سياسيو العالم الحديث لا زالو بعقلية العصور الحجرية - م. محمد فندي

mainThumb

24-05-2017 03:39 PM

مما لا شك فيه أن وجود الدولة العثمانية لقرون وظهور الاتحاد السوفييتي بعيد الحرب العالمية الاولى على الرغم من الكثير من سلبياته سواء على مستوى السياسة الداخلية او الخارجية كان له اثرا ايجابيا في ظهور عصبة الامم المتحدة بعد الحرب العالمية الاولى ومنظمة الامم المتحدة بعيد الحرب العالمية الثانية الامر اللذي ادى معه الى تقليص الاستعمار القديم والاستعباد المباشر للشعوب وحصره في المناطق الحدودية الملاصقة كما هو الحال مع روسيا سيما وان كافة الشعوب المضطهدة في اوطانها كانت دائما تتجه نحو نقيض مضطهديها.

 
قبل الاتحاد السوفييتي كانت الدولة العثمانية تقف وحيدة في مواجهة القوى الاستعمارية التقليدية التي انتهجت سياسة سادية في الابادة الجماعية للشعوب، اسبانيا ومجازرها ضد العرب والمسلمين في شمال افريقيا وضد الازتيك والاينكا والمايا في امريكا الوسطى والجنوبية بعد سقوط الاندلس والبرتغال كذلك لولا تدخل العثمانيين في المغرب العربي ودحرهم للغزو الاسباني - البرتغالي هناك. سياسة الابادة الجماعية والديموغرافية الاسبانية والبرتغالية للعرب والمسلمين في كلا البلدين دفعت قسما منهم اللذي لم تسعفه الهجرة الى التخفي في الغابات والمناطق البعيدة عن اعين القاشتال والكاتالون والبرتغاليين لقرون الى ان تقشفت امور عذاباتهم التاريخية بفضل تحسن وسائل الاتصال والانتقال حيث اتيحت لي فرصة الالتقاء باحد المسلمين البرتغاليين اللذي لجأ الى الكويت في السبعينات من القرن الماضي وفرصة أخري للالتقاء باحدهم في غرناطة واللذي رجاني ان لا ابيح امره.
 
روسيا ما قبل الاتحاد السوفييتي واستعمارها لكافة الشعوب المسلمة في أسيا الوسطى وتدميرها لكافة الرموز التاريخية لشعوب القافقاز وأسيا الوسطى سواء الثقافية أو الدينية واضطهادها بل وتشريدها شعوبا بكاملها كالشراكس والتتار والشيشان والداغستان وغيرهم من الطاجيك والقرغيز ...... وبناء مستوطنات خاصة بالسلاف الروس على حساب هذه الشعوب المسلمة في جلها في اراضيها حيث ما زالت مستوطنات الروس قائمة حتى يومنا هذا ونلاحظ بعد تقشف الامور في اعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي ان الروس مارسو ضد هذه الشعوب استعمارا ثقافيا ايضا لا بل وصل الأمر حتى في عهد الاتحاد السوفييتي ان الروس لم يقومو بتجربة نووية واحدة داخل الاراضي السلافية التاريخية بل جل تجاربهم النووية كانت تتم في أراضي الشعوب الاسلامية المستعمرة.
 
 فرنسا وافعالها التي يندى لها الجبين في شمال افريقيا وخاصة في الجزائر وتدخلاتها المستمرة في افريقيا حتى يومنا هذا بحجة مكافحة الارهاب بل ووصل بها الأمر الى اثارة الفتنة في افريقيا الوسطى ودعم المكون المسيحي ضد المكون الاسلامي في هذا البلد وحضها على هجرة المسلمين في اتجاه تشاد وهذا ما حصل ويحصل، تامرها مع الانكليز والروس ضد الدولة العثمانية الداعمة للشعوب المضطهدة، استغلالها لهذه للشعوب وتجنيد مواطنيها رغما عنهم في الحرب نيابة عنها في كل مغامراتها الحربية، حتى ان كل من يدقق في المقابر الفرنسية في دول البلقان يكتشف أن شواهد القبور الهلالية تغلب كثيرا على الشواهد النصرانية. تهجير ونقل العرب الجزائريين اللذين ناضلوا مع المجاهد عبد القادر الى جزر نائية في المحيط الهادي. تنصير مدغشقر بحد السيف بالكامل في سياسة طائفية مريضة. قطع رؤوس المناضلين الجزائريين بعد اسرهم والتفاخر بذلك. جل التجارب النووية الفرنسية جرت في الصحراء الجزائرية  ولاحقا في المحيط الهادي بعيدا عن الأراضي الفرنسية ليبقى الشعب الجزائري يعاني من الاشعاعات المسرطنة للابد. عدم انسحابها من كامل جزر القمر. اختطاف الأفارقة واستعبادهم بالتنسيق مع الاسبان والبرتغاليين والانكليز وترحيلهم للعالم الجديد للخدمة في مشاريعهم هناك دونما ادنى ذرة من الانسانية.
 
لم نكن نعرف شيئا عن ماذا كان يجرى في كل من استراليا ونيوزيلاندا الى ان بتنا نسمع حديثا عن اعتذار حكومة البيض في استراليا للبولونيز وهم السكان الاصليين لاستراليا، بما يعني انه كان هناك ممارسات ابادة جماعية تتم بعيدا عن اعين العالم اجمع ضد هؤلاء المواطنين الاصليين في بلادهم من طرف الانكليز وهذا ما ينطبق ايضا على نيوزيلادا وكثيرا من جزر المحيط الهادي التي ما زالت مستعمرة من طرف بريطانيا حتى يومنا هذا. تآمرها مع فرنسا وروسيا ضد كل مساعي التصنيع وعوامل النهضة في مصر والعراق والبلدان العربية بالاضافة الى الدولة العثمانية وضربها لكل مسعى عربي للتقدم واخيرا خلق كيان صهيوني دخيل في فلسطين ادي الى تشتيت وتدمير كل جهد تنموي عربي. تدميرها مع وريثتها امريكا لكل ما يمكن أن يهدد بقاء اسرائيل وعودة الفلسطينيين الى وطنهم.
 
تدرك كل الدول العظمى الاهمية الجيوسياسية والثقافية الجامعة للعالم العربي وهذا ما دعاهم الى نبش كل ما يثير الفتن في البلدان العربية مستغلين مجموعات او اقليات عرقية او ثقافية في سبيل تحقيق ما تهدف اليه من ابقاء العربي دائما اسير عبائة وعقالا كانا تاريخيا رمزا للكبرياء والعفة والشهامة والشرف، بينما هم يستبيحون أرضنا وسمائنا ومياهنا لتمزيق بلداننا العربية الواحدة تلو الاخرى وهو ما يحصل حاليا في العراق وسوريا وليبيا وربما غدا دولا عربية اخرى مستعينين في ذلك بدولة اخرى مارقة غير اسرائيل ما زالت اسيرة ماضي فارسي بائد لارهابنا وتشغيل مصانعهم علي حساب جيوبنا ومقدراتنا والحيلولة دون كل المشاريع التي من شانها أن تجمعنا لا ان تفرقنا بما في ذلك امتلاكنا لكل ما يحصن سيادتنا من تصنيع وتوطين للتكنولوجيا.
 
كل هذا يشير الي أن منظمة الأمم المتحدة بشكلها الحالي ما زالت لا تستطيع النهوض بعقلية ونمط تفكير السياسيين في هذا العالم لينحوا جانبا عقلية العصور الحجرية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد