الإقصاء والتهميش .. ظاهرة أم قدر - د. صخر محمد المور الهقيش

mainThumb

26-06-2017 10:34 PM

على الرغم من التطور العلمي الذي  تشهده الإنسانية و تطور وسائل الإعلام في مختلف المجالات والثورة المعلوماتية والتوسع في نطاق التعليم وانتشار الجامعات والمعاهد ، ورغم الاتجاه القوي نحو الدين والتشريعات السماوية .
 
   كل هذا وذاك لازالت هنالك ثقافات سلبية سائدة في المجتمع الإنساني ومن اخطر تلك الثقافات هي ثقافة التهميش و الإقصاء  والتي  تعني إبعاد الأخر وتجاهله وعدم النظر إليه مهما كانت صحة مواقفه وصدق أقواله  وقد يصل الأمر إلى تخوينه أو اتهامه بغية إسقاطه ، وهذه الثقافة يمارسها الكثير من الناس وبشتى الوسائل ومن مختلف الشرائح الاجتماعية في مختلف مجالات الحياة  .
.
وتمارس دون رادع ديني  و أخلاقي وثقافي أو اجتماعي منتجة بذلك أفراد أو مجموعة  من الأنانيين ومحبي الذات وممن ينطبق عليهم شعار فرعون (  ما أريكم إلا ما أرى ) وهولاء يحق تسميتهم بالمجانين  لان هذه العلامات هي إعراض لحالات نفسية تصيب الإنسان وتوثر على العقل البشري .. وبالتالي يكون هذا الشخص آفة تدمر المجتمع المتحضر وتشتت أبناء الوطن الواحد وتعيث بالأرض فسادا ..
 
وللأسف يعتبر المجتمع العربي من أكثر المجتمعات التي تحتضن ثقافة الأقصاء والتهميش  بحق الأخر من أبناء المجتمع العربي  والاردني بشكل خاص وحتى عزله ، وذلك لتراجع الوعي وتدهور الثقافة التي تعزى إلى  سببين :
 
أولا: التدخلات الخارجية وهي عبارة عن مخلفات الاستعمار وما نتج عنه من تفكك على مستوى الهوية واللغة والتاريخ والتقسيم الجغرافي .. والتي لازالت مخلفاتها على المجتمع وتركاتها الثقيلة على أبنائه . ونشر الثقافات المسمومة في المجتمعات العربية كونها حاضنه خصبة نتيجة للضياع الذي تمر فيه ..
 
ثانيا : العامل الداخلي المتمثل بحب الأنا والتي تتملك الإنسان العربي ، والصراعات الداخلية الدينية  والسياسية التي خلقت تكتلات ومجاميع كل منها مستعد للفناء من اجل إقصاء الأخر وعزله . وضعف دور المثقفين في التوعية إلى خطورة ثقافة الإقصاء .. وضعف دور المؤسسات التعليمية  بإنشاء جيل مثقف يحارب الإقصاء والتهميش .. والذي يتابع المشهد الثقافي العربي يلاحظ تدابير تكاد تفسد أي حراك أو جهد وطني نحو الإصلاح والتغييرللافضل وهذا ناقوس خطر يدق في كل البلدان العربية وينذر بانهيار مقومات الثقافة العربية التي كانت سائدة على مر العصور وهي التي علمت الإنسان خط الحرف الأول على اللوح . ليس بالصعب النهوض بالإنسان العربي . إن رحلة الإلف ميل تبدأ بخطوة واحدة وهنا يأتي السؤال التقليدي : ما العمل إذا ؟؟ لنرتقي ببلدنا الحبيب الاردن لمصاف الدول المتقدمة
.
 علينا  اذن الإسراع بإصلاح  بكافة محاورة واشكاله مع التركيز على اصحاب القرار ومتولي المسؤولية بالتزامن مع اصلاح المؤسسات التعليمية ومناهج التعليم البالية التي تثير التفرقة وتهميش الأخر ومواضيعها المسمومة المغلفة بأطر مذهبية ووطنية جميلة وهي تدعو للإقصاء في داخلها وتهمش الآخرين وتبخس الناس أشيائهم ..
 
منح فرص التعليم الإلزامي المجاني وايصالة إلى ابعد نقطة للاستفادة منه ، وتثقيف أولياء الأمور بخطورة عدم إرسال أولادهم إلى المدارس ومسؤوليتهم إمام الله والمجتمع ..
 
تدريس ثقافة قبول الاختلاف بالرأي والفكر والدين والمعتقد وجعلها مادة تدرس  في كل مراحل التعليم واحترام الأخر مهما كانت وجهة نظرة والسير معه في خط متوازي لتغيير وجهة نظرة إن كان على خطا ولتبين وجهة نظرة إن كان على صواب دون تقاطع معه ولانجعل من أنفسنا حكم فكلنا بشر نصيب ونخطأ وخير الخطاءين التوابون . وتعميق الوعي النقدي البناء  لدى أبناءنا وتمكينهم من التفكير باستقلالية وحرية . تفعيل دور مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني الثقافي والتربوي والإعلامي في توعية أبناء المجتمع وان تأخذ دورها  ولا تجعل من نفسها عرضة للتهميش والإقصاء .. وان نجعل من المراكز والمنتديات الثقافية وكذلك الجامعات ومؤسسات التعليم انطلاقا لها للتنوير والتوعية بمفاهيم احترام الحريات وحقوق الإنسان والممارسات الديمقراطية ونشر ثقافة تقبل الرأي الأخر واحترامه ولنفهم إن الاقصائية والتهميش ليست قدرا ولكنها ظاهرة قابلة للإقصاء. حمى الله الاردن من هؤلاء الذين يمارسون التهميش بحرفية واحتراف .
د. صخر محمد المور الهقيش
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد