ماكرون وبريجيت .. زواج تحدّى فارق السن فهل يصمد داخل الإليزيه؟

mainThumb

24-05-2017 11:53 AM

السوسنة - نحو ربع قرن يفصل بريجيت ترونو عن زوجها الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون.

قصة حب عنيفة جمعت الزوجان منذ أن كان ماكرون طالبا بالثانوية في الـ 15 من عمره، وتحدت جميع العقبات، لتكلل بزواج يستمر منذ 10 سنوات.
 
لكن، ومع دخول ماكرون قصر الإليزيه، تتواتر الشكوك حيال إمكانية صمود هذا الزواج بوجه انتقادات قد يصبح لسهامها وقع مختلف في ظل اليوميات المتغيّرة لرئيس بلد بوزن فرنسا، مع أن خبراء يؤكّدون أن احتمال استمرار نجاحه وارد للغاية، مستحضرين قصة النبي محمد (صلعم) والسيدة خديجة.
 
**حبّ يخترق الزمن
 
حين دخل ماكرون، في تسعينيات القرن الماضي، إلى درس الفرنسية في معهد "لا بروفيدونس" بمدينة "أميان" القريبة من نهر "السوم" شمالي فرنسا، لمعت عيناه وهو يتفحّص أستاذته بنظرات لم تغب عنها بعد ذلك.
 
ماكرون كان موهوبا في كتابة القصائد، وهذا ما جذب انتباه أستاذته إليه، ومع أنه لم يتجاوز حينذاك الـ 17 من عمره، إلا أن وسامته بدت مكتملة النضج، حتى أنها استقطبت نظرات أستاذته إليه.
 
أما بريجيت فكانت حينها متزوجة ولديها 3 أطفال، غير أن شغفها بتلميذها تغلّب على ما يبدو على جميع الإعتبارات الأخرى، سيما وأن المقرّبين منها يقولون إن زواجها من أندري لويس أوزيير كان مدبّرا، وربما خاليا من المشاعر، وهذا ما يسّر عملية انفصالها عنه في 2006.
 
في الأثناء، تلقّت بريجيت "أجمل" عبارات الحب من ماكرون، كما تقول في مقابلة لها مع مجلة "باري ماتش" المحلية: "سأتزوّجك مهما فعلت"، كانت تلك عبارة ماكرون حين عرض عليها حبّه، فرفضته بحجة أنها متزوجة في ذلك الحين.
 
وبالنسبة لوالدي ماكرون، الطبيبان، فنزل خبر عشق ابنهما لأستاذته عليهما نزول الصاعقة، وحاولا إبعاده عنها بشتى الطرق، وحين استنفذا جميع الحلول الممكنة دون جدوى، قررا إرساله لمواصلة تعليمه في العاصمة باريس.
 
لكن حتى أضواء باريس لم تفلح في وأد شعلة الحب الملتهبة بداخل المراهق، وظل وفيا لحبه لأستاذته، قبل أن يلتقيها مرة أخرى، وكانت قد انفصلت عن زوجها.
 
وفي 2007، تزوج الثنائي في مدينة "توكيه" شمالي البلاد، وسط انتقادات واسعة من المقرّبين منهما، واستمرت بريجيت في مهنتها إلى حين اختار الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا أولاند، ماكرون ليكون وزيرا للإقتصاد، فكان أن قررت تكريس وقتها للمسار السياسي لزوجها.
 
** "فارق السن لا يحول دون السعادة الزوجية »
 
غفران حسايني، الباحث التونسي في الحضارة والفكر الإسلامي يرى أن فارق السن بين الزوجين ليس معيارا للسعادة الزوجية، بقدر ارتباط الأخيرة بالتفاهم والتوافق والرضا بين الطرفين.
 
حسايني استحضر، في حديث للأناضول، قصة زواج النبي محمد (صلعم) من السيدة خديجة مع أنه لم يتجاوز حينها الـ 25 من عمره، فيما كانت هي في الـ 40، وقد رزق منها بمعظم أبنائه.
 
قصة قال إنها تشكّل نقطة مرجعية من شأنها أن تصحّح الأفكار النمطية السائدة، والتي غالبا ما تجعل من فارق السن لصالح الرجل، المعيار الأساسي لإختيار شريكة الحياة.
 
ومما تقدم، اعتبر الباحث أن نجاح زواج النبي محمد من خديجة رغم فارق السن بينهما يثبت أن هذا الأمر لا يشكّل نقطة توقّف في العلاقات الإنسانية، والأمر نفسه يمكن أن ينطبق على زواج ماكرون وبريجيت، إذ طالما قام ارتباطهما على المودّة، فمن المستبعد أن تزعزعه جدران الإليزيه بكل ما فيها من متغيرات.
 
وبخصوص الانتقادات اللاذعة التي تطال الزوجان ماكرون، منذ تسليط الضوء على فارق السن بينهما خلال حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة، أشار الباحث التونسي أن مثل هذه الوضعيات تعدّ اختبارا لمدى تماسك الزوجان، وقدرتهما على تحدّي العقلية الذكورية المهيمنة حتى على المجتمعات الأوروبية التي تدّعي التفتح وتتبنى المساواة بين الجنسين.
 
كما شدّد على أنّ الصفات العقائدية ومقدار التوافق، تظل المعايير الجوهرية لإختيار الشريك.
 
** «سعادة الزوجان ارتداد لصورتهما الإجتماعية»
 
"الحياة الزوجية من أكثر المقاربات تعقيدا في الوجود"، تقول أستاذة علم الإجتماع فتحية السعيدي، معتبرة أن هذا التعقيد هو نفسه ما يجعلها معرّضة للاهتزازات في تفاعلها المباشر مع محيطها الاجتماعي.
 
الباحثة التونسية اعتبرت، في حديث للأناضول، أن الرجل حين يتزوج إمرأة تصغره بكثير، لا يلاقي تسونامي الانتقادات نفسها حين يحصل العكس، أي حين تتزوج امرأة برجل يصغرها سنا.
 
وأبرز مثال على ذلك هما الزوجان الأمريكيان والفرنسيان، فع أن ميلانيا ترامب تصغر زوجها الرئيس دونالد بـ 24 عاما، إلا أن الضوء لم يسلط على هذا الجانب من حياتهما إلا خلال الحملة الرئاسية، قبل أن يخفت تدريجيا منذ توليه الحكم.
 
وخلافا لذلك، لا يزال الرئيس الفرنسي وزوجته يواجهان السيل ذاته من السخرية الذي بلغ حتى البلاتوهات التلفزيونية ليغدو فارق السن بينه وبين بريجيت موضوع تهكم مستمر، وهو ما لا تستبعد الباحثة أن يؤثر بمرور الوقت على علاقتهما.
 
فتغير السياق ودخول الإليزيه، منحا بريجيت لقب سيدة فرنسا الأولى، ما يعني أنها ستظل في دائرة الضوء على الدوام، مع كل ما يحمله ذلك من مخاطر أن تصاب علاقتها بزوجها بفتور ناجم عن نفاذ طاقة احتمالهما في مواجهة السخرية من فارق السن بينهما.
 
وبالنسبة لـ «السعيدي»، فإن هذا الزواج، ولئن قد يصاب بالصدع نتيجة ما سبق، إلا أنه مجبر في النهاية على المحافظة على صورة متماسكة ومستقرة في عيون الفرنسيين والعالم أجمع، ممن يكن الكثير منهم تقديرا خاصا لسيدة ضحت بالكثير من أجل تلميذها الذي علمته ثم تزوجته وساندته إلى حين دخوله الإليزيه.
 
كما أن الكثير منهم يحترمون ماكرون الذي لم يتخل على رفيقة دربه رغم رياح الانتقادات العاتية، ومعارضة أهله، مفضلا أن يرفع يدها عاليا ويقبلها أمام الملايين ليلة إعلانه رئيسا لبلاده في 7 مايو أيار الجاري.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد