحتاج قرابة (2.5) ميجا واط سنوياً من الكهرباء، فتوجّه عقلي إلى أن نُنشئ مشروعاً لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، بقدرة (5) ميجا واط، وذلك يؤهلنا لاستراداد تكاليف المشروع خلال أقل من سنة ونصف، ولتصبح طاقتنا الكهربائية مصدرَ دخلٍ للجامعة، لا عبئاً على موازناتها بعد ذلك.
نعم، جلبْنا الشمس إلى أرض الهاشمية، وكتبْنا اسمَ بلادنا عليها، فصار اسم المشروع (شمس الهاشمية)، ولئِن تحقّقَ لنا ما نصبو إليه ونتطلّع، فإن الله سيوفّقنا بهمة النشامى وعونهم إلى إنشاءِ مشروع الخمسين ميجا واط، لنكتب عليه اسم بلادنا، ونطلق عليه (شمس الأردن)، لتكون الشمسُ مُسخّرة لنا بأمر الله، سراجاً وضياءً لقوم يعقلون، وحتّى يكون هذا جزءا من حلّ معضلة الطاقة على المستوى الوطنيّ، بل شطرا من حلّ مشكلات اقتصاديّة آخذة في التفاقم، ولنتفادى صورة النموذج الذي طرحه الفنان دريد لحّام في بلادنا.
 
 
*رئيس الجامعة الهاشمية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد