عاملان سيتحكمان بأسعار النفط في 2017

mainThumb

23-01-2017 03:53 PM

السوسنة - الاتفاق المفاجئ على خفض إنتاج النفط الموقع بين منظمة الدول المنتجة للنفط أوبك و إحدى عشرة دولة أخرى منتجة للنفط على رأسهم روسيا في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2016 رفع الآمال بشأن ارتفاع الأسعار حيث تم التوصل من أجل خفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل في اليوم مع تحمل كل من السعودية وروسيا حصة الأسد في هذه التخفيضات .
 
و كنتيجة لذلك عرفت أسعار النفط الخام ارتفاعا ملحوظا منذ الإعلان عن الإتفاق , حيث ارتفع خام تكساس WTI بنسبة 48% على أساس سنوي , فيما ارتفع خام برنت بمقدار 56% على أساس سنوي في بورصة نيويورك .
 
وهناك شبه إجماع على تأثير الاتفاق الإيجابي على رفع أسعار النفط على المدى القريب , لكن الآراء و توقعات الخبراء والمراقبين تختلف وتتضارب حول وجهة الأسعار على المديين المتوسط والطويل بحكم وجود الكثير من المتغيرات التي تتحكم في العرض و الطلب و بالتالي أسعار النفط في الأسواق العالمية .
 
لكن هناك عاملين مهمين في الأسواق يجتذبان انتباه أغلب المحللين والمستثمرين , الأول هو مدى التزام الدول الموقعة على اتفاق خفض الإنتاج بتعهداتها خاصة مع و أن تاريخ مثل هذه الاتفاقات يشهد على الكثير من الخروقات اضافة الى عدم وجود آلية واضحة وموثوقة للمراقبة بيد منظمة أوبك. و أما العامل الثاني فهو ردة فعل شركات إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة مع ارتفاع أسعار النفط والذي سوف يساعد هذه الشركات على العودة إلى السوق ورفع الانتاج.
 
 
اتفاق خفض الإنتاج: إلى أي مدى سوف تلتزم الدول الموقعة؟
 
 
الإجابة عن هذا السؤال ليس بالأمر السهل والسريع , حيث سيكون من الصعب على المحللين والمستثمرين تشكيل صورة واضحة عن حجم الإنتاج الحقيقي من خلال تجميع المعطيات عبر مراحل عملية الإنتاج الثلاثة الإستخراج , النقل  و أخيرا مرحلة التكرير .
على خلاف الولايات المتحدة الأمريكية و التي تقوم وبشكل أسبوعي بنشر إحصائيات دقيقة حول حجم النفط المتوفر في الأسواق , فإن الأمر قد يستغرق عدة أشهر بالنسبة للدول المنتجة للنفط قبل أن تقوم بنشر هذه المعلومات ، إضافة إلى ذلك من المعروف تاريخيا أن الكثير من هذه الدول تنشر تقديراتها و لا تعطي أرقاما صحيحة .
 
هناك مصادر أخرى حتى وإن كان أقل دقة يمكن للأسواق أن تستعملها لتحديد نسبة التغير في حجم الإنتاج وذلك عبر مراحله الثلاثة .
 
 
مرحلة الاستخراج :
 
 
أول الإشارات التي سوف تحصل عليها الأسواق هي نتائج عمليات المسح التي تنشرها كل من بلومبرغ, رويترز ومؤسسة بلانس حول حجم الإنتاج في مواقع الاستخراج ثم تتبعها بعد أسبوع أو أسبوعين تقديرات كل من الوكالة الدولية للطاقة وأيضا إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
 
 
مرحلة النقل:
 
 
تقوم الشركات المنتجة للنفط بإخطار عملائها بحجم أي حمولة تقوم يشحنها قبل أسابيع أو أشهر من الوقت المحدد لوصولها، وبالتالي فإن المعلومات حول حجم الصادرات النفطية سوف تكون متوفرة ومعروفة مسبقا . من جهة أخرى وبمجرد أن تصير حمولة النفط في البحر فإن هناك الكثير من الشركات التي تقدم خدمة تتبع تدفق هذه الحاملات وذلك على الأقمار الصناعية.
 
و لكن فإن هذه الإحصائيات لن تكون دقيقة، أولا لأن حجم التخفيض المتفق عليه هو في حدود 4% من الإنتاج  الكلي للدول الموقعة على الاتفاق , وبالتالي فإن تأثيره على حجم و عدد الناقلات سيكون محدود.
 
مرة أخرى فإن انخفاض حجم الصادرات لا يعني بالضرورة انخفاضا في الإنتاج .
إضافة إلى أنه من الصعوبة بمكان تحديد مصدر النفط المعبأ في الناقلات ، إما من المخزون أو من حقول الإنتاج.
 
 
المخزونات الاحتياطية :
 
 
واحد من الأهداف الرئيسية لمنظمة أوبك هو التقليل من حجم الاحتياطات العالمية مما يمنع أسعار النفط من الإنخفاض،حيث تشير آخر إحصائيات صادرة عن أوبك بوجود 300 مليون برميل من هذه الإحتياطات و رغم أهميتها فإنها أخر الإحصائيات التي يمكن للأسواق الوصول إليها , حيث من المتوقع أن تقوم الوكالة الدولية للطاقة بإصدارها في أواخر شهر أبريل أو بداية شهر ماي المقبل .
 
تتوقع منظمة أوبك أن يحدث الإتفاق توازن في سوق النفط العالمي على المدى القريب قبل أن يتعدى الطلب على العرض في النصف الثاني من العام 2017.
و لكن حتى وإن تأكدت الأسواق من وفاء الدول الموقعة على الاتفاق خفض الإنتاج بتعهداتها فإن مخاطر تراجع الأسعار يبقى محتملا إذا ما قامت شركات النفط الصخري برفع إنتاجها.
 
 
النفط الصخري و مخاطر رفع الإنتاج :
 
 
لقد أظهرت شركات النفط الصخري مرونة و ليونة كبيرة تجاه انخفاض أسعار النفط الخام خلال العامين الماضيين، فرغم أن الكثير من هذه الشركات أعلنت إفلاسها خلال هذه المدة إلا أن الكثير من الشركات الأقوى والأكثر صلابة ماليا استطاعت الحفاظ على نشاطها عبر تحسين التكنولوجيا , ورفع الأداء التشغيلي مع خفض النفقات حتى بعد أن انخفضت أسعار النفط إلى ما دون 30 دولار للبرميل .
 
رب ضرة نافعة هذا ما يمكن قوله عن شركات النفط الصخري , حيث كان انخفاض أسعار النفط عاملا محفزا من أجل تخفيض التكلفة والاستثمار في التكنولوجيا ذات الفعالية الأكبر و الأحسن , و كانت النتيجة هي رفع الإنتاجية و إستقرار التكاليف،حيث أن تكلفة البرميل الواحد من النفط انخفضت إلى ما دون 60 دولار للبرميل الواحد.
 
وحسب تقرير صادر عن  مؤسسة وود ماكنثري الإستثمارية فإن أكثر من 60% من احتياطات النفط الصخري يمكن استغلالها إذا وصل سعر نفط خام تكساس WTI إلى 60 دولار للبرميل مما يعني أننا سنشهد إرتفاع كبير من إنتاج هذا النوع من النفط في حال اقتربت الأسعار من هذه المستويات .
 
ووفقا لتوقعات المحلل الإقتصادي أمين قسوم من المتوقع أن يزيد حجم إنتاج النفط الصخري بين 300 ألف و مليون برميل في اليوم في حال وصول السعر إلى 60 دولار خاصة مع خطط الرئيس المنتخب دونالد ترامب بتغيير و التخفيف من شدة القوانين التي تحكم قطاع الطاقة، من أجل تحقيق هدف الاستقلال الطاقوي في الولايات المتحدة الأمريكية .وهذا الرقم قريب من حجم التخفيض المتفق عليه مما يعني إعادة مستوى المعروض إلى مستوياته الأصلية قبل الاتفاق.
 
 
خلاصة القول :
 
 
أنه من الصعب بمكان توقع واستشراف أسعار النفط على المديين المتوسط والبعيد بحكم كثرة المتغيرات و عدد المؤثرين على الأسواق , في ارتفاعات أسعار النفط تسير في خط متوازن وبشكل طردي مع أهم المعوقات التي يمكن أن يحد من ارتفاعه , و هو ارتفاع إنتاج النفط الصخري وليس هذا فقط، فحتى الدول المنتجة للنفط الأخرى  والتي لم توقع مثل على اتفاق خفض الإنتاج كندا والنرويج  من المحتمل أن تضخ المزيد من النفط في الأسواق من أجل الإستفادة من إرتفاع الأسعار، و رغم بعض الأمل من أن تؤدي خطط ترامب الاقتصادية لرفع حجم الاستهلاك فإنه فمن المستبعد أن تكون ذات تأثير كبير.
 
وبالتالي فإن الكثير من المحللين يتوقعون أن يتم تعويض حجم التخفيض المتفق عليه و المقدر ب 1.8 مليون برميل بداية من النصف الثاني لعام 2017 بما قد يؤدي بالأسعار إلى إعادة الانخفاض مرة أخرى .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد