قصص قصيرة/ .. السجان والأبله

mainThumb

25-12-2016 10:14 PM

"1"
السجان والأبله
" عجبي"
قال له بخبث بعد أن أمر الحراس بالخروج من الزنزانة:
- أراك ما زلت موجودا.. فلماذا لم تستغل الفرصة لتهرب!؟ فقد هيأتها لك ؛ فلم تستغلها أيها الأبله.
أمعن السجين فيه النظر والخيبة تأكل رأسه، وخاصة أنه كان ينتظر تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه بعد قليل:
- قلت لي بالأمس يا سيدي بأنك تركت لي في هذه الزنزانة ثغرة للهرب والنجاة بروحي، والنتيجة كانت أنني لم أضيع من الوقت ولو ثانية دون البحث عن ذلك المهرب، فتيقنت يائساً من أنك تعبث بمشاعر رجل محكوم عليه بالإعدام.
فرد عليه قائد السجن بجدية وصدق :
- مشكلتك أنك تختار دائماً الأصعب لحل مشاكلك، فقد قتلت رجلاً لمجرد أنه سرقك دون أن تبحث عن دليل إدانته.. وكان من السهل عليك تقديم شكوى بحق خصمك والبحث عن بيانات ترجح حقك؛ فتركت السهل لتطرق باب حتفك.
فتحسس السجين رقبته متسائلا وقد ضاق صدره:
- ما دمت ميتاً لا محالة يا سيدي، فأين هو ذلك المخرج الذي لم أعره انتباهي!!
فرد قائد السجن هازئا وقد ومضت من بين شفتيه ابتسامة انتصار ساخرة:
- فقط! تركت لك باب السجن مفتوحاً، وهيأت المخارج لتهرب دون أن يشعر بك الحراس.
وقبل أن يغمى على السجين من هول الصدمة، صرخ متضرعا:
- لماذا فعلت بي ذلك يا سيدي !؟
- كانت مجرد تجربة في إطار رسالة ماجستير أعدها، لأثبت بأن القاتل أعمى البصر والبصيرة.. حتى أنه لا يرى طاقة الأمل التي قد تفتح له. 
"2"
نكتة على طريقتي
"فعلا الباشا حمار بلدي" 
تورط الأستاذ بشتم ابن صاحب المدرسة التي يعمل بها، واسمه (م )، قائلاً للكسالى من طلاب الصف:" ليش ماتصيروا حمير زي م ابن الباشا، ما شاء الله عنده جلد على الدراسة"
فخرج م غاضباً يشكو أستاذه للمدير، وطلب على إثر ذلك للجنة تحقيق حضرها (ولي أمر المشتكي).. وتعرض المدرس المسكين لعاصفة من الانتقادات حتى جاءه السؤال الأهم:
"لماذا تنعت م بالحمار رغم أنه كان مجتهدا أثناء الدرس باعترافك؟
فرد الأستاذ بدهاء " لأنه حمار كالباشا والده.."..
فثار الجميع على وقاحته سوى الباشا الذي بادر إلى إسكاتهم بضحكاته المجلجلة، ثم ربت على كتف المدير قبل أن يخرج، موبخاً ولده الذي أكلت الدهشة لسانه، قائلاً: اصرفوا للأستاذ الذي يعرف كيف يقدر العظماء أمثالي، مكافأة مجزية".. وحالما خرج الباشا؛ صمم المدير على معرفة اللغز الذي قلب الموقف من كارثة كانت محتومة إلى رضا، فرد عليه ساخرا:"الباشا كما فهمت من الشعار الذي على صدره يحمل الجنسية الأمريكية، وينتمي للحزب الديمقراطي الأمريكي، ورمز الحزب هو الحمار، وكنت على يقين بأن كلامي سيسعده، فنعته بالحمار من باب كونه ديمقراطياً امريكيا.. هذا ما قصدته فكانت النتيجة كما ترى. ثم استجاب لإشارة المدير كي يستلم المكافأة. وهو يتمتم" فعلاً الباشا أثبت بأنه حمار عربي.. وليس ديمقراطيا من أبناء العم سام.
"3"
"الشبه الكبير"
أطل من شرفة قصره، وجأر بصوته الأجش منادياً على البواب" ولك يا حمار أحضر الكتاب الذي سقط من يدي"..
وفي لحظات كانت درجات السلم الخشبي تأخذ المثقف المغبون إلى أعلى حتى صار على مستوى الشرفة الحجرية العالية.. وسلم الكتاب مبتسماً لصاحب الدار الذي بدا كثور هائج وهو يوبخه على تأخره في الاستجابة.
قال البواب متلطفاً:" هذا كتاب ثمين يا سيدي.. يوقظ الرحمة في قلب كل من يغص فيه.. لكنه لم يجلب لصاحبه إلا التعاسة".. 
فرد عليه الرجل السمين هازئاً" وما أدراك بهذه الأمور يا تافه.. فقط انتبه لعملك".. 
لكن الدهشة أكلت رأسه حينما قارن بين صورة البواب ومؤلف الكتاب.. " شبه كبير بينهما" وكان البواب قد دخل غرفته ليتابع كتابة الفصل الأخير من روايته الجديدة"الأسماك لا تعيش في القصور"..
"4"
" عنجد إشي بفلق"
بين الأرنب والسلحفاة
مسعود ابن الجيران كان يسابق الريح في كل شيء فيركض كأرنب خرج علينا من الحكايات، بينما كنا نمر على التفاصيل كسلحفاة شيمتها الصبر..
أما الآن، وبعد أن اشتعلت رؤوسنا شيباً، فها هي السلحفاة تمتلك عيادة طبية تغوص بالمرضى والمراجعين، بينما الأرنب بات بلا أسنان، واهناً كأن الدنيا أطبقت عليه.. فتنادي عليه السكرتيرة:"الطبيب في انتظارك يا عم مسعود"
"5"
"الأم وطارق الباب" 
كلما طرق الباب عليها باغتته بالشتائم البريئة. فيمضي عنها غاضباً لتعاد الكرة بينهما من جديد.
ولما سألوها عنه قالت بأنه لا يسأل عنها أبداً .. لكن أحدهم ذكرها بأن بابها كان يطرق عليها كل ليلة، ومن سياق ردها كان يظن بأنه ولدها .
فأنكرت ذلك منوهة إلى أن الطارق كان مجرد عابر سبيل من صيادي المواقف الإنسانية.. فلو كان الطارق ابنها لاستمع إلى أنين قلبها المجروح، ليقتحم عليها وحدتها فيغمرها بالدموع شفقة على حالها.
اللهم ارحم أمهاتنا .. واجعل حياتكم مطيبة بالرياحين يا أصدقائي..
"6"
" رجّعلي فلوسي"
أوقف أحد اللصوص المقنعين رئيس الحكومة وقال له:
" هات فلوسك وإلا...!!".
فاندهش دولته ورد عليه معاتباً:" ولك عيب يا واطي!! أنا رئيس الحكومة ومسير أحوال البلد" فضحك اللص هازئاً: 
" إذن رجّعلي فلوسي يللي تراكمت في بطنك"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد