اغتيال الصحافة الجادة

mainThumb

21-02-2017 11:01 AM

لا شك أن الصحافة الجادة الملتزمة في الدول العربية غير الديمقراطية تحديدا تواجه باستمرار سيف الارهاب والقمع سواء بمنع النشر أو المصادرة أو الحرب الاقتصادية .

 
لذلك رأينا نتائج ذلك على الصحافة الورقية الجادة في عالمنا العربي التي أجبرت على الاغلاق مثل جريدة المجد القومية ذات الاتجاه الناصري في الأردن وجريدة العربي الناصري في مصر ، وجريدة السفير في لبنان وكل هذه المدارس الصحفية ذات اتجاه قومي وهذا مؤشر خطير وقد يقول قائل أن هذا العصر هو للصحافة الالكترونية وهذا صحيح ، ولكن ليس بالمطلق .
 
لذلك فان توقف تلك الصحف أوجد حالة من الفراغ للصحافة الملتزمة والإبقاء على صحافة الكم للأسف على حساب صحافة النوع وهذا مؤشر خطير ولم يأت من فراغ بدون نظرية المؤامرة التي قد يتهمنا البعض بها .
 
ولو نظرنا لهذه الصحف نجد أن جريدة المجد في الأردن مثلا التي يمكن أن نتحدث عنها بحكم معرفتنا بها تعتبر الصحيفة الورقية الوحيدة المعارضة في الأردن ، وإذا نظرنا للظروف التي مرت بها منذ انطلاقها في 11 نيسان عام 1984م ، سنجد أنها تعرضت للمنع والمصادرة والسجن لرئيس تحريرها وهو القطب الناصري المعروف الاستاذ فهد الريماوي لمنع الاعلانات من خلال مدونة السلوك الاعلامية .
وصحيفة المجد التي شهد لها الجميع بما في ذلك من يختلف مع نهجها بالموضوعية والنزاهة والأمانة ، لذلك شكل غيابها حالة من الفراغ للصحافة القومية الجادة في الاردن ولا تختلف عنها الصحف القومية في الدول الشقيقة كالعربي الناصري في مصر التي كان يرأس تحريرها الاستاذ عبد الله السناوي والتي كانت من افضل الصحف في مصر بشهادة أغلب المهتمين بالشأن العام وحتى المعارضين للخط العروبي الناصري ، وكذلك جريدة السفير اللبنانية التي كان يرأسها الاستاذ طلال سليمان ، التي تعتبر من منارات الصحافة في لبنان .
 
وللأسف غابت أو تجاهلت القوى الوطنية والقومية والنقابات المهنية في الأقطار الثلاثة هذه الكارثة القومية ،  وأصبح الجميع مشغول بقضاياه الخاصة سواء القوى القومية والوطنية أو النقابات المهنية وعلاقاتها مع الحكومات .
 
لقد تابعت اغتيال صحيفة المجد في الأردن ، وبكل أسف وجدت ردة الفعل لم تصل لمستوى الحدث أي اغتيال الصحيفة ،  وحتى البعض من الكتاب عندما ناقش  قضية غياب الصحافة الورقية عبر مقالاته لم يتطرق للمجد من قريب أو بعيد مع أن الأولوية يجب أن تكون للمجد على الساحة الأردنية التي شهد لها القاصي والداني بالنزاهة والمهنية الراقية .
 
ان غياب هذه الصحف الثلاثة تحديدا يشكل ضربة لكل القوى المطالبة بالإصلاح والتغير السلمي ، وكم هو مؤسف أن نرى هذا التصحر الفكري بصحافة الكم واللون الواحد التي انتشرت ورقيا والكترونيا في الوقت الذي تغيب به صحف كالمجد والعربي والسفير .
 
والمجد هي صوت الاردني العربي بكل أمانة ونزاهة ومنبر المقاومة ورافعة شعار الوحدة والعتب على كل الوطنيين والقوميين الأحرار في كافة مواقعهم موصولا على بعض رجال الدولة المحترمين بكافة مواقعهم ، فكيف يسمحوا لصحافة ما هب ودب بالاستمرار  ونجد الاعلانات والاشتراكات من وزارات الدولة ومؤسساتها في صحف أبسط ما نقول عنها صحف أرصفة ، أتكلم هنا عن الساحة الأردنية في الوقت الذي تغيب تلك الاعلانات عن صحيفة المجد .
 
نتمنى  عودة تلك الصحف الجادة المجد والسفير والعربي بنسخها الورقية حتى تكون متناول يد الجميع وبعيدا عن نظرية المؤامرة ، ولكن أن تجبر تلك الصحف الثلاثة عن التوقف في وقت متقارب فهذا أمر ليس بريئا .
 
والأمة محتاجة لكل الصحف الملتزمة والأقلام الحرة وليس تكريس ثقافة   الاخ الاكبر كما جاء  في رواية الاديب البريطاني الكبير جورج ارويل (عام 1984م ) ، ولا عزاء للصامتين .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد