صحيفة السوسنة الأردنية

الموت هو كحافلة الباص تمر كل يوم في كل مدينة وكل قرية وتقف أمام كل بيت ليستقل بها أحد من أحبائنا أو جيراننا أو معارفنا ولابد أن نكون في يومٍ من الأيام أحد ركابها وإن تخطتنا مرات ومرات فستعود لنصعد بها فنحن لسنا بعيدين عن تصاريف الزمان وأحوال القدر ويجري علينا ما يجري على البشر جميعهم من مرض حوادث السير والهدم والغرق والحرق وإنتهاء العمر .

 

الذي يموت هذه السنه سوف يستريح في السنه القادمة فلو تهدمت الدنيا على ماذا سيخاف فهو لايموت إلا مرة واحده والموت نهاية لكل مرض وشقاء ويؤس وفقر وهَم ولنتأكد ليس الموت هو ما يؤلمنا ونحسب حسابه بقدر الفقر والهم والنسيان والتجاهل وموت الطموح والآمال والتي هي الموت الحقيقي .

 

إن هذه الحياة هي جهنم بما نعانيه فيها والموت هو ذاك النور الإلهي للراحة ومحطة إسترخاء مما أصابنا في هذه الدنيا فهو إذاً الطريق للحياة الأبديه الرائعة فلا نخاف منه ولنوطن أنفسنا على القبول به وهو النتيجة النهائيه الحتميه لكل كائن حي .

 

يُمضي الجنين في رحم أمه تسعة أشهر تزيد أو تنقص قليلاً ومنهم من يولد إبن سبع شهور فلو تقمصنا شخصيه الجنين داخل الرحم فهو يعتقد أن هكذا حياته والرحم هو دنياه وإن خرج منه سوف يموت ولكن عندما يولد ويخرج إلى هذه الدنيا يكتشف خطأ ماكان يعتقد ولو خُير أن يعود لرحم أمه لرفض بالتأكيد وهكذا حالنا مع الدنيا نحن نتوقع أن الخروج ومغادرة الدنيا هي الموت بالنسبه لنا ولكن في الحقيقة هي حياة وربما لوخُيرنا بعد موتنا أن نعود إليها لرفضنا كما سيرفض الطفل من العوده إلى سجن الرحم .

 

الكثيرون يلومونني أنني أكتب عن الموت كثيراً وهم يتسترون على كلمة الموت وكأنه فضيحة أو جريمة ولكن أنا برأيي الجريمة أن لانذكره كل يوم ونبقيه ماثلاً أمامنا فنحن كلما توغلنا في الحياه إقتربنا منه ولم أجد عادلاً في حياتي أكثر من الموت فهو يلغي الطبقات والفوارق ولا يختار ولا يستشير أحد فلنعي هذه الحقيقة أننا جميعاً ميتون فكم تخطانا الموت ليصل للآخرين وكم سيتخطى الآخرين ليصل إلينا .