لا تخلطنّ بين الجلاد والمجلود .. بين السجان والمسجون! - نادين خماش

mainThumb

13-01-2017 07:16 PM

 من الصعب إعادة شريط الذكريات المؤلمة التي مر بها الشعب الفلسطيني ولا يزال... دفع ثمن ما لم يشتره وعايش ظروفاً فُرضت عليه وعلى أجيال لاحقة لا تملك مفاتيح حلّها. وأضف إلى كل ذلك، فقد بات هذا الشعب الواحد منقسماً جغرافياً، ومؤسساتياً يحمل مسميات سياسية أو "باركودات" صهيونية بحتة، سقطت في الماضي والحاضر وستسقط في المستقبل أمام وحدة هذا الشعب مهما حاولوا شرذمته... فلسطينيو 48 وأهل القدس وأهل الضفة وقطاع غزة وغيرها... وكل يحمل بطاقة هوية تختلف عن الأخرى، تقسّمها السياسة والمعاملات الرسمية، وتجمع حامليها مع اختلاف "هوياتهم" الهوية الأم فلسطين المحتلة".

إذن، بحكم الواقع السياسي والمشروع الصهيوني الذي يجعل منا البلد الوحيد في العالم الذي ما زال محتلا، وبعيدا من الانفعالية والشعارات نتمنى على الجار القريب والبعيد، من مناصري قضيتنا المحقة أن يفهم التركيبة الداخلية الفلسطينية قبل طرح مواضيع أمام الرأي العام تتضمن خليطاً من عدم الدقة وسوء المعلومات على غرار ما حصل في أحد التقارير التلفزيونية على قناة لبنانية "عريقة".
 
التقرير جاء كالصاعقة على مشاهدين اعتقدوا أنهم يتابعون قناة من قنوات سلطات الاحتلال، حيث وصل جهل معدّ التقرير ليخلط بين الفلسطيني والإسرائيلي، واصفاً حجاجاً فلسطينيين بـ"وفد إسرائيلي"... ولنكن إيجابيين سنعتبر أنّ حرصهم على معاداة "إسرائيل" قد تخطت حدودها ليتجرأوا ويزايدوا على الفلسطينيين بمعاداة الاحتلال الإسرائيلي، ضمن تقرير لا يخدم إلا وجهة النظر الصهيونية.
 
نعم! هو تقرير على إحدى القنوات اللبنانية بعيدا من المهنية أولا باعتباره يحوي معلومات مغلوطة وتحريضية لا أساس لها من الصحة ويَعتبر من يدخل لبنان قادماً من فلسطين على أنه صهيوني، والأفظع أن معد التقرير يتمادى بتخوينه واعتبار الزوار أعداء خلال رحلة بحثه عن حالة تشويقية ودراما "تلفزيو - سياسية" على حساب مشاعر عائلات وأفراد متشوقين لزيارة لبنان الجار. فلبنان كانت الحافلة أو "البوسطة" تنطلق بدون توقف منه إلى السواحل الفلسطينية ذهابا وإيابا، في ماضي أهلي وأجدادي الجميل.
 
قد نتفهم عدم الوعي الكامل بفحوى القضية وتفاصيل الهوية التي ليس للفلسطيني أي علاقة في اتخاذ القرار فيها، وهنا يأتي دور الإعلام ليطلع الرأي العام على تفاصيل قانونية قد تكون غير واضحة له. أما وسيلة إعلام "عريقة" لم تأخذ وقتها في البحث عن هذه التفاصيل، فهنا الكارثة! لا يا "زملاء"، الفلسطينيون يحملون جوازاً فلسطينياً أو أردنياً ولا يحملون جوازاً إسرائيلياً، ويمرون على الأمن العام اللبناني "قانونياً" بتأشيرة دخول على جواز سفر ليس فيه أي ختم "إسرائيلي"! فيما ينتقلون في أرضهم فلسطين بـ"تصاريح"! تماما كالتصاريح التي كانت مفروضة يوماً في جنوب لبنان خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي.
 
أخيرا وليس آخرا! كيف لكم أن تعادوا من يتنفس هواء ويسير على أرض معراج النبي محمد وميلاد السيد المسيح. ألستم من التواقين للصلاة في كنيسة المهد، والسجود في المسجد الأقصى.
 
الشعب الفلسطيني يعيش في سجن لكنه لا يصاحب السجّان.. فلا تحمّلوه أكثر من طاقته.
 
وبكل فخر أقولها وأكررها أفتخر بفلسطينيتي وبمسقط رأسي القدس التي ولدت وترعرعت فيها، وأفتخر بأنني كسرت أنا وزوجي اللبناني النشأة والجنسية "حاجز اللا إنسانية". فما كان إلا أن أنجبنا ثمرة تحمل بذوراً من زهرة المدائن وسويسرا الشرق مجتمعة.
فلسطين ولبنان أكبر منكم، فلم لا ننهي ما أنجبته الحرب الأهلية وما غرزته في عقولنا من المصطلحات الصهيونية وننظر إلى الإنسانية الضائعة علّنا نجدها في خبايا أعماقنا؟!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد