بين الطحالب. والجذور

mainThumb

27-01-2017 07:04 PM

يبنى الانتماء للأوطان من خلال سنين طوال من التجذر والانغماس وخلق نوع من التكامل الوجداني مابين الارض والانسان حيث تنشأ روابط كثيره مابين الفرد المتجذر وبين الكم الوطني بما يمثله من تاريخ وحاضر ومصير وهوية ونسب ورسالة وهم مشترك .
 
فيصبح الفرد مربوطا في مكان ما على سطح هذا الكوكب يسمى وطن لا يستطيع اي فرد طاريء حتى لو إمتلك العقارات والارصدة والمناصب والمكتسبات الطارئه ان يصل الى هذه المرتبة المتشابكة المتقدمة لينسب لهذا الوطن بكافة الروابط سابقة الذكر .
 
الاوطان بالمفهوم الوطني التقليدي ليست مرحلة عابره او محطة انتظار وليست دكاكين اوبقالات او حتى زحام يشكل تلوث بصري هنا وهناك اكثر منه تجمع وطني .. الاوطان حالة فدائية ملحمية عظيمة يستعد فيها الفرد الوطني بكل فخر لأن يقدم روحه وروح ابناءه وكل مايملك فداء لترابة الوطني ليسلم من كل شر .. فيقاس الانتماء بقدر التضحيات وليس بكم الارصدة .
 
هكذا تبنى الاوطان وهكذا يبنى الانتماء الحقيقي غير المنافق فعلى مر العصور لم يكن الفقر عند الشرفاء المتجذرين في اوطانهم سببا في ضعف إنتمائهم ولم يكن هو المحدد الاساس في كم الوطنية المترسب في ذاكرتهم المكتنزه كما لم يكن مقدار المكاسب والمغانم هو الذي يحدد ذلك  .. فالروابط الوطنية الحقيقية كما سبق واسلفت تتشكل وتتكون من عدة مسائل معقده ومتشابكه آخر ما يعنينا فيها الوضع المادي المتحقق للفرد من المكاسب الضيقة الخاصة التي لا تحمل هم الامة والوطن .
 
رسالتي من خلال هذه السطور المتواضعه ان فقر الناس وضنك عيشهم وضيق حالهم لايعني بالضرورة إنفكاكهم عن اوطانهم او الانقلاب عليها وان إستغلال فقر الناس للضغط عليهم لتحقيق ما لايريدونه لن يحقق المراد .
 
ان نضوج الوعي الوطني لدى الناس وامتلاكهم للثقافة الحقيقية التي تعبر عنهم وعن وجدانهم الوطني وسيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية التكاملية والحرية وحماية تدين المجتمع المنتمي هو من يحصن الاوطان ويحميها من الارهاب وليس التغريب والإنحلال وجر المجتمعات ليغردوا خارج السرب فيصبحوا كالريشه في مهب الريح .
 
الفرق بين الانتماء الوطني الحقيقي للاوطان وبين دعاة الوطنية لحصاد الارصده والمناصب غير الشرعيه تماما كالفرق بين إشراقة الفجر .. وبين حلكة الظلام ... الفرق بينهم تماما كالفرق بين شجرة متجذرة ضاربة الجذور في عمق الارض فلا تستطيع كل رياح الارض اقتلاعها وبين طحلب حقير نامي على وجه صخرة بائسة تستطيع بضع قطرات من ماء المطر ان تنهي وجوده .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد