ظاهرة انتحار المسنين في الأردن - طلال الفلاحات

mainThumb

23-03-2017 11:36 AM

نتفق جميعا على ان العام الحالي سجل ارقاما قياسية في عدد حالات الانتحار في الاردن وهي تحتاج لاثراء الواقع المعيشي بمزيد من الدراسات التي تتناول ظاهرة تنامي اعداد لمنتحرين كما ونوعا وبأبشع الوسائل الي لم يعتد عليها مجتمعنا من قبل .
 
تجدر الاشارة الى ازدياد اعداد حالات الانتحار في وسط  كبار السن لهذا العام وبهذا نحن امام مؤشر خطير ولافت الى تحولات اجتماعية، اقتصادية تربوية، ونفسية ادت الى بزوع هذه الظاهرة المقلقة.
 
يعرف المجتمع الشرقي والاردني على وجه الخصوص بأنه شديد التماسك اذا شكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى كما وصفه  رسولنا الكريم فكانت ظاهرة انتحار كبار السن لدى المجتمعات الغربية من المواد الاعلامية التي تنال استغراب المجتمع العربي بوصفه مجتمعا محافظا متمسكا ايما تمسك بعادات وتقاليد وتعاليم دينية تسمو بمحبة الوالدين وكبار السن ايا كان انتمائهم الديني والعرقي لا بل التحذير من اراقة دم كبار السن حتى في حالات الحروب وان كانوا من الد اعداء الامة والدين.
 
حري بنا كمجتمع اردني ومؤسسات مجتمع مدني ان نولي فئة كبار السن الاهتمام الذي يليق بهم فهم من اسس البنيان وغرس ثمار النجاح لمجتمع يعرف عنه بأنه مجتمع فتي ودولة ما يزيد على ثلثي سكانها ينتمون لفئة الشباب وتمتلك المقومات والامكانات لرد الجميل لفئة كبار السن بعد ان بلغوا من العمر عتيا .
 
الظاهرة تشير بوضوح الى تراجع دور الاسرة والعائلة بالاهتمام بفئة كبار السن لظروف اقتصادية احيانا ولانشغال الابناء احيانا اخرى وربما لضعف الوازع الديني وجهل الابناء والاقاب بأحتياجات كبار السن الذين ردوا الى ارذل العمر بعد رحلة طويلة وشاقة من العطاء والمعاناة لاعداد اجيال المستقبل الواعدة المتسلحة بالخبرة والعلم والمعرفة لبناء الذات والوطن.
 
كلما تقدم الانسان بالعمر شعر بوحدة وعزلة مصحوبة بتغيرات صحية ونفسية تتطلب جهود مضاعفة من الاقارب والاصدقاء لردم الفجوة المصحوبة بخوف يتنامى يوما بعد يوم بفقد رفاق رحلة العمر والذكريات الجميلة التي يقتات عليها كبار السن في ظل حياة معقدة وضجر من انشغال حتى ضغار السن عنهم بوسائل التكنولوجيا الحديثة وعلى رأسها وسائل التواصل الاجتماعي التي ينشغل بها الابناء والاحفاد حتى في مواعيد زياراتهم لذويهم واقاربهم من كبار السن.
 
نادي الجدات مبادرة ريادية كريمة لمديرية شباب البترا التي سعت لتنظيم عدة لقاءات ونشاطات ترفيهية جعلت من المديرية مرجعا لفئة (الجدات ) اللواتي رسمت الفرحة على وجوههن التي تزينها تجاعيد عميقة عمق الزمن فبات القائمين على النادي ينافسون الابناء في تقديم العون والرعاية لكبار السن وهي فكرة رائدة نتمنى ان تمتد لباقي مدننا الاردنية سيما وان كلفة المبادرة زهيدة مقارنة بالنتائج الايجابية الكبيرة التي يجنيها كبارنا واجدادنا الذين نشتم عبرهم عبق الماضي وعراقة الحاضر .
 
 
تمتلك الدول الغربية خبرة وامكانات هائلة في ايلاء فئة كبار السن جل الرعاية والاهتمام كما اننا  نكاد نجزم بأن الاهتمام يعود للتفكك الاسري وارتفاع حالات الطلاق وعدد افراد اسرة محدود يحول دون اهتمام الافراد بذويهم الامر الذي وضع الحكومات الغربية امام مسؤولية كبيرة  حيث نجحت  معظم المجتعات الغربية في توفير وسائل الرعاية والاهتمام لمسنيها ولكن ماذا لو تفشت الظواهر التي ادت الى ازدياد اعداد ودور رعاية المسنين في الغرب وتسللت الى مجتمعاتنا وحكوماتنا غير المهيأة للتعامل مع كبار السن واحتياجاتهم الخاصة ؟
 
ازدياد حالات انتحار كبار السن يشكل ظاهرة تدق ناقوس الخطر لتحولات اجتماعية واقتصادية وتربوية شاملة تتطلب تكاتف مؤسسات المجتمع المدني والافراد للاستعداد للتصدي للاسباب الدافعة باتجاة تنامي ظاهرة انتحار كبار السن وتوفير الرعاية والاهتمام اللازمين لهم  وهي ظاهرة دخيلة وغريبة على مجتمعنا المحافظ على اعراف وتقاليد عريقة ودين حنيف واحدة  من اسمى تعاليمه ان الجنة لا يمكن العبور اليها الى بعبور جسر بر الوالدين والاحسان اليهما مصداقا لقوله تعالى( وهل جزاء الاحسان الا الاحسان)....


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد