فاجعة وطنية - مزمل ابوالقاسم

mainThumb

11-12-2016 09:39 AM

* من تناولوا حادثة (تانكر فداسي) لم يوثقوا فصول الفاجعة كما ينبغي.
 
* تفاصيل ما جرى أكثر إفزاعاً، وأوفر إيلاماً مما نقلته وسائل الإعلام للناس.. بكثير.
 
* تعرض (تانكر) معبأ (بالبنزين) إلى حادث مروري أدى إلى انقلابه قبالة قرية فداسي.
 
* الواقعة حدثت على بعد مائتي متر تقريباً من قسم الشرطة، ومع ذلك لم يتخذ حفظة الأمن أي إجراءات احترازية كي يمنعوا بها تجمهر المواطنين أمام العربة المقلوبة، ولم يضربوا طوقاً أمنياً حولها، على الرغم من تدفق البنزين من جوفها بكميات كبيرة على الأسفلت.
 
* استمرت تلك المسخرة قرابة ساعتين، ورجال الشرطة يتفرجون على العشرات من سائقي الركشات، وعدد مقدر من شباب الكمبو المواجه لفداسي، وهم يتدافعون لأخذ حصتهم من الوقود المهدر، حتى حلت لحظة الكارثة، وانفجر التانكر بعنف ليحول كل من تحلقوا حوله إلى جثث متفحمة في ثوانٍ معدودة، وتشب نيرانه العنيفة في أجساد المتفرجين عن كثب.
 
* فصول الكارثة المروعة لم تنته بانفجار الشاحنة، ولا باحتراق من كانوا حولها، بل تمددت لتشمل النهج العشوائي الذي استخدم في نقل المصابين إلى مستشفى مدني بسيارات خاصة، وعدد قليل من عربات الإسعاف، وفي الاستعانة بعربة إطفاء وحيدة، ظلت تفرغ حمولتها من الماء وتذهب لتعبئ جوفها بالمزيد، تاركة النار تلتهب خلفها أكثر.
 
* في المستشفى العتيق تمددت فصول المأساة، بعدم توفر المعينات اللازمة لمعالجة المصابين، الذين وضعوا في عنبر مهجور، ومسقوف بالزنك، ولم يحظوا بعناية طبية تتناسب مع حالاتهم الحرجة، لأن المستشفى العتيق نفسه غير مجهز أصلاً للتعاطي مع مثل تلك الكوارث الكبيرة.
 
* تلك التفاصيل المؤسفة استمرت حتى ظهر اليوم التالي، لأن وزارة الصحة بولاية الجزيرة عجزت عن توفير سيارات إسعاف كافية كي تنقل بها المصابين إلى الخرطوم، لتبدأ مجهودات الخيرين من أبناء القرية المكلومة، الذين بادروا بإخلاء الجرحى إلى أربعة مستشفيات في الخرطوم، بعد أن أخفقت وزارة الصحة بولاية الجزيرة في توفير سيارات الإسعاف اللازمة لتنفيذ تلك المهمة، وفشلت في تعبئة المتاح منها بالوقود.
 
* في العاصمة لحق (18) من الجرحى بمن سبقوهم على درب الشهادة، حتى بلغ العدد الكلي للضحايا أكثر من ستين، مع عدد مماثل من المحروقين.
 
* كل تلك التفاصيل المؤلمة، والتقصير المريع، والتفريط المؤسف، لم يتبعه أي تحقيق رسمي حتى اللحظة، مع أن الواقعة أشارت إلى قصور هائل في كيفية التعاطي مع مثل تلك الكوارث، وكشفت حال مستشفى مدني، وأشارت إلى حالة اللامبالاة المقيتة التي تعاملت بها حكومة ولاية الجزيرة، ووزارة الصحة الاتحادية مع الكارثة المفجعة.
 
* حتى رجال الشرطة الذين حضروا الواقعة اتضح أنهم غير مدربين على التعامل مع مثل تلك الحوادث، بدليل أنهم لم يتحركوا لإبعاد المواطنين عن التانكر المقلوب حتى انفجر، بخلاف التقصير الكبير والعجز الواضح في أداء قوات الدفاع المدني، إذا صح لنا أن نطلق تلك التسمية على عربة الإطفاء اليتيمة التي تعاملت مع الحادثة.
 
* الفاجعة لا تتجلى في مصرع ستين مواطناً واحتراق مثلهم، بل في ما سبقها من قصور مريع، وما أعقبها من صمتٍ مريب، واستسلام مهين لسيادة حكم (التقصير).
 
* لو حدثت تلك المصيبة في أي دولة أخرى لطارت بسببها عشرات الرؤوس، ولأعقبها تحقيق شامل، ومحاكمات صارمة، واستقالات عديدة، ولتم إعلان حالة الحداد العام في كل أرجاء الدولة، أما عندنا في السودان، حيث يموت الناس لأتفه الأسباب، فينتهي العزاء بانتهاء مراسم الدفن، وغلطان المرحوم!
 
* حسبي الله ونعم الوكيل.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد