السموم المتحركة

mainThumb

29-03-2017 05:31 PM

ذات حضور كنت أتجول في أروقة صحيفة فسانيا بسبها ،وإذا بصوت يتسلل بعذوبة مداعبا مسامعي … استدرجني الصوت ووجدت اذني توجهني دون وعي  نحوه فأذا به نغمة هاتف ” أنا زينه .. أنا زينه .. أمضي في البساتين ”
لست أدري ساعتها كيف استطيع أن أعبر عن سعادتي ، فقد طافت روحي  في رحلة تجاوزت المكان و الزمان وأعادتني على بساط ساحر إلى زمن الرسوم المتحركة الجميل تلك الرسوم التي كانت تزرع فينا الكثير من القيم وتعزز فينا الأخلاق،  الرسوم التي جمعت  ما بين الفائدة والمتعة بالإضافة لجمال الرسم والتصميم .
 
كيف لا والكثير مما كان يقدم فيها هو إرث الإنسانية الأدبي والثقافي ؟. كالسندباد البحري وسالي وجزيرة الكنز وقصص الشعوب وفلونه وهايدي بالإضافة الى أنها تتكلم اللغة العربية ألفصيحة ما يجعل  الطفل يشعر  بالألفة مع لغته ،فكانت تشد الأسرة برمتها كبيرها قبل صغيرها .
 
 
عدت إلى البيت منشرحة الصدر والسرور يملأ  نفسي بعد ذلك الحدث الذي أعاد لي شيء من ذاكرتي المترهلة ..أدندن بزينة تارة و أخرى بفلونه وساعة أترنم على سالي .
 
و ما أن أخذت موضعي و قابلت الشاشة وجه لوجه ، وبكل ثقة تناولت جهاز التحكم وأخذت أقلب محطات الأطفال باحثة عن بقايا طفولتي المنسية … ولكن هيهات تكتمل فرحتي  لقد أصبت بالخيبة ما أن مررت  بتلك المحطات .
 
ماهذا ؟! أي قبح ذلك الذي يظهر على شاشاتنا . وأي بشاعة تلك التي يتم حشو عقول أطفالنا بها ؟! ومن ذا الذي تجرء على تشويه فطرتهم إلى هذا الحد ؟! .
 
لقد وجدت أشكالا عجيبة غاية في البشاعة لا تعرف ما كنهها أهي نبات أم حيوان أم جماد , وجدت أشياء مقرفة مقززة تشمئز منها نفس الإنسان الطبيعي ، أصوات وضجيح ،لا هدف لا جمال لا قيمة  ، وكأنما أفكار البشر عجزت عن استحضار ما هو جميل، أو عجزت ريشة الفنانين عن ابتكار  جديد .
 
من المسؤول عن خطف عقول أطفالنا و جرها نحو الهاوية ؟! وكيف نصمت نحن أباء ومعلمين ومثقفين ومسؤلين على ما يحدث  من تشويه افكارهم بسموم متحركة منزوعة الشكل منزوعة الحس والروح ؟! .
 
من هنا ومن هذا المنبر أنادي كل القادرين على البذل والعطاء أصحاب رؤوس الأموال ، مسؤلي الإعلإم ،أهل التربية والتعليم كل مخلص لأبناء أمته  بأن ينظروا بجدية إلى هذا الجانب الذي يمس نشء  بأكمله وأن يرتقوا بفن الرسوم المتحركة وانتقاء  ما هو  أفضل، ما دمنا عاجزين عن صنعه نحن  بأيدينا ، وأذكرهم بأن هذا الفن نحت يشكل عقول أطفالنا لا يزول مهما جرى عليه الزمن فمن واجبنا أن نسعى جاهدين لأن يكون الأفضل .
 
ولا انسى أن أذكر أولياء الأمور بأن لا يغفلوا عن مراقبة شاشات أطفالهم قبل فوات الاوان .

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد