التراث والهوية‎

mainThumb

14-12-2016 09:00 AM

 يعتبر الدارسون، والمحققون، وأهل المعاجم أن التراث هو:  كلّ ما خلّفه السَّلف من آثار علميّة وفنية وأدبيّة ، سواء كانت مادِّيَّة كالكتب والآثار وغيرها ، أم معنوية كالآراء والأنماط والعادات الحضاريّة المنتقلة جيلاً بعد جيل ، مما يعتبر نفيسًا بالنسبة لتقاليد العصر الحاضر وروحه. 

لكن ما يمارس في حياتنا التعليمية والثقافية، غير ما يعتبره أهل العلم، حيث يقتصر التراث في حياتنا على الأدوات القديمة التي كان يستخدمها أسلافنا، كأدوات الزراعة بجميع مراحلها، والألبسة للرجال والنساء، وبعض العادات، والموسيقى والأغاني التي تغنى بها السلف في افراحهم ، ويكون احياؤها بوضعها في معرض أو متاحف ليراها الأجيال الذين لم يعايشوها، أو عمل فرق فنية تجسد الأهازيج والأغاني.
 
وطبعا لا يتطرقون للحياة العلمية والأدبية ولا يعتنون بالكتب، ولا بالآراء والأنماط الحضارية، لأن من شأن هذه أن تصنع شخصية، وهذه الشخصية لا يريد لها من أوجدوا علما كعلم الأنثروبولوجيا ان تظهر أو تستمر في الحياة المعاصرة.
 
قد تشكل هذه الأشياء والألعاب ذكرى جميلة للذين عايشوا تلك الحقبة، ولكن كيف بنا أن نفرضها على جيل لم يرها ولم يخبر أهميتها، ولا تشكل له شيئا.
 
 ماذا لو عرضنا آلة كانت تستخدم قبل ألف عام وقلنا ان أجدادنا استخدموها فهي هويتكم وشخصيتكم فحافظوا عليها، واتركوا التفكير بغيرها وهنا تكمن خطورة الأمر في احتفائنا بالتراث.!!
 
العالم ودوله الحديثة تتعامل مع أدوات الماضي التراثية، على أنها تمثل معلما سياحيا، كالأبنية القديمة والأدوات القديمة، وينتهي استخدامها هنا ولا يتعداه، لا أن تصبح هذه الأدوات ونمط العيش الذي سادت به، هوية ويدرس في المدارس ويطلب من الطالب تتبع الألعاب القديمة والمحاريث وأدوات الزراعة بكل مراحلها.
 
في مناهجنا وخاصة التي توجه الى الأطفال في المرحلة الأساسية الدنيا، يحاول واضع المنهج أن يجعل من اللباس القديم والأدوات القديمة، والألعاب القديمة، مادة لترسيخ التميز عن الآخر والتفرد وصنع هوية خاصة بمجموعة من الناس دون أخرى في البلد الواحد، مع أن الانسان يتفرد ويتميز بعقلة وعلمه وما يحمل من أفكارعن الحياة تشكل شخصيته وتميزه عن الآخرين.
 
والانسان يعيش الواقع ليصنع المستقبل، ولا يعيش رهينة لماض لن يعود لا هو ولا أدواته، ومن الخطأ رهن الأجيال لماض لن يعود.. اعرضوا ذلك في المعارض، لكن لا تقرب المناهج.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد