كرة الثلج الفلسطينية المتدحرجة

mainThumb

26-01-2017 11:52 AM

لم يتنظر نتنياهو وحكومة المستوطنين الأجانب التي يقودها ، وقتاً طويلاً في الرد المباشر والعملي على الأرض وفي الميدان على قرار مجلس الأمن 2334 ضد الإستيطان وتأكيد عدم شرعيته وتعارضه مع القانون الدولي ، ومع حقوق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه ووطنه ، الذي لا وطن له سواه . 
 
رد نتنياهو على القرار الأممي 2334 ، وخطاب كيري ، ومؤتمر باريس ، هو قرار المزيد من الأستيطان في القدس وعلى أرض الضفة الفلسطينية ، والعمل على تمزيق أرض الدولة الفلسطينية بالمستعمرات الإحتلالية ، والأخلال بتماسكها الجغرافي والديمغرافي وتحويلها إلى مناطق متقطعة مفصولة عن بعضها ، وغير قابلة للعيش المتجانس المشترك ، وتفتقد لمقومات الحياة الطبيعية . 
 
الفلسطينييون يكسبون على الجبهة السياسية ، وبالتحرك الدبلوماسي ، ليس فقط بالقرار 2334 ، وخطاب كيري ، ومؤتمر باريس ، بل وشجب البلدان الأوروبية الثلاثة التي ساهمت بتأسيس وقيام ودعم المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي على أرض فلسطين ، فقد  شجبت بريطانيا وفرنسا والمانيا قرار حكومة نتنياهو مشاريع الإستيطان الجديدة في القدس والضفة الفلسطينية ، وحتى إدارة ترامب حذرت من الخطوات الأحادية ، تأكيداً على ، وحصيلة لموقفين : أولاً تجاوباً مع الموقف الفلسطيني الحصيف والحكيم والتحرك الدبلوماسي رفيع المستوى ، وثانياً بسبب عدم الإرتياح الأوروبي إضافة إلى الروسي والصيني لإجراءات نتنياهو وإستفزازاته ومواصلة سياسته الإستعمارية التوسعية بما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ، ومعايير حقوق الإنسان ، وفتوى محكمة الجنايات الدولية . 
 
الفلسطينييون يكسبون على الجبهة الدبلوماسية ، وعلى المستوى الدولي ، ولكنهم يخسرون على الأرض وفي الميدان ، فكيف يكون ردهم ؟؟ ما هي الخطوات المطلوبة من شعب كريم في تضحياته ، ويتقدم في العطاء عن قياداته السياسية ، ويتفوق على أداء وسلوك ومصالح حركتي فتح وحماس ؟؟ .
 
المطلوب بكل بساطة وبدون فلسفة الرد الفلسطيني على الأرض وفي الميدان على الإحتلال والإستيطان ، لجعل سياسات وإجراءات حكومة نتنياهو مكلفة وهذا لن يتم ولن يكون بدون شجاعة الأقدام على إجراءات عملية ملموسة ، على الصعيد السياسي والكفاحي عبر توجهات الوحدة والتماسك والشراكة الوطنية الجبهوية بين مختلف الفصائل والشخصيات وفي طليعتها فتح وحماس المستأثرتين بسلطة محدودة في رام الله وغزة ، وكلتاهما أسيرتا رضى الإحتلال عنهما ، عبر تمسك رام الله بالتنسيق الأمني مع تل أبيب ، وتمسك غزة بالتهدئة الأمنية مع تل أبيب ، فالأولوية لمصالح الإحتلال هو الأمن الذي توفره فتح في الضفة وحماس في القطاع ، وفوق هذا وذاك تمسكهما الصارم ببقاء مصالحهما الحزبية التنظيمية الضيقة عبر الحفاظ على مكاسب السلطة المتوفرة لهما بفعل رضى الإحتلال الأمني عنهما . 
 
لقد حقق الأردن ، عبر تحركات ونشاط الملك عبد الله في زيارته غير الرسمية للولايات المتحدة ، ولقاءاته غير المعلنة مع قيادات فريق الرئيس ترامب ، حقق تأثير مباشر ونجاح ملموس مع فريق ترامب وهذا ما قاله للرئيس الفلسطيني ووضع خطوات عملية لمواجهة كافة الأحتمالات ، وإدارة ترامب لن تتخذ إجراءات سياسية إنفرادية قبل زيارات متتالية لكل من نتنياهو ، والملك عبد الله  ، والرئيس السيسي لواشنطن خلال شهري شباط وأذار قبل عقد القمة العربية في عمان ، إضافة إلى الثقل الروسي والأوروبي الحذر ، وتأثيرهما على إدارة ترامب التي تعتبر أن أولوياتها ، مواجهة الأرهاب ، ومواصلة المعركة الدولية المشتركة ضد الإرهاب لما له من تأثير على الأقتصاد والهجرة . 
 
من يراقب بدقة جبهة العمل السياسي والدبلوماسي ، يدرك أهمية الأنتقال التدريجي للموقف الدولي عموماً لصالح المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، وضد المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، ولكن حصيلة المراقبة للأداء الفلسطيني الداخلي ، حصيلة سلبية ، فنتائج الإنقلاب والإنقسام مازالتا ماثلتين ، رغم فشل النتائج طوال عشر سنوات ، وكل الأتفاقات والحوارات بين طرفي الأنقسام لم تعط ولو خطوة واحدة على طريق الوحدة ، ولم يعد طرفا منهما وحده يتحمل المسؤولية ، فكلاهما يعمل على الأستفراد بما لديه ، وكل منهما يعمل على تعزيز شرعية تفرده : 1- فتح في الضفة والمنظمة ، 2- وحماس في قطاع غزة والبديل عن منظمة التحرير ، لا هذا حقق ما يريد ولا ذاك ، ولا خيار أمامهما سوى الشراكة والتفاهم والوحدة . 
 
لقد دللت تجارب الأنجاز الفلسطيني الثلاثة : 
 
1- قيام منظمة التحرير وإستعادة الهوية الوطنية والتمثيل الموحد والحضور الدولي والإعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني . 
 
2- نتائج الإنتفاضة الأولى 1987 وإتفاق أوسلو 1993 . 
 
3- نتائج الإنتفاضة الثانية 2000 والإنسحاب الإسرئيلي من قطاع غزة 2005 ، على أن ما تحقق ، تم بفعل النضال الفلسطيني وإستمراريته . 
 
واليوم وغداً ، لن تتحول النتائج السياسية والدبلوماسية الدولية لصالح الشعب الفلسطيني ، وتنعكس على الأرض وفي الميدان بدون تدحرج كرة الثلج الفلسطينية الكفاحية الصغيرة والمتواضعة كي تكبر بالدعم الأردني والمصري والعربي والإسلامي والمسيحي والروسي والصيني والأوروبي ، وكسر الموقفين الإسرائيلي والأميركي ، بدون البدء بتدحرج كرة الثلج الفلسطينية لن يتراجع الإحتلال ، وبن يُقوض ، ولن يُهزم ، وكرة الثلج الفلسطينية لن تتدحرج بدون تفاهم فتحاوي حمساوي ، مع فصائل اليسار ، والتيار القومي والجهاد والشخصيات المستقلة ، معاً وسوياً ، من أجل فلسطين ، بدون ذلك ستبقى النتائج السياسية والدبلوماسية التي تحققت في الأعوام القليلة الماضية مثلها مثل قرار التقسيم 181 ، وقرار العودة 194 ، حبر على ورق محفوظة في ملفات التاريخ ، بدون تطبيق على الأرض لصالح الشعب المعذب الذي يستحق الكرامة والحرية والإستقلال . 
 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد