سقوط سورية يعني: سقوط الأمة العربية

mainThumb

09-04-2017 11:38 AM

بعد سبع سنوات من الأزمة السورية وجدت أمريكا إن الزمن لا يلعب لصالحها ولابد من رؤية إستراتيجية جديدة وهي إدارة الصراع بدلاً من حله بعدما يئست من قدرة الجيش السوري على إخماد المؤامرات التي تحاك ضده، لذلك طلبت من داعش وأخواتها أن تقاوم بشكل أقوى، بعدما أصبحت بحالة من التفكك والتشتت، الأمر الذي أوقع جميع هذه الأطراف بالكثير من الأخطاء السياسية عندما رفعت سقفها السياسي وأوهمت الرأي العام بقدرتها على إسقاط الدولة السورية، فالمشهد الراهن يكشف على أن سورية صامدة في وجه التقسيم والتفكيك لأن سقوط سورية يعني بداية العد العكسي للوجود العربي كله.
 
ليس بعيداً عن الفكر الذي يؤمن بنظرية المؤامرة والتخطيط الاستراتيجي، فما يحدث في سورية  من أزمات لم يأت بمحض الصدفة، بل يعد تخطيط استراتيجي أمريكي -غربي فما حدث  قبل أيام من هجمة كيميائية في ادلب في بلدة خان شيخون شمال غرب سورية أكبر مثال على ذلك،   فقد أصدرت الادارة الامريكية حكمها، وأدانت الحكومة السورية بإرتكاب المجزرة الكيميائية، بدون دليل واضح وتحقيق دولي يثبت جهة الفاعل ولم تنتظر أي تحقيق دولي نزيه وشفاف ومحايد، مما يؤكد النظرية التي تقول أن خططها كانت مجهزة قبل هذه المجزرة، وجرى توظيفها كغطاء لها لضرب قاعدة الشعيرات الجوية التي تزعم انها خرجت منها الطائرات التي قصقت المنطقة بالكيميائي، لذلك فإن هذا العدوان الأمريكي يذكرنا بنظرائه في العراق وليبيا واليمن تحت ذرائع تبين لاحقاً انها مزورة ومفبركة، ولا تستند الى أي تفويض اممي، بالتالي إن الهدف من هذه الهجمة الإعلامية ضد الدولة السورية هو تدمير العرب بالكامل لكي لا يبقى صوت واحد ضد اسرائيل وسياستها العدوانية، ومنع ضرب المقاتلات السورية للطائرات الإسرائيلية التي تجاوزت الحدود، بالإضافة الى القضاء على  العروبة والروح القومية لكي تضع أمريكا المنطقة برمتها تحت مظلتها. 
 
في هذا الإطار  لا يمكن أن نفصل ما يجري في سورية  عما يجري في العراق ومصر وليبيا واليمن والصومال وغيرها، كما لا يمكن أن نفصله عن مخططات إشاعة الفوضى والصراعات الداخلية في الدول العربية، إذاً هو مخطط واحد يشمل المنطقة العربية كلها، وليس هناك من مستفيد منه إلا إسرائيل والقوى الطامعة في الهيمنة على مقدرات المنطقة، ولهذا ليس من الغريب أن نلاحظ أمريكا والغرب يقفون اليوم بكل قوة بجانب داعش وأخواتها في الحرب التي تشن على سورية، هم يفعلون هذا لأنهم يدركون أن داعش بهذه الحرب تقوم بأحد الأدوار المهمة في مخطط الإبادة الأكبر للمنطقة العربية كلها.
 
المؤسف في حال الشعوب العربية اليوم أنها لم تجد في ثورات الربيع العربي كل ما كانت ترجوه من نتائج وأهداف لتغيير أوضاعها، وان بعض هذه الثورات أصبحت مسيّرة من الخارج، بينما تزداد حكومات الدول العربية تباعداً فيما بينها، مما يجعل الحكومات والشعوب ومصائر الأوطان مرهونة عموماً للإرادات الخارجية، وباتت المنطقة العربية تعيش أجواء خوف من التقسيم لأن سياسة الغرب لا يمكنها العيش في منطقة قوية بل تريد تمزيقها وتفتيتها من خلال إظهار محاولات تعاطف كاذبة مع متطلبات الشعوب العربية للإصلاح وتعزيز الديمقراطية، وذلك لتحقيق مطامعها وأهدافها في المنطقة.
 
أمام هذا الواقع لا بد من صحوة الضمير من قبل الشعوب العربية وأن تعي خطورة ما تقوم به الدول الاستعمارية من أهداف سعياً لتعزيز أمن إسرائيل والسيطرة على مقدرات البلاد، ويجب إدراك المصلحة الحقيقة للأمة العربية وعزل أمريكا وإسرائيل من أن تكون اللاعب الرئيسي أو الفرعي في تقرير مصير الصراع ومآلاته، بإختصار شديد يمكنني القول أن العزيمة والثبات والشجاعة والإيمان بالنصر التي تحلى بها أفراد الجيش السوري فاقت كل وصف، لذلك فالإستراتيجية التي اتبعت لإسقاط الدولة السورية  قد فشلت، وهي لم تحقق ما كانت أمريكا وغيرها تأمل بتحقيقه، وسقط الرهان على إسقاط  دور الجيش خلال هذه الأزمة.
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد