الجزائر : جمع النفايات على الحمير بالمدينة العتيقة

mainThumb

20-06-2017 11:16 PM

 السوسنة - تعجز السيارات عن دخول القصبة المدينة العتيقة في العاصمة الجزائرية المصنفة ضمن التراث العالمي لليونيسكو، نظرا لضيق أزقتها وهندستها فتتم الاستعانة بالحمير لرفع قمامتها.

 
عند ساعات الفجر الاولى، يبدأ عمال النظافة في شركة "نات كوم" لجمع النفايات المنزلية في إعداد الحمير مع تجهيزها بقفة مصنوعة من الحلفاء على جانبيها.
 
وينطلقون إثر ذلك مع الحمير صعودا على السلالم الطويلة المؤدية إلى باب الجديد أحد الأبواب في أعلى المدينة العتيقة.
 
بعد ذلك، يتوزّع العمال المهام في ما بينهم وينطلق كل واحد منهم بمسار ومعه حمار أو حماران يعرفان الطريق خير معرفة.
 
ويجوب العمال الأزقة الضيقة المتعرجة صعودا ونزولا على سلالم المدينة الممتدة على مساحة 105 هكتارات. وقد شيدت القصبة في القرن العاشر في عهد الدولة الزيرية المملكة الأمازيغية التي كانت تحكم جزءا كبيرا من المغرب العربي.
 
وبنيت القصبة على منحدر قوي، فيما بعض منازلها المتلاصقة مهددة بالانهيار في أي لحظة، وهي ترتكز إلى أعمدة خشبية أو دعامات حديد.
 
ويجمع عاملو النظافة النفايات ويكدسونها في "الشواري" وهي قفة يصنعها العمال من الحلفاء. وعند امتلائها ينطلق الحمار بحمولة قد تصل إلى 50 كيلوغراما من القمامة، صاعدا نحو أعلى القصبة لافراغها في شاحنة.
 
- في جميع الظروف -
وبغض النظر عن الأحوال الجوية، يجهد عمال النظافة والحمير طيلة أيام الأسبوع رافعين أكثر من طنين من النفايات يوميا، في تقليد يعود إلى بداية الوجود العثماني في القرن السادس عشر.
 
إلا أن النفايات ما تلبث أن تنتشر في أرجاء القصبة بعد إزالتها. 
 
ويروى عامر موسى الذي ينتظر التقاعد بفارغ الصبر "نقوم أحيانا بعشر جولات" يوميا.
 
فإضافة إلى العمل المتعب بسبب هندسة القصبة، يشكو عامل النظافة البالغ 57 عاما والذي خطت التجاعيد وجهه خصوصا، من غياب الحس المدني لدى السكان، فهم يرمون النفايات في أي مكان وزمان خالطين بين النفايات المنزلية والزجاج المحطم والركام والأثاث القديم.
 
وتحولت مواقع أبنية هدمت سابقا إلى مكبات صغيرة تنتشر فيها القطط الضالة.
 
عند الظهر تختلط روائح النفايات وفضلات الحيوانات بالروائح المتصاعدة من مطابخ البيوت والمطاعم الشعبية. 
 
ويتأسف قدور حنافي المسؤول في شركة "نت كوم" الذي كان عامل نطافة في القصبة سابقا، لنظرة الاحتقار التي يرمق بها بعض القصباجيين (سكان القصبة) "الزبالين".
 
ويشتكي عمال النظافة من التهكم والاستهزاء الذي يواجهونه عند مرورهم يوميا مع تعليقات من قبيل "حمار يتبع أخاه".
 
ولا يزال الحمار مهما لسكان المناطق الجبلية في الجزائر فيما اختارت بعض المدن الأوروبية هذا الحيوان لرفع النفايات لأسباب بيئية لأنه أقل تلويثا من الشاحنات.
 
- حنين -
ويتذكر القصباجي عبد الله خنفوسي الذي يرتدي بزة "شانغهاي" الصينية المحببة لدى رجال القصبة والمسؤول في شركة "نات كوم"، بحنين حين كان السكان ينظفون يوميا الشوارع بالماء. 
 
أما فاطمة (74 سنة) التي ترتدي زي "الحايك" الابيض التقليدي، فتأسف من انتشار النفايات في القصبة.
 
وتشير بحسرة إلى أن المدينة كانت نظيفة في السابق "وكنا نعرف بعضنا ونتعاون من أجل تنظيفها، أما اليوم فقد غادرت غالبية السكان الأصليين، والوافدون الجدد لا يعرفون القيمة التاريخية لهذا المكان الذي كان في 1957 في قلب معركة الجزائر" خلال حرب التحرير من المستعمر الفرنسي (1954-1962).
 
وبعد سبع الى ثماني ساعات من الصعود والنزول المضني، يعود فوج الصباح من العمال والحمير إلى الاسطبل ليبدأ فوج المساء عمله.
 
وعلى مدار ساعات النهار لا يتوقف العمل فكل من يتجول في القصبة لا بد أن يصادف هذه الحيوانات التي باتت جزءا من حياة المدينة العتيقة.
 
وتضم فرقة حمير القصبة 52 حيوانا، تشتريهم الشركة من خلال استدراج عروض كما تشتري الشاحنات، على ما توضح نسيمة يعقوبي، المكلفة الإعلام في مؤسسة "نات كوم".
 
ومن الشروط الواجب توفرها في هذه الحيوانات أن تكون ذات بنية قوية بطول لا يقل عن 1,15 مترا ووزن 100 كيلوغرام. وينبغي أن يراوح عمرها بين أربع سنوات وثماني وتستطيع أن تعمل لأكثر من عشرين سنة.
 
وبعد العمل لهذه المدة الطويلة وبدلا من أن تنعم بتقاعد مريح، ينتهي الأمر بهذه الحمير قوتا للأسود والحيوانات المفترسة الأخرى في حديقة الجزائر على ما يؤكد عمال النظافة بأسف شديد.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد