عندما يتورّط الكبار - عبدالهادي شنيكات

mainThumb

24-05-2017 04:24 PM

 في هاييتي، إبّان الحروب الأهلية ، وكنا هناك ، قال لي أحد القادة ، إنّ قوات فرض السلام الدولية الأخرى كالبرازيل، تتفادى الدخول في مواجهات مباشرة مع عناصر وميليشيات محلية، وبالفعل بدا هذا واضحًا حين كان قادة تلك القوات يتحايلون باستمرار على أوامر الأمم المتحدة المتعلقة بتنفيذ عمليات عسكرية داخل المخيمات والمدن ، بل واعتادت هذه القوات الناطقة بالبرتغالية والاسبانية  أنْ تقف بعيدًا أثناء حدوث مثل تلك العمليات من قبل قوات دوليّة أخرى كالأردن، وكانت السياسة البرازيلية ترى أنه لا حكمة في الحاضر أو المستقبل من خلق عداوة بين دولة جوار كهاييتي ، لانّ السياسات تتقلب والشعوب لا تنسى ثاراتها، وتحتفظ بحق الرد أو الانتقام في الوقت المناسب، ولأسباب أخرى تدرك جليًّا عمق السياسات والأهداف الخارجيّة من وراء  إثارة الشغب والفوضى في المنطقة هناك.

 
وعلى الجانب الأخرى ، يكون التساؤل؛ لما تتورط وتنجر دولة كبيرة كالسعودية في حروب داخل الإقليم بهذه السهولة ؟، وهي التي من المفروض بها أنّ تكون الداعية إلى السلام والحوار ، والتي يحكم العالم كله من خلال سياساتها وحنكة رؤسائها على الرؤية الإسلامية  حول طريقة التعامل مع المقابل، سواء كان إرهابيًا أو غازيًا ، أو  حتى أن يكون الوضع برمته خدعة كبيرة، ومؤامرة طويلة الأمد.
لا شكّ إنّ المكانة الدولية والفرص والخيارات التي تمتلكها دولة بهذا الحجم هي هدف خارجي قديم جديد من أجل إضعافها اقتصاديًا والتقليل من قيمتها وشأنها إسلاميًا، لتكون في لحظة  حاسمة قابلة لأن تصنف دوليًّا كدولة إرهابية أو راعية له ، ومن يتابع بدقة يرى أنّ جزءًا  لا بأس به من هذا الهدف تحقّق.
 
 الدول الإرهابية الكبرى المثيرة للفوضى ترى أنّ السيطرة على دول عربية إسلامية كبيرة كالسعودية ومصر والعراق يختصر الوقت و يسهّل من مهمتها في إدامة الخراب والتخلف في هذا الإقليم. وإنّ انخراط هذه الدول في حروب إقليمية وداخلية يثير حقد الجميع ، وهو الذي يخلق عداوة لا تنتهي حتى بين الشعوب العربية أو الإسلامية نفسها، علاوة أنه يبعدها نوعاً ما عن الواجب الإنساني العام الذي يطالب به المجتمع الدولي. 
 
تغيّرت في الآونة الأخيرة نظرة الشعوب إلى حكامها ، وأصبحت في ظل فضاء من الحريات العامة صريحة الحديث وباحثة  في نفس الوقت عن بدائل غير تلك التي ختمت بطابع ديني أطّر بالاجتهاد الفكري لا بالنص الشرعي المبين، وذهب جمع كبير من المثقفين  إلى العودة إلى المحفوظ لاستدراك ما تم زجه في عقول وقلوب الكثيرين حول تعاليم  معينة يعتريها حجم مهول من الشك وتثار حولها العديد من الأسئلة.
 
إنّ استغلال نقاط القوة ، ورمي نقاط الضعف في الدائرة الإسلامية الدولية ، يجنّب السعودية والعرب والمسلمين كوارث قادمة ، بل ويسهم في حل قضايا مصيرية عالقة، الكرة في مرمى هذه الدول وهي من تتحمل مسؤولية ما يحدث بكل تفاصيله وتداعياته الآن وغدًا ...
 
shnaikatt@yahoo.com  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد