معاناة برائحة الزعتر

mainThumb

29-05-2017 12:33 AM

 هنا بدأت إم رياض معناتها حينما روج التلفاز بعض الأعلانات عن مؤسسة مختصة بأعطاء القروض الشخصية وبدأت تفكر بتمويل مشروع شخصي حينما رأت نماذج عن سيدات من نفس الوضع الإجتماعي يزرعن الزعتر والميرمية ويربين قطيع من الغنم والدجاج وشراء المستلزمات الخياطة ، كانت تَصور أم رياض الأرملة التي تربي أبنائها على تقاعد زوجها البسيط الذي لا يغطي حاجيات المنزلية أنها ستخرج من مطب الفقر وتذهب الى العيش الكريم والمستور .
 
   وكل ليلة تتابع أم رياض مسلسلها المفضل ومن خلال ذلك المسلسل يظهر  أعلان عن تلك المؤسسة المعنية بمنح القروض مع مقابلة مع إحدى النساء التي تقول أنها نجحت في تجربتها وحققت الأرباح في مشروعها الإنتاجي  وها هي تربي ابنائها وتصرف على دراستهم وانها تعيش حياة مستورة لكن لا نعلم مآ مدى صدق كلام تلك السيدة وإنها هي عبارة  دور تمثيلي مثلا عن مادة إعلانية فقط ولها أجرها وأنها أختيرت لتشجيع السيدات لصالح تلك المؤسسة التي يعشن في نفس الظروف الحياتية ، كبرت الفكرة في رأس أم رياض وذهبت تأخذ القرض وكان ضمان القرض هو  تقاعد زوجها المتوفى ووقعت على الأوراق ويديها على قلبها خوفا  ،وبدأت تطبق وتقلد أفكار تلك السيدات تارة تزرع الزعتر وتارة تشتري بعض الغنم  والدجاج ، في البداية حققت أرباح وبدأت تسدد القروض لكن ماذا جرى لأم رياض تنافس عليها سيدات المنطقة وتغلب عليها  جشع التجار فأصبحت تتواجد بكل الأسواق المنطقة في كل الأجواء الباردة والصيفية لحتى تبيع منتجاتها بربح او خسارة لتأمن فقط قوت يومها لتتكبل مصاريف النقل والهم والتعب ومن بعدها مرضت أغنامها  وتأخر عليها الأقساط وباتت أم رياض حزينة فليس كل المواسم يَصلُح فيها بعض المزروعات وليس هي بخبرة كافية في علاج الأغنام حتى لم تأخذهم الى الطبيب البيطري  وظهرت علامات الفقر واليأس من جديد على ملامحها . 
 
    هل كل من اقترض من تلك المؤسسات الخاصة بالمشاريع الصغيرة مصيره السجن ؟ وهل كل صاحبة مشروع معرضة للأفلاس ؟ يبحثن النساء عن مشاريع تناسب المجتمع التي ينتمين اليه لكن لم تراعي المؤسسات الأقراض خاصة المؤسسات المتعلقة بقروض المرأة مثلا تقلبات السوق مثل العرض والطلب وأيضا الركود ، لما لم تضع تلك المؤسسات  خطط متابعة لتلك السيدات في مشاريعهن ولما لم يتم مراعاة ظروفهم الإقتصادية وتهيئة الأجواء التسويقية لهن من خلال اقامة مهرجانات خاصه لعرض منتجاتهم ، لِما لم تساهم هذه المؤسسات في مساعدتهن لإنجاح مشاريعهن والتخفيف من الفوائد وإقامة الدراسات عن المشاريع الناجحة ليستفيد منها اصحاب القروض  . 
 
   أم رياض مهددة بالسجن كمثيلاتها بحال عدم تسديد القرض لتبكي وهي تشرح معاناتها في إتصال هاتفي عبر إحدى البرامج الإذاعية لتقول هذه تجربتي وهنا مصيبتي ، والى الآن تلك المؤسسات الإقراضية التي ظهرت بالأنتشار مؤخرا وسمحت لها الحكومات الحالية والسابقة أن تلعب دور في تحسين الأحوال المادية بل زادت المعاناة والفقر و أصبحت كالحبل حول العنق يخنق بل يقتل كل طموح وكل بيت مستور خسر مُعيله وهو خلف القضبان السجن .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد