أجراس الحرب تقرع في المنطقة العربية - د. حسين البناء

mainThumb

08-05-2017 10:05 AM

لم يعد خافيا على متابع ذلك التصعيد الإعلامي والسياسي "الرسمي" بين ما بات يتضح ويتبلور من استقطابات مستجدة في المنطقة العربية، الأول: محور طهران والذي يتم تسويقه على أنه "هلال شيعي" من باب إضفاء الصبغة الطائفية والدينية عليه، ويضم بطبيعة الحال إيران وسوريا والعراق و (حزب الله) اللبناني و الحوثيين في (اليمن)، وقد يجد هذا المحور مستوى ما من الدعم والغطاء السياسي الدولي من روسيا والصين وكوريا، مضافا لذلك التعاطف في الشارع العربي من الكثيرين، بما أنه يمثل لهم "محور ممانعة مقاوم" للمشروع الغربي الداعم لإسرائيل.
 
في المقابل من ذلك يتشكل التحالف "السني"  بقيادة الرياض، ويقف في صفه مصر وتركيا والأردن ومعظم دول الخليج العربي، ولعله من الواضح ذلك الدفع الأوروبي والأمريكي والإسرائيلي في هذا الاتجاه.
 
اللقاءات "السنية-الترامبية" المحمومة مؤخرا والتصعيد الإعلامي الذي تلاه، ربما يعكسان نية جادة بالفعل العسكري على الأرض. وربما ستكون ساحة الصراع ملحوظة بقوة في اليمن وسوريا، وقد يتم التوسع في بؤر أخرى كغزة وجنوب لبنان والعراق بحكم كونها مناطق تماس بين المحورين المتنافسين.
 
الولايات المتحدة وأوروبا وبتحريض صهيوني لن تسمحا بأن تتمكن طهران من استكمال هلالها المتين والمتواصل جغرافيا وديموغرافيا لكي يحادد ويحد إسرائيل، ويهدد مرحلة جيدة من الاستقرار أتاحت لتل أبيب الفرصة لترتيب جميع ملفاتها وتحسين صورتها عالميا.
 
في الوطن العربي فقط تجد بأن التاريخ يعيد نفسه دون أدنى تعلم من الماضي، فعندما تورط العراق - في سنوات ثمان عجاف من الحرب مع إيران - لم يجن العرب سوى تمكين الثورة الإسلامية من النجاح الداخلي، وتدمير الدولتين وتكبيدهما عظيم الخسائر، ويبدو أن الرواية ستتكرر على نفس المقدمات والنتائج.
 
إيران جادة في مشروعها القومي الطموح، وهي في طور متقدم منه، ويبدو أن لا شئ سيوقف هذا المشروع نظرا لحجم الأوراق التي بيد آية الله "البراغماتي"، فعلى الصعيد الداخلي نجد قطاعات عسكرية شديدة الولاء للمعصوم، وشبكة اقتصادية معقدة تدير ثروة ضخمة لتمويل النظام، وملايين من شديدي التعاطف معه.
أما خارجيا فلا يمكن تجاهل السكون الصيني و الحراك الروسي و التعاطف الكوري، والأكثر فاعلية، تمدد حجم النفوذ الإيراني في جنوب العراق وجنوب لبنان واليمن وسوريا، هذا إذا أخرجنا حالة غزة وحماس من المعادلة تجاوزا.
 
كان من الممكن والمفترض أن تكون إيران داعم للقضايا العربية ومساندا في ملفات كثيرة نلتقي عليها كقضية فلسطين مثلا، لكن يبدو أن هنالك إصرار من النظام العربي وتحالفاته الخارجية على تقديم طهران بمظهر العدو الأقرب والأكثر خطورة، ولا نعرف جذور ذلك تماما، أهي أزمة شرعية أم تبعية أم قراءة خاصة يعسر علينا إدراكها.
 
خارطة الشرق الأوسط الجديدة سوف تضع كلا من تركيا وإيران وإسرائيل في المقدمة، مع تضاؤل جلي للقوى العربية التقليدية المؤثرة. لو نظرنا براغماتيا للمصلحة القومية العربية فإن الخيار (العربي- العربي) الذاتي هو أفضل الحلول، ولكنه غير واقعي بعد ما آلت له الأمور من فوضى ودمار في وطننا العربي الذي لم نعد نعرف أهو في مخاض أم احتضار.
 
المصالح القومية العربية لن يحققها سوى التوجهات الاتحادية للأقطار العربية وعلى الصعد كافة، والبناء على قيم أخلاقية و إنسانية سامية وجامعة، كالحرية والعدالة والمساواة وحقوق وكرامة الإنسان، مقرونا ببرامج تنمية اقتصادية حقيقية، وممارسات ديمقراطية كذلك. بدون ذلك فإن الخمسين سنة القادمة على أمتنا ستكون مجرد تجاذبات بين هذا وذاك وصراعات عبثية، ولعل هذا مجرد إصرار على اجترار التاريخ، ولكن بعناوين مغايرة، وبأطر جديدة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد