سي آي إيه تكشف عن وثائق حول الأيام الأخيرة لأسامة بن لادن

mainThumb

20-01-2017 05:51 PM

السوسنة - في الأيام الأخيرة من حياته وفي أثناء اختبائه بباكستان، كان أسامة بن لادن لا يزال يحاول السيطرة على تنظيمه الإرهابي العالمي، بينما يولي في الوقت نفسه الكثير من الاهتمام لرفاهية أولاده الذين زاد عددهم على العشرة، من زوجاته الخمس.

 
إنه جانب آخر من زعيم القاعدة، ظهر عبر 49 وثيقة نُشرت الخميس 19 يناير/كانون الثاني 2017. وتعد الوثائق الجديدة، والمكونة من مئات الصفحات، هي المجموعة الرابعة من الوثائق الخاصة ببن لادن الصادرة عن الحكومة الأميركية منذ عام 2012.
 
وهي الوثائق التي حصلت عليها القوات الخاصة الأميركية (SEALs) عقب الغارة التي شنتها على مخبأ بن لادن في أبوت أباد، والتي أسفرت عن وفاته منذ 5 سنوات مضت.
 
وكُشفَت الوثائق الصادرة حديثاً للجمهور في اليوم السابق للانتقال من إدارة أوباما إلى إدارة ترامب.
 
كتب زعيم القاعدة، في خطاب مؤرخ بتاريخ 7 يناير 2011 –أي قبل 5 أشهر من مقتله في غارة القوات الأميركية الخاصة- إلى ولديه عثمان ومحمد، قائلاً إنه "يشتاق" لرؤيتهما، كما أبدى أسفه؛ لأن "أوضاعهم الأمنية لا تسمح لهم في هذا الوقت بأن يكونوا معاً".
 
 
خوف من إيران
 
كان عثمان ومحمد، وكلاهما في العشرينات من العمر، قد خضعا لنوع من الإقامة الجبرية في إيران لسنوات عديدة قبل أن يسمح لهما النظام الإيراني بالحصول على حريتهما.
 
وفي الرسالة التي أرسلها بن لادن لولديه، أعطاهما تعليمات مفصلة من أجل مقابلة شخص يسكن في المدينة الباكستانية الغربية بيشاور بإمكانه مساعدتهما في حالة الهروب.
 
كما أخبر بن لادن –والمُحمَّل بقدر من جنون الارتياب المفهوم؛ نظراً إلى عيشه مطارداً سنوات عديدة- ولديه بقلقه من أن يكون الإيرانيون قد حقناهما بشيءٍ ما قبل السماح لهما بمغادرة إيران. وأضاف أن الحقنة ربما تحتوي على "شريحة مصغرة" لا يزيد حجمها على حجم "بذور الحبوب" لتتبع مكانهما.
 
بينما يتناول خطاب آخر موجه إلى بن لادن دون تاريخ ابناً آخر من أبنائه، حمزة. يقول أحد أفراد القاعدة في ذلك الخطاب إنه لم يتمكن من إرسال حمزة من موقعه الحالي في المناطق القبلية الباكستانية على حدود أفغانستان للانضمام إلى والده في أبوت أباد؛ بسبب الخطورة الشديدة للرحلة.
 
أرسل بن لادن خطاباً لحمزة أخبره فيه بأن يترك المناطق القبلية، ويتجه لمدينة كراتشي الضخمة على ساحل باكستان الجنوبي. كما أخبره بأن يجعل رحلته في "يوم غائم"، وهو ما يُفتَرَض أن يسمح له بتفادي اكتشافه بواسطة الطائرات من دون طيار الخاصة بالمخابرات المركزية الأميركية، والتي تحوم في أرجاء المناطق القبلية الباكستانية، محاولةً اكتشاف أماكن أعضاء القاعدة.
 
حين داهمت القوات الأميركية الخاصة (SEALS) مجمع بن لادن في أبوت أباد، توقعت إيجاد حمزة، لكنه لم يكن هناك. ظهر حمزة (28 عاماً)، منذ ذلك الحين، في عدد من الفيديوهات الدعائية لتنظيم القاعدة، ووضعته وزارة الخارجية الأميركية رسمياً على قائمة الإرهاب هذا الشهر.
 
خطاب آخر بلا تاريخ من خديجة، إحدى بنات بن لادن، هو أحد الخطابات النادرة القادمة من إحدى بناته التي كُشفَت للعامة. أخبرت خديجة –التي كانت تعيش هاربة في مكان ما من المنطقة غير الخاضعة للقانون على الحدود الأفغانية الباكستانية- والديها بأنها قد عانت عدداً من المشكلات الصحية، من ضمنها التيفود والملاريا، بالإضافة إلى الإجهاض. وفي خطاب آخر ، كتبت أنه ما من كهرباء في المكان الذي تسكنه، وأنها نادراً ما تتمكن من استخدام حاسبها بسبب ذلك.
 
 
رسائل لزعماء القاعدة
 
بينما قلق بن لادن على رفاهية أبنائه، كتب في خطابات أخرى لزعماء القاعدة والجماعات التابعة لها، مصوراً نفسه باعتباره الزعيم الذي يرسم سياسة الحركة الجهادية العالمية.
 
وعلى الرغم من انعزاله في مجمع أبوت أباد –حيث لم يمتلك هاتفاً أو إنترنتاً؛ لأسباب أمنية- كشفت الوثائق الصادرة حديثاً أن بن لادن وكبار مساعديه تمكنوا على الرغم من لك من البقاء على اتصال بعدد من أذرع القاعدة وغيرها من الجماعات الجهادية في نيجيريا وشمال إفريقيا وباكستان واليمن.
 
حُملت الرسائل لهذه الجماعات على وحدة تخزين (USB Flash Drive) بواسطة رسول بن لادن، ثم رُفعت على الإنترنت من مكان بعيد عن المخبأ الموجود في أبوت أباد.
 
في صيف 2007، تلقى بن لادن تقريراً مفصلاً من ذراع القاعدة في شمال إفريقيا، القاعدة في المغرب الإسلامي، حول وضعها المالي والقضايا المتعلقة بأعضائها. كما طلب التقرير من بن لادن إرسال المزيد من المدربين الخبراء من مناطق الحرب الأفغانية والعراقية؛ لتدريب مقاتلي تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، بالإضافة إلى إرسال صواريخ أرض جو.
 
بينما نصح خطاب آخر أُرسل إلى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي لاحقاً بعد 3 سنوات من أحد قادة تنظيم القاعدة، حول أمر "شديد السرية"، بالسماح للـ"إخوة" غير المتزوجين بـ"الاستمناء"؛ لتخفيف الضغط الجنسي.
 
كما اقترح الخطاب نفسه إطلاق سراح الرهينات الفرنسيات المحتجزات لدى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي مقابل فدية تُقدَّر بنحو 5 ملايين يورو، أي ما يوازي 7 ملايين دولار، بينما اقترح الإبقاء على الرهائن المحتجزين من الذكور واستخدامهم في صنع مقاطع الفيديو الدعائية الصادرة للإعلام كل شهرين أو ثلاثة.
 
أوضح بن لادن كذلك، في خطاب موجه لزعيم القاعدة في اليمن وبلغ طوله 26 صفحة، أن على أذرع القاعدة النائية التركيز على الهدف الرئيسي المتمثل في مهاجمة الولايات المتحدة، التي وصفها بن لادن بأنها "رأس" القوات "الكافرة".
 
كما حذر بن لادن أتباعه في اليمن من أنه على الرغم من كونها البلد العربي الأفضل لتصبح "دولة إسلامية"، فإن القاعدة ببساطة لا تمتلك القدرة اللازمة لإدارة دولة حقيقية. (وهي النصيحة التي تمثل تناقضاً صارخاً مع ما قرر تنظيم "الدولة الإسلامية" فعله في عام 2014 حين أعلن نفسه دولة إسلامية وخلافة مسيطرة على العديد من الأتباع ومساحات شاسعة من العراق وسوريا).
 
 
"يحملون كراهية"
 
ومنح تقرير جاء من نيجيريا في 2009 زعماء القاعدة تفاصيل عن جماعة بوكو حرام، غير المعروفة حينها، والتي ذاع صيتها السيء منذ ذلك الحين عبر اختطافها مئات الفتيات النيجيريات، كما أعلنت ولاءها لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
 
وفي خطاب من العام نفسه، رسم بن لادن صورة شديدة السوء للنظام الشيعي في إيران. كان زعيم القاعدة حريصاً على تجنب نقد الإيرانيين في العلن –الذين كانوا يحتجزون عدداً من أفراد عائلته ومنظمته في إيران، حيث فروا بعد سقوط طالبان في أفغانستان المجاورة- إلا أن بن لادن كان يحمل بشكلٍ خاص ازدراءً كبيراً للنظام الشيعي، وكتب أنهم يحملون "كراهية لعائلة الإسلام".
 
بينما يأخذ خطاب آخر غير مؤرخ، ربما يكون من بن لادن، منحىً أكثر شراً؛ إذ دافع عن قتل الصحفيين والكتاب واحتفل بمقتل "أحد مصوري BBC" في السعودية، وهو ما يبدو إشارة إلى سيمون كامبرز الذي قُتل في 2004 إثر هجوم إرهابي في العاصمة السعودية الرياض استهدف كذلك مراسل BBC، فرانك غاردنو، الذي نجا منه، لكنه أصيب بشلل جزئي تسبب في استخدامه كرسياً متحركاً.
 
 
بيروقراطية الإرهاب
 
مثل أي منظمة بيروقراطية، تكشف الخطابات الصادرة حديثاً أن القاعدة امتلكت مجموعة من المبادئ التوجيهية المعممة داخلياً. وحدد خطاب موجه إلى "مديريها" 22 من أفضل الممارسات، تضمنت وضع "صندوق الشكاوى" في دور الضيافة التابعة لتنظيم القاعدة. كما كُلفت "لجنة الرقابة" التعامل مع أي شكاوى.
 
كما كان هناك دفتر غير مؤرخ بحسابات العائدات الشهرية بنحو 50 ألف دولار، أنفقها أعضاء القاعدة على وقود الديزل والطعام وهدايا زفاف أعضاء التنظيم، بالإضافة إلى نفقات "نقل" قادتها.
 
على مدار السنوات الخمس الماضية، كُشف إجمالاً عن 282 وثيقة من مجمع بن لادن، بالإضافة إلى 266 وثيقة ذات صلة، مثل دراسات المراكز البحثية ووثائق حكومية أميركية احتفظ بها بن لادن في مكتبته التي حافظ عليها في أبوت أباد.
 
وفقاً لبعض المسؤولين الأميركيين المطلعين على كومة الوثائق، فلم يُكشف عن نحو 100 أو 200 من وثائق زعيم القاعدة للعلن؛ بسبب الاعتقاد باحتوائها على بعض القيمة الاستخباراتية.
 
كما أفادت تقارير مبكرة حول وثائق بن لادن عن أن هناك المزيد من الوثائق. وبحسب مسؤولين أميركيين مطلعين على الوثائق، كان بن لادن محرر دقيق بلغ عدد مراجعاته لبعض الوثائق التي كتبها 50 مراجعة. كما احتفظ بعشرات الآلاف من الصفحات الممسوحة ضوئياً للمقالات الإعلامية التي تمكّن ساعيه من جلبها على وحدات تخزين، والتي كان يُحمِّلها على الحاسب الخاص به.
 
كانت تلك المراجعات المتعددة والعدد الهائل من المقالات الإعلامية السبب وراء الالتباس حول عدد الوثائق التي عُثر عليها في أبوت أباد.
 
أما الآن، فإن قرار الإفراج عن بقية وثائق بن لادن يقع بين يدي إدارة ترامب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد