افاق الارهاب المتبادل في اوروبا بعد دهس مصلين في مسجد بلندن -عمر الرداد

mainThumb

23-06-2017 11:00 PM

  تشهد العواصم الاوروبية ,منذ سنوات عمليات ارهابية نوعية, ينفذها شبان عرب ومسلمون , من خلال خلايا نائمة او من خلال ما اصبح يعرف بالذئاب المنفردة ,والتي لا يستبعد تحولها الى قطعان من الذئاب, بعد فترة زمنية غير بعيدة,ويبدو ان السلطات في الدول الاوربية , لم تسجل نجاحات كبيرة وحقيقية تذكر في وقف هذه العمليات ,لاسباب عديدة ,لعل ابرزها قصور الجوانب القانونية التي تعرقل عمليات المتابعة والاعتقال والتفتيش وغيرها من اجراءات الوقاية ,في اطار معادلة مواجهة الارهاب والحفاظ على الحريات العامة , وربما تفسر هذه المقاربة ان كون غالبية منفذي العمليات الارهابية من اصحاب السوابق , المعروفين بسجلات جرمية وارهابية سابقة ,او من العائدين من ساحات الجهاد مع داعش في سوريا والعراق.بالاضافة لعقبات عميقة مرتبطة بمستويات التنسيق بين اجهزة الدولة الواحدة المعنية بمتابعة الارهاب , ومع نظيراتها في دول الاتحاد الاوروبي , وعدم ادراك ان هذا الارهاب العابر للحدود ,يحتاج تنسيقا عابرا للحدود, ودون ذلك ,سيواصل الارهاب تحقيق المزيد من النجاحات , وستقتصر نجاحات  جهود مكافحة الارهاب في تحقيق السبق بالفوارق الزمنية في اكتشاف منفذي كل عملية وملابساتها .

ان عمليات داعش تزداد نوعا وكما , وتتعدد اساليبها , حيث تراجعت  العمليات الانتحارية(نفذت عملية انتحارية  واحدة من قبل الليبي سليمان العبيدي في مانشستر في ايار 2017) ,مقابل التوسع في عمليات الدهس, والتي  كان قد بدأها احد عناصر داعش , التونسي محمد بوهلال ,في مدينة( نيس الفرنسية في تموز 2016 ), تنفيذا لتوجيهات قيادات داعش بالقيام بعمليات بكل الوسائل المتاحة , تبعتها عمليات دهس اخرى في برلين( ديسمبر 2016 نفذها التونسي انيس العامري ) وفي لندن(22 مارس ,نفذها البريطاني خالد مسعود) وستكهولم في (7 ابريل من من قبل الاوزبكي رحمت اكيلوف)
 
ثم عملية جسر لندن في (3 يونيو,من قبل ثلاثة عناصرمن اصول مغاربية), وذهب جراء هذه العمليات اكثر من 150 ضحية ,اضافة لمئات الجرحى.
 
واذا كان التوقع  بان يزداد حجم ونوعية واساليب تنفيذ العمليات , خاصة اذا تواصلت الاساليب التقليدية في مكافحة  الارهاب , في ظل الاحتمالات القوية لعودة الكثير من عناصر داعش ممن يحملون الجنسيات الاوروبية  الى بلدانهم ,على وقع انحسار داعش في سوريا والعراق , كاحد ابرز السيناريوهات , الا ان ما يستوجب التوقف عنده مليا العملية التي نفذها بريطاني تردد انه يميني متطرف في لندن بتاريخ 19 يونيو الجاري ,ضد مصلين مسلمين في احد مساجد لندن , والتي جاءت بعد  حريق برج سكني في لندن غالبية سكانه من المسلمين , في عملية تحوم حولها الشكوك بانها عملية منظمة في سياقات الاسلامفوبيا.
 
من الملفت ان عملية لندن ضد المصلين المسلمين تمت بالاسلوب نفسه الذي اختارته داعش, أي عمليات الدهس, وكانها ترجمة ل(العين بالعين والسن بالسن والباديء اظلم)غير ان ما يلفت النظر اكثر هذه الاندفاعة العربية والاسلامية, للشجب والاستنكار والتباكي على احوال المسلمين ,وان دينهم في دائرة الخطر ومستهدف , وتم التعامل مع العملية باعتبارها دليلا على تجذّر الارهاب عند الغرب والامم الاخرى , في اطار حالة دفاعية رسالتها  ان المسلمين ليسوا وحدهم من خرجت منهم فئة معزولة خارجة عن مفاهيم الدين الحنيف بالتسامح والعدالة .
 
ان استمرار الحالة الدفاعية ,عربيا واسلاميا , وانكار ان هناك مشكلة في فهم الدين وضرورة النظر لابعادها من الداخل , وليس ربطها فقط باسباب خارجية على اهميتها ,لن يسهم في جهود البحث عن حلول لها  والقضاء على الاهاب , وسيعزز مقولات صراع الحضارات والاسلامفوبيا , ويحقق هدف داعش في ان تكون المعركة بين المسلمين وغيرهم شاملة .
 
ان اتجاهات الراي العام العربي والاسلامي , التي تعلنها مراكزدراسات ذات مصداقية عربية واجنبية , والتي تؤكد غالبيتها تراجع وانحسار التأييد لداعش , تصبح موضع شكوك , خاصة عند الغرب , حينما لا تترجم على الارض: فمنذ ظهورها في حزيران عام 2016 بالعراق , وعملياتها الوحشية لاحقا حتى اليوم ,لم تخرج مظاهرة شعبية  على امتداد العالم الاسلامي من جاكرتا وحتى مراكش ضد داعش ,واقتصرت ردود الفعل على بيانات استنكار وشجب من قبل الحكومات العربية والاسلامية , وفي اوروبا من قبل مراكزوهيئات  اسلامية , وتم التركيز في اطار الحالة الدفاعية على بث صور تؤكد ان المسلمين هم اول المستهدفين من ارهاب داهش ,وصور لمسلمين يساهمون في عمليات انقاذ لضحايا الارهاب في ساحات لندن وبرلين وباريس , بالتزامن مع تكثيف تدفق صور تعزز استهداف المسلمين , وخاصة النساء المسلمات في المطارات والاسواق الاوروبية والامريكية ,على خلفية الحجاب او أي مظهر او سلوك اسلامي,
 
وتزامنا مع كل ذلك لا يتم الالتفات لنتائج استطلاعات تقول ان 42 مليونا عربيا ومسلما تقريبا يؤيدون او يتعاطفون مع داعش , وهو ما يعادل عدد سكان العراق وسوريا تقريبا.
 
   وفيما تتواصل داخل غالبية الدول العربية والاسلامية , حالة الانكارللبحث في اسباب الارهاب الحقيقية , في شقها المتعلق بالداخل, ايدولوجيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا ,الا في اطار مراكز دراسات معنية  واوساط  اكاديمية ,لا يتم الالتفات لنتائجها وتوصياتها ,يتواصل التنازع على الخلافة بين داعش والدول الاسلامية في مستوى , وتماهي في مخرجات الخطاب الديني , باطيافه المختلفة, بما فيه الخطاب الرسمي مع داعش بمستوى اخر , وخاصة بالنظر الى الخلافة باعتبارها مقدسا , فيما تواجه محاولات طرح اية افكار حول  شكل الدولة الحديثة: مدنية او ديمقراطية ,او تعديلات في المناهج الدراسية ,باعتبارها تستهدف الدين.
 
وعلى اهمية المعالجات الامنية في مكافحة الارهاب , وبعيدا عن الاستثمار السياسي للارهاب , من قبل داعميه ومن يقفون ضده, فان السياقات التي مكّنت, متطرفين اسلاميين من جّرالاقليم الى هذه الفوضى , وبدات بجّرمتطرفين يمينيين في اوروبا للمواجهة عبر عمليات دهس متبادلة ,ستتوسع وتزداد, وربما تنتقل لاساليب جديدة ,من المؤكد ان ضحاياها سيكونون من الابرياء من كل الاديان , ومؤكد ان السلطات الاوروبية التي لم تصل بعد الى منهجية فاعلية بمواجهة الارهاب الاسلامي, ستفشل بمواجهة العناصر اليمينية المتطرفة من مواطنيها , خاصة مع نمو هذه الاتجاهات لاسباب عديدة , من بينها ارهاب داعش.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد