نشأة الجماعات الإرهابية ومصيرها - د. وفاء العواملة

mainThumb

09-02-2017 11:23 AM

أولا : - نشأة الجماعات الإرهابية
 
في الواقع ان التنظيمات الإرهابية أو الجماعات الإرهابية لا يمكن ان تولد فجأة فلا بد من مقدمات لنشأة هذه التنظيمات وقد تكون هذه المقدمات متسلسلة متصلة ببعضها البعض أو مخطط لها على فترات محددة مثل تلك الحركات التي تنشأ ولديها بعض المطالب والتي يعتبرونها حقوقا لهم ويطالبون بها عبر أنشطتهم التي يمارسونها من أجل الضغط على السلطة الحاكمة لتنفيذها  أو من أجل لفت أنظار العالم الخارجي لقضيتهم وفي الغالب في بداية نشأة هذه الحركات يكون هناك تعاطف من قبل أفراد الشعب لهذه الحركات حيث يطالبون بها من خلال المسيرات والإحتجاجات والمظاهرات والإعتصامات ثم ما تلبث هذه الحركات أن تتحول الى العنف واستخدام وسائل غير قانونية وغير مشروعة للمطالبة بما يعتقدون أنه حقوق لهم وتتم بعد ذلك الإجتماعات السرية من أجل التخطيط والتنفيذ للأعمال التي سيقومون بها وذلك بسبب الرقابة الأمنية على ما تقوم به هذه الحركات أو التجمعات في الدول . 
 
تتم تغذية ظاهرة الإرهاب عن طريق توسيع التنظيم وامتداد أفقه فهناك بعض السلطات القمعية التي تمارس ضد الحركات التي تطالب بحقوقها تحول هذه الحركات الى حركات ارهابية بحته بسبب سياسة القمع والترهيب النفسي وانغلاق الافق السياسي وسياسة الإعتقالات والتعذيب التي تمارسها السلطة بحق من يخالفها الرأي او يطالب بما يراه حقوق له بعيدا عن السياسة الإنفتاحية والحوار وقبول الرأي والرأي الآخر وهذا كله يشكل أرضا خصبة لإحتضان الجماعات الإرهابية وانطلاقها سواء على المستوى الداخلي أم على المستوى الخارجي ويرى بعض المفكرين السياسيين أن هناك بعض أنظمة الدول العربية والتي حصل فيها الفوضى والإنقلابات استثمرت ظاهرة الإرهاب من أجل مصالح خاصة بها أو مصالح شخصية مما أدى إلى توسيع مفهوم الإرهاب. 
 
ويقول ايضا الكاتب أنور مالك المتخصص في شؤون الجماعات الاسلامية في حلقة برنامج (الواقع العربي) الذي نشر على موقع الجزيرة بتاريخ 19/2/2015 أن الانظمة القمعية تعمل على صناعة الإرهاب وتحدث عن تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) كان في بدايته  بسيطا في العراق الا انه وجد أرضية خصبة لينمو وأصبح الآن يسيطر على مساحات واسعة من الدول . 
 
وايضا تتغذى الجماعات الإرهابية وتكبر  بانضمام الشباب البائس اليها رغبة منه في تحقيق ذاته اضافة الى الظروف السيئة التي تحيط به سواء أكانت اقتصادية أم سياسية فتستغل الجماعات الارهابية او التنظيمية حالة الضعف التي تكون بها الدولة وعدم قدرتها على تحقيق أدنى متطلبات الشباب وتلبية احتياجاتهم ثم تغرر بالشباب وتدخل اليهم من هذا الباب ، بحيث تصور لهم حياة الرغد والعيش الكريم وتغدق عليهم الاموال والسيارات فيجد الشباب البائس والمظلوم في هذه المعطيات حبل النجاة له من الغرق في فوضى بلده ومشكلاتها السياسية والإقتصادية لذلك على الدول أن توفر فرص عمل للشباب من أجل مجابهة الفقر والحد من البطالة ونشر الوعي وتوسيع مظلة الديمقراطية وتمكين الشباب من ممارسة العمل السياسي ، وعليها ايضا إعادة النظر بالخطاب السياسي ووضع مناهج تدريس لمكافحة الإرهاب في المدارس والجامعات وإعادة النظر بالخطاب الديني ، فلا يعتلي المنابر في خطب الجمعة إلا من هو أهل لذلك لأن عالمنا اليوم أصبح يشهد العديد والعديد ممن يدعون أنهم علماء دين وهم على خلاف ذلك ، يضللون الشباب بمعلومات مغلوطة ومغرضة تؤجج الشباب وتدفعهم للإنخراط ضمن الجماعات الإرهابية بحجة الدين والدين منهم براء ، فالإسلام رسالة سماوية جاءت على يد سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم من أجل أن يحرر الناس من العبودية والإستغلال فأقام مجتمعا صالحا قائما على أساس العدل وإحقاق الحق ويرفض جملة وتفصيلا استخدام القوة  لنشر الإسلام كما يدعي علماء الزيف ، فقد جاء الإسلام بالفهم والحوار والإدراك والمعرفة والتعمق ، والإسلام يرفض العنف والتطرف والغلو لأنه مخالف لقواعد الشريعة الإسلامية ، ووضع الإسلام عقوبات لكل من يتعدى على حقوق المجتمع وحرم الإعتداء على النفس والأموال والعرض  .
 
إن شيوع الفكر التكفيري على مواقع التواصل الإجتماعية  وبعض وسائل الإعلام المغرضة والفضائيات أوقع العديد من الشباب في براثن الجماعات الارهابية فأصبحوا فريسة سهلة الصيد فانغمسوا بالأفكار المتطرفة يساندهم في ذلك المستشيخين شيوخ الفتنة الذين يحرفون الحقائق عن الدين ويلفقون أحاديث كاذبة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أجل أن يحققوا أهداف خاصة بهم فوقع الشباب في حيرة من أمرهم وعجزوا عن التمييز بين من ومن ، وهنا وجب إعادة النظر في الخطاب الديني وتوجيه الشباب نحو الصراط المستقيم عبر منهاج علمي قائم على الحقائق ودحض المزيف منها. 
 
ثانيا :  مصير الجماعات الإرهابية 
 
 لا يمكن لأي تنظيم مهما كان غاية في الدقة أن يدوم الى ما لا نهاية فكل شي مصيره الى زوال ومهما كانت التدابير اللازمة من أجل مجابهة الفعل الارهابي فانه لا يمكنها أن تقضي على الارهاب بشكل نهائي وعليه قامت مؤسسة راند الشهيرة الامريكية بعمل دراسة على مصير الجماعات الارهابية وضمت الدراسة حوالي 650 جماعة في الفترة الواقعة ما بين عام 1968 الى عام 2006 وكان هدف هذه الدراسة هو الاسباب التي أدت الى انتهاء الجماعات الارهابية أو التنظيمات ومن خلال النسب التي عرضتها المؤسسة تبين ما يلــــي :-
 
1- ان 43% من التنظيمات او الجماعات تنتهي في انخراطها بالعملية السياسية 
 
2- ان 40% من هذه التنظيمات تنتهي اذا استطاعت أجهزة الدولة الامنية والاستخبارية والمخابراتية اعتقال أبرز قادتها واعتقالهم والقضاء عليهم 
 
3- ان 10% تنتهي من هذه الجماعات اذا حققت النصر المنشود الذي وجدت لاجله وهذا نادرا ما يحدث 
 
4-ان 7% من الجماعات الارهابية والتنظيمية تنتهي بالعمليات العسكرية  . 
 
من خلال استقراء نتائج الدراسة التي قامت بها مؤسسة راند والتي تكونت في 7 فصول وكانت تتحدث في الفصل الثاني منها عن الجماعات الارهابية والاسباب التي تؤدي الى نهايتها . 
وأما الفصل الثالث والرابع فكانت الدراسة عن حالة الارهاب في السلفادور واليابان وخصصت الدراسة الفصل الخامس لدراسة التجربة الدولية في استخدام القوة العسكرية لمجابهة تنظيم القاعدة في العراق وأما الفصل السادس فكان يتمحور حول نشاطات تنظيم القاعدة وبخاصة بعد احداث 11 سبتمبر واستراتيجيات الولايات المتحدة في مجابهة هذا التنظيم وفي الفصل السابع فقد تم مناقشة اليات مواجهة الارهاب ومفهوم الحرب على الارهاب . 
 
فقد تبين للباحثة أن الدراسة تحدثت عن اليات وسبل مجابهة الارهاب الدولي والتنظيمات وبخاصة تنظيم القاعدة الا ان ما يؤخذ على الدراسة انها قديمة ومتأخرة في نتائجها نظرا لتسارع الاحداث فيما يتعلق بالارهاب الدولي والتنظيمات الارهابية وأن الدراسة عندما تحدثت عن اليات مجابهة الارهاب ذكرت بعض هذه الاليات بحيث تستطيع الدول او من هو مخول باتخاذ قرار مكافحة الارهاب تحديد الاولويات عند استخدامه لاي الية من اليات المكافحة ومنها العقوبات الاقتصادية او المفاوضات السياسية او الانشطة الامنية والشرطية او استخدام القوة العسكرية كل حالة بما يناسب وضعها والية مكافحتها كذلك تم الاستنتاج أن دخول الجماعات الارهابية في العملية السياسية من أجل احداث تغيير سياسي حقيقي يدفع هذه الجماعات لتقديم تنازلات من أجل أن تنصهر في المجتمع السياسي القائم وهنا تكمن حكمة الدول التي تعاني من تنامي ظاهرة الارهاب باجتذاب الحركات  الجهادية الى ساحتها السياسية لان ذلك يقلل من تكاليف محاربة الارهاب بالوسائل الاخرى وبخاصة في الحركات الثورية او الجهادية او الايدلوجية لا يمتلك القوة الكافية لضمان بقائها وعليه فالافضل لها أن تندمج في العملية السياسية لتحقيق ما تصبوا اليه من خلال الحوار البناء والمشاركة الفاعلة في السلطة . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد