الشهداء والفقر والفساد - خلف سلامه الخالدي

mainThumb

05-01-2017 10:12 AM

ايها الملقى علينا الهم قد اثقلت جراحنا ، فذاكرتي تنوء على خدّ الحياة، وحزني يسأل وجه الليل ،وقلوب في ضيافة الحزن ، تركن تحت سطوة الفقر وسوط الفساد ، وهم يمارسون علينا نكاح المسيار ، فكلما هم خطب جاءوا للفقراء كي يحموا الديارا ، وحين يغادر الخوف قلوب الصعاليك سكبوا على حارات الفقر سواد عفنهم، والقوا على بيوت البؤساء اكوام فواحشهم، وطن شق ابناء الصعاليك عباءته كي يستروا عورات فضائحهم ، ونحن ما زلنا نلقي المودة عبقاً كي يدوم الوطن وتهدأ النفوس وتنشرح الخواطر.
 
عناوين متناقضة ولكنها تتشابه في العطاء والصبر والقوة ، العطاء للشهداء الذين قدموا ارواحهم ليعيش الاخرون ، والصبر للفقراء الذين عانقوا لقمة الخبز كي لا تهرب من افواههم ، اما القوة فهي للفاسدين كي يزدادوا منعة ونفوذاً ، ولكن كيف يجتمع ذلك في وطن واحد ؟ وطن أبناؤه فقراء وهم شهداء على الفاسدين وعند الله شهداء.
 
هنا في هذا الوطن تجتمع كل المتناقضات فأبناء الصعاليك هم ساسة القوم .. وابناء الشهداء على الصعاليك شهداء ..والشرفاء غادروا الحقل ، وبوح النبلاء اسكته الظلم فلم يبقى في البيت سوى السارق ، فكيف لوطن ان يحيا ؟. نحن هنا نلوك الفقر جوعاً ، ونشرب العلقم عطشاً ، وابناؤنا على حانات العهر حراساً ، ترتجف اضلعهم من البرد ، وعلى دخان مداخن مواقدهم يستأنسون دفئاً ، فقد كبرنا على وهن وما وهن العظم منا ، ولا اشحنا بوجوه الشهداء عن ساحة الحرب .
 
ايها الملقي علينا الهم ، كف عنا عواء الذئاب ، كف شيوخ الفساد عن جيوب الفقراء فجيوبهم مثقوبة حد العظم ، وقلوبهم لم تعد تحمل النقاء ، وعقولهم لامست حد الجنون فهم عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ ، واسرج خيول الظالمين فهم الى جهنم حيث المهاد ، فلم يعد هناك شيئاَ مذكوراً سوى شيخاً كبيراً بلا دواء ، وبيوتاً من الفقر سقطت اعمدة البناء، واطفالاً جياع ، وصبر جفف عروقه الوجل ، وبعض اشياء ليس لنا فيها بقاء .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد