من المسؤول ؟؟ - منصور محمد أبوصفيّة

mainThumb

06-12-2016 02:23 PM

تناقلت بعض وسائل الإعلام منذ أيام خبر وفاة أحد المتشردين على الرّصيف في مجمّع للحافلات في بلدنا الحبيب ، ومرّ الخبر بسلام دون اهتمام يذكر، لقد كان هذا الخبر صادمًا مفزعًا مؤلما... ، وقد يبدو الوقوف على مثل هذا الخبر غريبًا في ظلّ هذا الموت الذي يحدق بنا من كلّ جانب وأنهار الدّماء التي تتلاطم والانحدار المريع في قيمة النّفس البشريّة.
 
المفزع في هذا الأمر أنّ الضّحية المسكين قضى ولم يكن المسؤول يدًا إرهابيّة غادرة تسللت في الظلام فأطفأت شعلة حيّة،أو مجرمًا لعب بعقله جنون الخمر أو تعاطي المخدرات وشهوة الرّبح الحرام فاندفع لإزهاق روح بريئة، لم يكن المسؤول نشوة طائشة لعيار ناريّ أطلق في لحظة فرح ليغتال لحظات فرح لإنسان آخر ويقيّد الفعل ضدّ مجهول. لم يكن المسؤول حادث سير رسم نهاية المسكين تحت عجلات متهورة وينتهي الأمر أنّه قضاء وقدر،  ولم يكن الضّحيّة في حالة عراك وعنف مع أخ أو جار أو زميل أو إنسان وفي لحظة لا إنسانيّة سيطرت لوثة الغضب والعنتريّة الجاهليّة على عقل المجرم فوضع نهاية لحياة أخ له في الإنسانيّة ضاربًا عرض الحائط قدسيّة دم الآدميّ .
 
 إنّ المسؤول عن هذه الضّحيّة معاني الخير والقيم النبيلة لمجتمعنا أفرادًا ومؤسسات ، كيف لمجتمع السّمة الأبرز له الخيريّة والتعاضد والنّجدة والفزعة و... أن تزهق فيه روح بهذه الطّريقة المهينة ، نحن لسنا غيرنا ليموت أحدنا دون أسف أو تأثّر، نحن لدينا من القيم الدينيّة والقوميّة والحضاريّة ما ندّعي أنّه يعلي من كفالة الضّعيف والمحتاج وكلّ ذي كبد رطبة بل ويكفل الشّجر والحجر .
 
أين كنا نحن بقيّة الخيرين والضّحية المسكين ينام على الرّصيف في العراء يقرصه الجوع ويأكله البرد ونحن نصمّ آذننا عن ذلك الأنين المعاتب صخب حياتنا؟ قد يقول قائل إنّنا نحمل من الهموم والأعباء وقلة ذات اليد ما يشغلنا حتى عن سدّ حاجة القريب فلا غرو أن نسهو عن الغرُب، وقد يلقي آخر المسؤوليّة على المؤسسات الرسميّة وغير الرسميّة.
 
كلّنا مسؤول، كيف نخلي أنفسنا من المسؤولية أفرادًا ومؤسسات وكلّ ما نؤمن به من قيم ومثل وما نشأنا عليه جيلا بعد جيل يدعونا أن نهبّ لنجدة المحتاج وكفالة المسكين والفقير ؟ كيف نخلي أنفسنا من المسؤولية ونحن ممن تربوا على قوله تعالى : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ ) وقوله جلّ شأنه: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) وقوله تعالى  : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)
 
ونحن ندعو للضحيّة بالرحمة ولنا بالمغفرة لنرجو ألاّ يضاف لأسباب موتنا الكثيرة سبب آخر مما كسبت أيدينا، نرجو أن يكون هذا الحادث - على هوله-  فريدًا عرضيًا،وألا يكون نذير انحدار في تعاضدنا وتآلفنا ومنظومة قيمنا ،نرجو أن تكون هذه الحادثة تنبيهًا لنا جميعًا لنلتفت للفئات الأشد حاجة في مجتمعنا المحاصرين بالفقر والمرض والحاجة والبرد لنشملهم بالرعاية والعون نبادر أفرادا وجماعات ومؤسسات رسمية وغير رسمية لاحتضانهم وتوفير المأوى وضرورات المحيا لهم ؛ لتبقى صورة مجتمعنا متميزة كما عهدناها رائعة كما نريدها . حفظ الله بلدنا آمنًا مطمئنًا سخاء رخاء ومجتمعنا قويًا عزيزًا.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد