العناد على خطأ - رلى زيد الكيلاني

mainThumb

04-05-2017 08:42 AM

ضعف في إدارة الذات يخفي قصوراً في مهارة أساسية ألا وهي!
 
تضطرك بعض الشخصيات في كثير من الأحيان إلى خلع ماسك الشخص المتحضر الذي يناقش بالمنطق وبلغة محترمة للتعبير عن رأيه، لتلبس "ماسك" المشكلجي أو "حامل السلم بالعرض"! البديل هو أن تضطر للسكوت عن يأس أو تخجيل، أو عن انصياع لثقافة الاستخفاف بكل شيء فهي ثقافة محببة لهؤلاء.. ثقافة الاستخفاف التي تنبع عن حب "الأنا".. EGO .. فكل واحد فينا شيخ، استحق هذه المشيخة أم لم يستحق، وكل واحد فينا يزداد شعوره بالمشيخة عندما ينجح بعناد أو تلاعب-  يخلو في كثير من الأحيان من القيم النبيلة - إلى تجاهل الآخر وتجاهل رغبته بالتواصل لإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف وتقلل من التعنث الغبي الذي يعكس قصور كبير في مهارة حل المشكلات. 
 
المشكلة لا تقف عند ضعف المهارة، المصيبة أن يرضى البالغ العاقل الذي يعيش في منظومة مجتمعية تسعى للتحضر، وزمن صار يرفص العقلية غير المنتجة ويستبدلها ويقلب للذي بعده بطرفة عين، يرضى هذا البالغ أن يعيش دون محاولة تتيح لخلايا الجزء الأيمن من دماغه بالتفكير، مجرد التفكير بماذا لو حاولت أن أحل المشكلة؟؟ هذا الجزء من الدماغ هو الجزء المسؤول عن الإبداع والتعاطف. 
 
جهود كبيرة تبذل في جميع الأصعدة في مجتمعاتنا، وعلى الأغلب هي جهود فردية لأناس مبدعين خلاقين يعيشون على شعور الإنجاز، ويتنفسون السعادة من خلال قدرتهم على إحداث التغيير، هذه الشخصيات موجودة، إلا أنها محاطة بأطنان من المخلوقات ثخينة الهمة، وثخينة المخ، تلك التي لا ترضى أن يزيد وزنها حتى تظهر بالمظهر اللائق، لكن ترضى أن يزيد ثخن بطانة الغشاوة على همتها، وذكائها، حتى تبقى مرتاحة في مساحتها الآمنة من الـ لا - جهد، تبذل من الجهد فقط ما يكفي لإخماد مبادرات التغيير للأحسن، وإثبات أن الخطأ صح، بالمسايسة والتغطية والتطنيش. 
 
نتهرب من مسؤولياتنا بكلمة : مادخلني! نتهرب من فرص إيجاد الحلول بكلمة: عندي كتير أشياء أهم، وآخرتهم المعترضين يسكتوا! ونتهرب للأسف من واجبنا الإنساني بكلمة: مش عاجبك، دور على بدائل! إلى متى سنتحمل مثل هذه الشخصيات التي تعيش على طاقتنا وطاقات أطفالنا، وتتغذى على فرص التطوير التي يمكن أن نحققها بأبسط الوسائل. الحلول قد تكون بسيطة جدا، إلا أن التعنث على الخطأ صار أسهل، وصار مبدأ يمشي به كثيرون، ويحاولون بالتجاهل، أو باتهامك إنك إنت مشكلجي إضاعة الفرصة لتسمية الأشياء بمسمياتها وبالتالي "حل المشكلة يضيع".
 
قد يقرأ البعض في سطوري القليلة هذه انحيازا لموقف شخصي، لن أنكر ولكن أصحح، هي مواقف كثيرة أواجهها ونواجهها جميعا، وأسمع الجميع صغارا وكبارا، يعانون منها. تعلمنا ونحن صغارا أن من يخطيء يعتذر ويصحح الخطأ! لكن اليوم هناك كلاشيهات فارغة تتيح للكبير أن يخطيء وينزه نفسه عن الخطأ ليس مقاما، ولكن ضعفا وقصوراً في المهارات العاطفية والتفكيرية.  لطالما كان مصدر كتاباتي هو ما أراه مستفز من حولي، مستفز لمشاعري، ولذكائي ولقيمي، وأعتقد أن دور الكاتب المفكر هو أن يستشعر هذه المستفزات ويحاول أن يضعها في إطار عقلاني، ولا أعني بالعقلانية إلغاء العواطف، بل إعمال الفكر بالشعور لنصبح قادرين على تطوير ذكاءاتنا بشكل حقيقي. 
 
ما الخطأ في أن نخطيء! نحن بشر.. اخطأ! وواجبي عليك أن أحترم إنسانيتك، وأمنحك فرصة لتصحيح خطئك. لكن لا تفرض علي أن أطنش عن أخطائك! لا تفرض علي أن أجاريك في خطئك لأي هدف من أهداف المراوغة غير المسؤولة! لا تقل غلطة بسيطة مشيلي إياها، لأن أولادي لن يحترمونني إن فعلت ولن يحترموك! اعترف بخطئك، وكن محترما لتفرض احترامك على الصغير والكبير! لا تخف من الخطأ، بل خذ منه فرصة لإحداث التغيير، ولإثبات أن خلايا دماغك التي تعنى بحل المشكلات "شغالة"، وخلايا ذكائك العاطفي التي تمكنك أن تكون قائدا ملهما ، وليس مديرا فحسب، "شغالة" هي أيضاً، عندها فقط سأجاريك، وتكون قد كسبتني كشخص يحترم خبرتك الإنسانية، ويحترم ذكاءك! ومن يدري قد أسوّق لك أيضا!!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد