الموظف .. هزيمة وإنتصار !

mainThumb

29-04-2017 11:29 AM

 قبل حلول منتصف الشهر ، تلفظ محافظ الموظفين أنفاسها الأخيرة ! فيركنها الموظفون في إحدى زوايا بيوتهم ؛ ولكنهم يحتفظون ببطاقة الصراف الآلي في جيوبهم ، ليكونوا جاهزين لقنص رواتبهم القادمة في لحظة نزولها ... !!!
  
وفي العشرة الآواخر من كل شهر ؛ يبدأ الموظفون بشن غاراتهم المكثفة على الصراف الآلي ؛  غارة يحركها الطفر والفقر ؛ وغارة يحركها  ؛ ( رب ولعل وعسى ) ؛ ... أما الغارات الأعنف للموظفين ؛ فهي الغارات التي تعقب إشاعة أو دعاية عن نزول الرواتب ... !!!
    
بين الكر والفر والتأهب والترقب والاستنفار ، يمضي الموظف أيام شهره الأخيرة  ؛ وكلما فترت همته أيقظها طابور من المتجمهربن أمام صراف آلي معين ... وبسرعة كبيرة يندفع الموظف خلف الناس المتجمهرين ؛ ويدخل بطاقة صرافه وهو يردد بلهفة„  : يــــــا فــرج اللـــــه ... ! يــــــا فــرج اللـــــه ... !  ؛ فإن حصل على راتبه  ؛ تهلل وجهه واستبشر ؛ وإن خيب الصراف اللعين ظنه  ؛ بدت عليه الكآبة والضجر ... !!! 
      
ولكن لا طريق أمام الموظف وسيعيد الكرة  ؛ صباحا” ومساء” وعند الظهيرة ... !  ؛ وكلما هم بإدخال البطاقة ردد وبلهفة„  : يـــــا فــــرج اللـــه ... !  يـــــا فـــــرج اللــــه ... !
  
فإن أستجيب لمطلبه ، شعر بالإنتصار وجلب لأهله الغنائم  ... ولكنه انتصار لن يعمر طويلا” ، فالهزيمة ستتكرر قبيل منتصف الشهر ... !!! ؛  فمتطلبات الحياة أكبر بكثير من الموظف البسيط ومن راتبه ...  ومهما فعل الموظف وخطط ورسم ؛  ومهما قنن وتفنن ؛ فراتبه لن يكفيه وأسرته لمنتصف الشهر  ... وأي مناسبة أو مفاجئة تواجهه في حياته ستعقد الأزمة وتكدر المشهد  ... !!!
 
 
المطالب والفواتير والالتزامات على الموظف ليست سهلة  ؛ وراتبه البسيط سيخذله ولن يكمل شهره ... !  ؛ وفي لحظة معينة فلا بد للموظف من الإستدانه ... ! ولكن ؛ من الذي سيقرضه ... ؟ وأكثر الأثرياء وأصحاب الأرصدة تحولوا إلى بنوك متنقلة ؛ يقرضون ويشترون وعلى نظام المرابحات الإسلامية وغير الإسلامية ... !!! ...سيتذكر الموظف نصيحة الأجداد القديمة  :  (  ما حك جلدم مثل ظفرك ) ... وعندها سيذهب لبنكه المعني للكشف على راتبه ؛ وهذا علاج مخدر ولحظي وله أخطاره ...  ؛ فالبنك المعني لن ينتظر ، وسيقتص من راتب الموظف عند لحظة نزوله ؛ وعندها ستتفاقم مشكلة الموظف لتصبح أكبر  ... !!!
   
 الموظفون الشرفاء والبسطاء ينقصهم الكثير ولديهم الآمال والأحلام الكثيرة ؛ وبعضهم تقاعد وانتهت خدماته وهو يحلم بحياة وظيفية أجمل .... بعضهم كان يحلم براتبين في نهاية العام وعلى غرار بعض المؤسسات والشركات ؛ ... وبعضهم كان يحلم بسكن كريم ينقذه من عناء الإيجارات  ... وبعضهم حلم بطرد تمويني يأتيه كل فترة ... وبعضهم حلم بعيدية رمزية تفرحه مع أبناءه  ... ! ... أحلام كثيرة لم تجد التعبير ولا التأويل ولا التفسير  ... !!! .
       
حياة الموظف البسيط  أشبه بحياة السجين أو الأسير ؛ فهو يستعجل مرور الأيام وينتظر بلهفة„ ساعة الفرج  ... الموظف البسيط حياته نصف حياة وشهره تصف شهر ... ! 
 
كان الله في عون الموظف البسيط وهو يطارد راتبه المتمنع ... كان الله في عونه كلما وقف أمام الصراف الآلي وردد بلهفة„ : 
 
يــــــا فرج اللـــــــه ... ! يــــــا فرج اللـــــــه ... !


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد