علاقة ترامب ب(الهمبورغر)

mainThumb

02-06-2017 11:30 AM

ترامب في سلوكه الشخصي يشبه ذلك الرجل السمين الذي استؤمن على خلطة الهمبورغر في مطعم مشهور لتصل الشطيرة إلى الزبائن منقوصة المقادير.. وما على رواد المطعم إلا أن يعتبروا هذا المنتج الأمريكي الشهير رائعاً لأنه ذو نكهة ترامبية.. فكل ما يفعله الرئيس جائز وممكن ومقبول.
 
ولكن هذه النتيجة لا تنطلي على الخصوم لأن الهبورغر علامة تجارية أمريكية لا بد من تكليفها بمعطيات الكمال حتى تسوق وتدر أرباحاً سخية على أصحابها.. وعلى معدِّ الخلطة أن يلجم فمه المغموس بالكاتشب ويشد الحزام كيلا تطغى شخصية الولد المدلل على مستقبل بلاد العم سام.
 
هذا ما يحدث مع ترامب رغم ذهابه إلى أقصى درجات التكسب الشخصي من خلال  الصفقة المليارية التي أبرمها مع العربية السعودية وسيطر من خلالها على منابع النفط في أكبر منتج له في العالم.. ورهنها بالتالي للدولار الأمريكي الذي يتحكم  بسياسة  أوبك الاسترايجية.. وكي لا نبتعد عن السياق نًذَكِّرُ بأن ترامب الذي لم تخرجه مجموعة «بيلدربرغ» السرية من دائرة المراقبة الحثيثة، قد حصل مقابل تلك الصفقة على رشوة تتمثل بيخت تقدر قيمته ب 300 مليون دولار على شكل هدايا شخصية وليست اعتبارية باسم الرئيس، ناهيك عمًا اكتسبته ابنته ومستشارته إيفانكا من رشوة مقنعة تحت عنوان دعم سعودي وإمراتي لمؤسسة إيفانكا ترامب الراعية لصندوق سيدات الأعمال ب 100 مليون دولار!
 
ووفق محللين فإن الغاية المنشودة من وراء إبرامه لهذه الصفقة الضخمة؛ تتعلق بإنقاذه من الملاحقات القانونية التي يرمي إليها خصومه ومن خلفهم مجموعة «بيلدربرغ» السرية الرامية إلى إعفائه من منصبه الرئاسي بحجة خرقه للأمن القومي الأمريكي على خلفية تنسيقه الفني والاستخباري مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين أثناء حملته الانتخابية وذلك بالتجسس على مكالمات منافسته الديمقراطية كلينتون في الانتخابات الرئاسية، واعتبار أن النتيجة مشكوك بأمرها وذات طابع "خياني"، ولا تتوافق مع الشروط الموضوعية، ما سيذكرنا بفضيحة وترغيت التي أسقطت الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون في منتصف القرن الماضي بتهمة التصنت على هواتف الحزب المنافس..
 
الرئيس ترامب (المدلل) ما لبث على عاداته القديمة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتنفيس عن أزماته إزاء ما تتناوله وسائل الإعلام المختلفة حول ممارساته السياسية وقراراته المختلفة.. ولضيق صدره كان سرعان ما يصاب بالإحباط.. فهل هذه من مرتكزات الشخصية القيادية التي تتحكم بمصير أكبر دولة في العالم! إذْ تقول تقارير نشرت على صعيد عالمي" الرأي الإلكترونية" بأن ترامب يقضي غالبية أوقاته وهو يشاهد البرامج الإخبارية المتنوعة، وغالباً ما يستشيط غضباً ويصيح على التلفاز لدى مشاهدته تقارير يعتبرها سلبية بحقه، فيرد بتناول هاتفه وتدبيجه تغريدات غالباً ما تكون ردوداً ضمنية على ما شاهده، حتى أن ترامب غالباً ما يستقي معلوماته من الوسائل الإعلامية التي يتابعها، ولا يستبعد أن يصب جام غصبه على تغريدات قد يطلقها مواطنون عاديون؛ وهو ما دفعه إلى الإدلاء بتصريحات خاطئة مبنية على ما شاهده أو سمعه، الأمر الذي أثار حرجاً كبيراً بين الأميركيين، إذ كيف يمكن للشخص الذي يتمتع بحق الإفادة من معلومات جمعتها أكثر أجهزة الاستخبارات تفوقاً في العالم، أن يدلي بمعلومات خاطئة، يستقيها من مواقع لا مصداقية لها؟ فما فائدة أجهزته الاستخبارية إذن!؟
 
ويمكن إجمال مظاهر تخبطه الإداري ذات البعد النفسي بعدة سلوكيات مرصودة إعلامياً، أهمها طلبه أن يكون العرض الاستخباراتي اليومي مرفقاً بصور وجداول توضيحية لأنه لا يحب القراءة، وربما تدهشه الصورة وتكويناتها المعرفية أكثر من النصوص التحليلية والمجدولة. أيضاً قضائه غالبية أوقاته بمشاهدة برامج إخبارية، وكما أوضحنا كيف كان يستشيط غضباً لدى مشاهدته تقارير سلبية بحقه، ويتصرف على صعيد شخصي كمراهق في ردوده الانفعالية التي تحول الأجهزة الاستخبارية إلى أبواق دعائية تواري فضائحه؛ والنتيجة أنه لا يمكن لأي فريق انتهاج استراتيجية إعلامية متماسكة فيما الرئيس غير منضبط ويبث تغريدات على هواه.
 
صحيح أن ترامب حول إدارة البيت الأبيض إلى دائرة عائلية من خلال تنصيب ابنته أوفينكا وزوجها كوشر كمستشارين رئاسيين له؛ ولكن مجموعة «بيلدربرغ» السرية تتابع السلوكيات الفردية للمستشارين أعلاه وتتجاهل الشكليات في هذا الشأن؛ لأن ما يهمًها في هذا الصعيد هو كشف السر الدفين الذي يكمن وراء طلب كوشنر لقناة الاتصال السرية مع موسكو! لتطرح المجموعة أسئلتها فيما لو كان هذا الطلب جاء بناءً على أوامر من ترامب أم أنه تصرّف فردي غبي؟
 
الرهانات على مستقبل ترامب ما لبثت مشرعة الأبواب على كل الاحتمالات، بينما غمامة فضيحة وترغيت السوداء  تحوم من فوقه.. ولن تسعفه ما يحقق ترامب من مكتسبات اقتصادية للبلاد؛  فهي ستظل في محصلة الأمر مجيرة للإدارة الأمريكية بكل دوائرها الفاعلة، وسيتم متابعتها وربما البناء عليها؛ لا بل لن تشفع لترامب حتى لو ضخ لخزينة واشنطن الترليونات من الدولارات التي قد تساهم في ظاهرة زحف الصحراء القاتلة نحو مدن الخليج العربي القائمة في الأصل على قوة الدولار الأمريكي المتحرك وصاحب المبادرة والقرار بنزول المطر أو عموم الجفاف في عالم تحول إلى حديقة خلفية تعربد فيها القوى العظمى.. وهذا ترامب صانع الهمبورغر ما زال يعبث بالمكونات فيما يقف الطير على رؤوس الأشهاد وهم يصفقون ويهللون ويدافعون عن كذبة أن المنتج الترامبي فوق الشبهات." يا للخيبة"
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد