ليس بالسردين وحده يحيا الأردنيون !

mainThumb

04-03-2017 12:28 AM

يبدو ان الجهات الرسمية متكاتفة على تسخيف القضايا الوطنية بحيث تشغل الناس من حين الى حين بما يأخذهم بعيدا عن القضايا الوطنية الهامة.
 
  فبدل الحديث عن الفاسدين يزداد الفساد ويطفو ويعلو حتى صار مؤسسة واضحة، وصار الرويبضة بطل من ابطال العبقرية، ومن هو اكذب من مسيلمة الكذاب ناطق صادق يوحى اليه سياسيا، وناهب الأموال يتحول الى ايقونة يضاهي الاصنام: هبل واساف ونائلة وعشتروت وسائر اصنام العرب في التاريخ .
 
وفي كل حين تخرج لنا الجهات الرسمية بقصة سخيفة واخرها قصة السردين وانه لم يتم رفع اسعاره ونشرت الدولة أرقاما لاستهلاك الأردنيين للسردين وكأننا لا نأكل غيره، وفي الحقيقة ان السردين ليس من طعام المائدة الأردني وان الأرقام التي أعلنتها الدولة لا تتفق مح الحقيقة ولا مع جزء منها  مشكلتنا ليست السردين أيها الدولة، وانما مشكلتنا بالفساد ونهب الأموال والظلم ومنع الحرية وانعدام الديموقراطية والعدالة، وتغول الحيتان بحماية الدولة واستخدام القانون ضد الأردنيين فقط، واعلاء شان الغرباء على اهل البلاد. بما يبرهن على عدم حرص الدولة على الوطن وأهله وهويته وشرعيته بل محاربتها جميعا، وتستغل الدولة حرص الأردنيين على بلاهم وامنهم ومقدرات الوطن لتعيث الدولة وتعبث بكل شيء، ولكن ذلك الى حين تأتي بعدها لحظة يضيع فيها الجمل بما حمل.
 
لقد صار الفساد ونهب المال العام صار ثقافة وسلوكا مشروعا لأنه منهج أصحاب القرار، وما نشره النائب المحترم صداح الحباشنة على صفحته من تفاصيل موارد الدولة ومخرجاتها وكميات النهب يبين صدق ما نقول .
 
يقول ابن خلدون نظريته بفصل خاص تحت عنوان (الظلم مؤذن بخراب العمران) مستعرضاً صوراً لأنواع الظلم مؤكداً أن الفسق –ارتكاب المعاصي الكبيرة –بصورة فردية لا تؤدي إلى خراب العمران بصورة سريعة كما هو حال الظلم.
 
    نعم قد يكون ارتكاب المعاصي الكبيرة مؤذناً بخراب العمران، ولكن في حالة واحدة وهي إذا ارتكبت المعاصي من قبل النافذين في الدولة ولم تستطع يد القانون أن تطالهم، كونهم محميين بمكانتهم ونفوذهم، وبالتالي فهذه الحالة تكون الدولة ساعية في طريقها إلى السقوط. 
   وضرب مثلاً بقصة رمزية قدمها المويذان مستشار الملك بهرام الفارسي. وذلك عندما سمع الملك بهرام صوت البوم. فسأل مستشاره: هل لي أن أفهم كلامهما؟! (أي كلام البوم)؟
 
     فأجابه قائلا: (إن ذكر البوم رام / أي طلب نكاح / الزواج من انثى (البوم) فشرطت عليه عشرين قرية خاربة في أيام بهرام، فقبل شرطها وقال لها إذا دامت أيام الملك بهرام أقطعتك ألف قرية، وهذه سهل مرام. 
 
   وهنا تنبه الملك الفارس بهرام. ثم خلا بالمويذانا المستشار فقال له: أيها الملك: لا عز للملك إلا بالشريعة والرجال، ولا قوام للرجال إلا بالمال، ولا سبيل إلى المال إلا بالعمارة ولا عمارة إلا بالعدل. 
 
  أيها الملك: عمدت إلى المزارع والأرض فانتزعتها من أصحابها الذين يؤدون الخراج، وأعطيتها لحاشيتك فتركوا عمارتها وسومحوا بالخراج لقربهم من الملك. فاشتد المكس/ الضرائب على الباقين. فتركوا البلاد وهاجروا فقلت الأموال فهلك الجند جوعاً فطمع بك الخصم المتربص). وهنا سارع الملك إلى رد الحقوق فانتعش اقتصاد البلد وعادت إليه هيبته. هذا في بلاد فارس زمن الوثنية.
 
وهذا يذكرني بقصة تاريخية وقعت زمن العثمانيين عندما أرسل السلطان سليمان القانوني للعالم الشهير "يحي أفندي" يسأله: متى تنهار الدول وما هي علامات انهيارها؟ 
 
وكان رد يحيى أفندي: "ومالي ولهذا أيها السلطان ؟!"
 
تعجب السلطان وتحير من جواب العالم الفاضل فقرر الذهاب إليه بنفسه وسأله نفس السؤال وقال له: “أرجوك أن تجيب على سؤالي وأن تعد الموضوع جديا لأنه شن من شؤون الدولة؟”.
 
قال العالم يحيى أفندي:
 
 “أيها السلطان! إذا انتشر الظلم في بلد وشاع فيه الفساد وقال كل من سمع وشاهد هذا الظلم والفساد “ما لي ولهذا؟” وانشغل بنفسه فحسب. وإذا كان الرعاة هم الذين يفترسون الغنم، وسكت من سمع بهذا وعرفه.
 
وإذا ارتفع صراخ الفقراء والمحتاجين والمساكين وبكاؤهم إلى السماء، ولم يسمعه سوى الشجر والمدر… عند ذاك ستلوح نهاية الدولة!
 
وفي مثل هذه الحال تفرغ خزينة الدولة، وتهتزّ ثقة الشعب واحترامهم لها، ويتقلص شعور الطاعة لها، وهكذا يكون الاضمحلال قدَرا مكتوبا على الدولة لا مفر منه أبدا.” هذا زمن العثمانيين.
 
اما في الأردن، فيقول النائب المحترم صداح على صفحة الفيس بوك: ان مجموع واردات الدولة بالأردن: هو:46.76 مليار دولار سنويا وذكر حيثيات ومدخلات الأرقام بدقة. وانا أقول انها أكثر من ذلك بكثير لان هناك موارد تحت الطاولة لا تدخل في الخزينة ولا القنوات الرسمية ومنها بيع مقدرات الوطن.
 
ويضيف النائب الحباشنة ان كافة مصاريف الحكومة بالكامل بما فيها الجيش: 8.5 مليارات دولا سنويا، وان الفرق: 38.16 مليار دولار سنوي أي ان مجموع النهب السنوي هو 38 مليار دينار ويزيد (أي أكثر من 50 مليار دولار)،وبعد هذا يرفعون الأسعار ويقزمون المشكلة بانها ثمن علبة السردين التي ليست كلها صالحة للأكل البشري، قاتلهم الله، فلا تحسبون الشعب مغفلا ولكنكم في غيكم سادرون.
 
واما نحن فنقول: ليس بالسردين وحده يحيا الاردنيون


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد