أنا، أنت والآخر‎

mainThumb

13-07-2017 06:59 PM

 "أنا هو أنا"، وأنت أنت، والآخر هو الآخر، كيانات مختلفة قد تلتقي على الحق، لكنها في الأمور الشخصية والخيارات، والتطلعات، والتفكير، تختلف اختلافا كليا، لذلك حاجاتنا مختلفة، وتخطيطنا للمستقبل يختلف، والسير في ما أنا مخير به، أو أنت مخير به أو الآخر، مختلف أيضا، فلا أنت تتحمل نتيجة خياراتي وسيري فيما أنا أخططه لنفسي، ولا أنا ولا الآخر نتحمل أو نُسأل عن نتائج خياراتك أكانت صحيحة أو خاطئة.

 

ولذلك ليس من العدل أن أتحمل أنا أخطاءك ولا الآخر يتحمل أخطائي، ولا مجموع الناس يتحملون أخطاء شخص، فكّر وقدّر ثم قتل كيف قدر، فلا ينقلب كل من أخفق في الانتخابات الى شخص حاقد على الناس جميعا وخصوصا المحيطين به، يحملهم سبب اخفاقه، ويُكنّ لهم العداء كونهم هم من حرموه من طموحاته، وقتلوا آماله غير مبالين بمشاعره.
 
 أقول ذلك لكل من يقول إن الانتخابات أفسدت العلاقات بين الناس، وجعلتهم شيعا لا يجتمع على رأي واحد منهم ثلاثة، وما لهذه الفرقة من ضرر على الأمة ورهنها للمتآمرين عليها والفاسدين، وكل هذا الفساد مرجعه كثرة المخفقين في الانتخابات الذين ينظرون الى الناس على أنهم سرقوا حلمهم وحطموا آمالهم على صخرة المجتمع الأعمى الذي لا يستطيع أن يراهم كما يرون هم أنفسهم.
 
قرار الترشح للانتخابات قرار شخصي محض، وإن قال بعضهم: إنه مرشح العشيرة الفلانية، أو مرشح إجماع عشائر معينة، إذ أن هذه العشائر لم تجتمع برمتها وتقلّب أمرها وتستعرض رجالاتها، وتخرج بقرار ترشيح فلان، تلزمه هو أولا بقبول قرارها، ثم تلزم افراد العشيرة بالتصويت له، وتكون هذه العشيرة كاملة الأهلية مكتملة الأعضاء، لها رأس فيه دماغ صالح وسمع وبصر، ولها أطراف، تبطش بمن يخرج عن قرارها.
 
هذا للأسف غير موجود في العشائر الأردنية منذ عشرات السنين، فالآن لا يوجد لأي عشيرة رأس، ولم يرث بعض الأفراد من رؤساء العشائر القدماء الا اللباس، وصاروا ينشطرون بسرعة البرق، فترى في كل عشيرة مئات الرؤوس، ولا يتعدى تفكيرها ولا تصورها ولا رأيها جمجمتها هي. وصار كل شخص يتكلم باسم العشيرة، واذا تحققتَ لا تجد لكلامه واقعا، وإذا آراء العشيرة بعدد أفرادها ذكورا وإناثا!
 
واذا لم ينطلق الترشح للانتخابات، من حزب حقيقي يستند الى فكر وله برامج ويسعى للحكم والتغيير، يظل الترشح طموحا فرديا، وهوىً ذاتيا، يدغدغ الأفراد، ولا يخدم الا صاحبه، ولا يقدم للوطن والمواطن أي شيء، حتى لو كان الترشح صادرا عن عشيرة، فهي أيضاً كيان فردي مهما كثر عدد أفرادها، لأنها لا تتوفر على فكر ولا على برامج ولا تسعى لحكم، والفرد الذي تفرزه، يتصرف كفرد لأنه لا توجد مرجعية فكرية يرجع اليها في العشيرة الا آراء أشخاص، ينطلقون من منطلقات ذاتية.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد