تعليم من قاع الكيلة - فرح أبو شنب

mainThumb

24-04-2017 12:58 PM

لوهلةٍ أيقنتُ أنّي فقدت ثقتي في بعضِ المدرسين وبعضِ أساليبِ تدريسهم التي يتبعونها، طِوال حياتي المدرسية أو الجامعية القصيرة كان يمرُّ عليّ بعضُ الأساتذة يجعلونني أفقد ثقتي، ليأتي غيرهم قِلة ويعيدوا قليلاً من الأملِ الذي فقدته.
 
أتدّعون العلم وحمل الشهادة و"تحملونا جميلتها" بعد أن تنعتونا بأوصافٍ واللهِ لا يرضاها عاقل، تدمرون ما تبقى لنا من نفسية "معطتها الحياة"، تقللون من إبداعنا، تثبطون معنوياتنا، تعاندونا، تقارنوننا بالغرب وانجازه وتطوره وابداع شبابه وانتاجهم، تَصبون جامَّ غضبكم علينا في محاضرة لا تتجاوز الساعة، ثم تخرجوا لتمارسوا حياتكم الجِدُّ طبيعية؛ بعدما دمرتم خلايا دماغنا، وبرمجتموها على أننا طلابٌ متخلفون، لا نجدي نفعاً " ولو بشلن" ؟ 
 
أيُّ إبداعٍ تنتظرون؟ وأنت يا مدرّسي القدير الذي تجلس خلف الطاوِلة، لا أرى منك في الخمسين دقيقة إلا صراخٌ وعتاب، تستكثر علينا القيام عند شرحِك، تصرخ في وجهي عندما أنسى متى كان إعلانُ قيام دولة اسرائيل، وعندها تعلم أنّه يصادف تاريخَ ميلادي تنعتني بالشؤم، تصفني بعدم الوطنية لأني لا أعلمُ اسمَ قريةٍ في وادي عربة شمال مدينة العقبة تدعى "قطر"، بربّك أكنت تعلمُ بوجودها عندما كنت في التاسعة عشر من عمرك؟ أتركتَ لي مجالاً لأبحثَ وأعود لك متحمسة بكمِّ معلوماتٍ يرضيني ويرضي عقلك الغير قابل على فهمِ جيلنا؟ 
 
وكما يقولون " كله كوم وأساليب شرحهم لتعاليم ديننا كوم ثاني"، فِعلياً أنت ستكره الساعة التي أردت فيها تعلّم تلك التعاليم لديننا الراقي، فبعظهم لم يتركوا مجالاً لأنفسهم للرقي، 
 
أتيتُ للتقرب من الله والهداية؛ لكن بأسلوبك الهمجيّ أنت تنفرني من كل ما أردته، أهذا يرضي ربك يا معلمي ؟ ألم تعلمك سنين دراستك في البكالوريوس والماجستير وحتى الدكتوراة، أننا دين الوسطية والتعامل الراقي والتسامح ؟ 
 
العتب ليس عليهم لوحدهم، العتب على كل من أنشأهم وزرع فيهم تلك المبادئ التي دمرتنا.
 
الخير مزروعٌ وباقٍ في هذه الأمة حتى لو انحرف بعضهم عن مسار الخير، ففي نصف تلك الأهوال التي تراها في مسار التعليم، إلا أن أصحابَ الخيرِ والأصلِ يظهرون كما يظهر البدرُ في ليلةٍ عقيم. 
 
المعلمُ هو من يبني مجتمعاً متحضراً متماسكاً، المعلم هو من ينهض بأمتنا، هي نفسها الأمة التي فقدتم الأمل منها ولعنتموها بسبب همجيتنا، لا بل بسبب همجيتكم . 
 
اعذرني معلمي، واعذر معلوماتي الوطنية الضعيفة، واعذر تقصيري في ديني، واعذر جهلي النابعُ عن كسلي، واعذر أيضاً علاماتي المتدنية في مادتك، فإني واللهِ لا أضع لوماً كاملاً عليك، حاشا لله. إنما أردت أن أذكّرك قليلاً بأنك أول من يصنعني، أنت من يرفعني، أنتَ أقوى مَن تجعلُ مِن دماغي نهضةً لأمتنا.
 
اللهم اعذر أمةً قصّرت في أساليب تعليمها ووضعت كامل لومها على حربٍ أو فقرٍ أو فسادٍ أو قِلةٍ في دخلها، أو غربٍ ما فعلوا سوا أنهم تقرّبوا للعلم وأحبّوه وعلّموه بصدقٍ ونقلوه وفهموه ظهراً عن غيب، أحسنَ المعلمُ فأحسنَ له الطالب.
إمّا أن نقوىٰ بكم، أو نسخط بسببكم، لأنكم واللهِ عمادُ أيِّ أُمة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد