علي عبيد الساعي الخالدي شاعر الوطن وضميره المتكلم

mainThumb

07-12-2016 11:08 PM

يبدو أن قدر المثقفين والمبدعين في وطننا الاهمال والتطنيش من حكومات الجباية التي لا تعرف من الوطن ومصلحته وقواه الناعمة والخشنة على السواء الا الدوار الرابع ، والمثقف المطلوب في عرف تلك الحكومات هو الصحيج الجاهز دائما . ولكن عندما يتعلق الأمر بالمثقفين والمبدعين وخاصة بعد أن يقعد المرض أحدهم والأمثلة على ذلك كثيرة  ولا داعي لذكر أسماء لمعت في تاريخ الأردن وبكل أنواع القوى الناعمة واجهت هذه الأسماء حالة تجاهل وتغييب خاصة اذا كان لأحد تلك الأسماء رأيا أو فكرا مخالفا للاتجاه السائد ، ومن هؤلاء الشاعرين تيسير السبول وغالب هلسه رحمهما الله وكلاهما عاش غريبا سواء في وطنه أو في  الغربة وتجاهل دوره وإبداعه بعد وفاته ،وهناك الكثير من القامات لم تأخذ دورها وتم وأد الكثير من المواهب المبدعة لأن الثقافة في وطننا بكل أسف هي ثقافة السلطة الأمنية لا ثقافة الوطن وقواه الناعمة .
 
مقالي اليوم عن شاعر أردني نبطي عرف بأنه شاعر وطن لا شاعر حكومات صوت الوطن وضمير الشعب وعاش الوطن في قلبه أيام الغربة ، من منا لم تطربه قصيدة (عمان) التي غناها الفنان الأردني فارس عوض رحمه الله ومن منا لم يبهره ديوان الجراد لا يترك حقل أخضر  ، ودار الوفاء (الذي طبع في دبي ) وشجون صحراويه ، وزهرة العباد ، ولوجه أمي الغائب ، وأخيرا ديوان فرح  ) انه الشاعر الكبير علي عبيد الساعي الخالدي أبا طارق ، وهو اليوم أسير المرض الذي أقعده منذ 12 عاما لا يغادر سريره ولا بيته .
 
وسؤالي ماذا قدمت له حكومات الجباية المتعاقبة على الوطن وماذا قدمت له أمانة عمان المنشغل رئيسها دائما بكل ما هو ثانوي خاصة اقامة الحفلات في المناسبات وتكريم الفنانة يسرا كأم مثالية  وهي التي رفضت الأمومة في حياتها لأجل الفن وهذا حقها ولكن أن تكرم كأم مثالية في الأردن  فهذه سابقة لأمين عمان لشيء في نفس يعقوب .
 
فأي تصحر فكري وسياسي الذي وصلنا اليه ، لماذا لم يكرم الشاعر المبدع علي الساعي الخالدي في حياته وهو من قدم الكثير للوطن كانت حياته  كجندي مقاتل  وشاعرا نبطيا ذو احساس كبير وعاشقا أفنى حياته بحب أمته ووطنه ، وعاشقا لتراب هذا الوطن في غربته الطويلة ، وفي أرض الوطن ، وللأسف اليوم يصبح كأنه غريبا في وطنه وتجاهل تام من الحكومة ووزارة ثقافتها لمثل هذه القامة المبدعة أليس هذه مأساة .
 
لقد كنت من زوار شاعرنا الكبير كلما مكنتي الظروف وأعترف بالسنوات الأخيرة وبحكم بعد لمسافات أنني قصرت وانقطعت عن زيارته وان كان هو وكل المخلصين أمثاله في قلبي وضميري ، وبقيت متابعا له باستمرار رغم بعد المسافات أيضا .
في الاسبوع الماضي وأثناء نقاش حاد مع صديق عربي عزيز رغم اختلاف وجهات النظر حول الوضع في سوريا فوجئت بشاعرنا الكبير أبا طارق يدخل علي عبر الماسنجر طارحا تحية الصباح واستأذنت من صديقي وبعد حوار قصير ممتع معه اتحفنا من وقته ، لكنني حزنت وتألمت كثيرا لظروفه الصحية واختجلت بطرح أي سؤال عليه عن حاله وعن تقصير الجهات الرسمية معه ، وقامة وطنية بحجم أبا طارق يجب الاهتمام بها ودعمها بكل ما هو ممكن انها أحد كنوز الوطن الثقافية الثمينة ، وكنت أتمنى من الجهات الرسمية أن تعرض عليه العلاج بالخارج وأن تسعى الى تكريمه باستمرار فهو يستحق أكثر من ذلك ، فكيف هان على الدولة ترك مثقف ومبدع كأبا طارق يواجه ظروف الحياة والمرض لوحده بدون أن تشعره الدولة التي أفنى عمره في التغني بجمالها وبطولاتها بأنه أحد ابناءها على الأقل .
 
أبا طارق كما أعرفه ليس بحاجة لأحد من الناحية المادية ونفسه عزيزة وكريمه ولكن أليس من حقه على دولته أن يكرم ,ان يقال له الله يعطيك العافية ، كما أتمنى اطلاق اسمه على أحد الشوارع أو الميادين العامة سواء في بلدته الخالدية وهذا دور بلدية الخالدية أو العاصمة الحبيبة عمان التي طالما تغنى بها وبجمالها ، وأن تعيد الحكومة النظر وتلتفت لكل أبناءها المبدعين في المناسبات الوطنية وغير الوطنية وأن لا تتجاهل أي أحد ، فهؤلاء هم القوى الناعمة للوطن والوجه الحضاري له .
وفي الحقيقة وحتى لا ننكر جهود أحد فقد علمت أن اثنين فقط من وزراء الثقافة في تاريخ الدولة الأردنية المتعاقبين قاموا بزيارة ودية لشاعرنا الكبير وهم ( مع حفظ الالقاب  جريس سماوي وصبري اربيحات) .
 
وحتى لا نطيل أن المبدعين الذين قدموا لوطنهم وأمتهم أمثال علي الساعي الخالدي وغيره من منطلق الواجب والحرص أن ترد هذه الحكومات بعض ما قدموه ، وحسب ما سمعت أيضا أن الامارات العربية المتحدة قدرت ابا طارق وعطائه وسألت عنه ودعته لبعض مهرجاناتها واعتذر بحكم المرض ، ولكن في وطنه للأسف التقصير واضح والأسباب أن الدولة لم تعد الدولة لكل أبناءها مع الاعتذار من ابا طارق .
 
تحيه وطنية خالصة لشاعرنا الكبير علي عبيد الساعي الخالدي أبا طارق ، وتأكد يا أبا طارق انك ستبقى في ضمير الوطن الذي أبدعت وأفنيت عمرك في التفنن في وصف جماله ، متعك الله بالصحة والعافية ، ولا نامت أعين الجبناء ، ودمتم .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد