الضمان الاجتماعي تنقذ نفسها على حساب جيبة المواطن !

mainThumb

22-07-2017 01:04 AM

عمان- سميرة الدسوقي - بين نار استنزاف نفقاتها وإدامة مواردها اختارت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الذهاب إلى زيادة نسبة الاشتراكات التأمينية على المؤمن عليهم.

 
فبعد أن كانت مهددة باستنزاف أموالها لتتساوى إيراداتها ونفقاتها عام 2016 وتبدأ بتسييل أصولها 2026، قررت، لحل مشكلتها، زيادة نسبة الاشتراكات التأمينية على المؤمن عليه.
 
وبدأت المؤسسة بهذه الزيادة قبل إقرار قانون الضمان الاجتماعي بزيادات قليلة، إلا أنها بعد إقرار القانون وسّعت هذه الزيادات لتصل الى 3% بحلول العام الحالي.
 
ويرى خبراء اقتصاديون أن نسبة الزيادة بالاقتطاع «غير مبررة» كون تكلفة المنافع التأمينية الجديدة لا تتساوى مع نسبة الزيادة، وذلك أن الأخيرة تفوقها بمعدل 3%.
 
وقالوا إن نسبة الاشتراكات التأمينية عام 2011 كانت 16.50% مع أن ذات العام أدخلت المؤسسة تأمينين إلزاميين جديدين هما «تأمين التعطل من العمل» و»تأمين الأمومة»، لتصل العام الحالي إلى (20,25 بالمئة).
 
وبحلول عام 2017 وبحسب القانون تصبح النسبة (21,75%) على اعتبار أن الزيادة جاءت تدريجيا بنسبة (0,75بالمئة) سنوياً من الأجور الخاضعة لاقتطاع الضمان الاجتماعي للمؤمن عليهم العاملين في المنشآت المسجلة بالضمان.
 
واحتلت اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة الزيادة الأكبر على الاشتراكات التأمينية.
 
وبررت المؤسسة بأن المنافع والمكاسب العديدة التي تضمنها قانون الضمان الجديد للمشتركين والمتقاعدين أوجبت ضرورة هذه الزيادة حتى تتمكن المؤسسة من تأدية رسالتها للأجيال الحالية والمستقبلية.
 
وقالت إن نسبة الزيادة أتت بعد دراسات اكتوارية أجرتها، وأن نسبة الزيادة حددتها منظمة العمل الدولية.
 
وتؤكد المؤسسة أنه لو لم يكن هنالك زيادة على الاشتراكات التأمينية لحدث عجز في الفوائض وتصبح المؤسسة غير قادرة على تكملة مسيرتها.
 
حمارنة: لمزيد من الدراسات
 
أستاذ علم الاقتصاد في الجامعة الأردنية سابقا الدكتور منير حمارنة رأى أنه كان يجب على الضمان أن تتبع أسلوبا آخر حتى تتجنب الاستنزاف «دون المساس بنسبة الاشتراكات التي هي اقتطاعات على المؤمن عليه».
 
وقال إن الضمان «اختار الحلقة الأضعف في المعادلة التأمينية، وهو المؤمن عليه»، فبدل حل مشكلة استنزاف أموال الضمان لسبب رئيسي هو «وجود رواتب مرتفعة» وصفها بـ»الخيالية»، خضعت للضمان ورتبت أن يكون تقاعدها المبكر مرتفعا جدا، «زادت المؤسسة نسبة الاشتراكات على مدار أربع سنوات ليصبح المؤمن عليه لا خيار له سوى الصمت».
 
وبين أن هكذا قرار كان يجب أن «يخضع لدراسات تراعي الواقع المعيشي للمواطن الذي صار راتبه مستنزفا ولا يكفي سداد التزاماته.. فكيف يأتي الضمان ويزيد من قيمة هذه الالتزامات».
 
الرواتب المرتفعة
 
خبير آخر أيد ما ذهب إليه الحمارنة، وعزا وصول المؤسسة إلى وضع جعلها تقرر هذه الزيادة، إلى «الرواتب المرتفعة» التي استنزفت أموال الضمان وذلك بعد أن اضطرت إلى دفع رواتب تقاعدية لـ(135) متقاعداً من أصحاب الرواتب التقاعدية العالية تصل كلفة رواتبهم الشهرية إلى (965) ألف دينار.
 
ووفق الخبير، وهو أستاذ جامعي، طلب عدم نشر اسمه، «تبلغ الكلفة الشهرية لرواتب متقاعدي الضمان الاجتماعي (55,5) مليون دينار يستفيد منها (166) ألف متقاعد، أي ما يزيد على (11,5) مليون دينار سنويا».
 
وأيد مدير سابق للضمان، طلب عدم نشر اسمه، أن نسبة اشتراكات الضمان للمؤمن عليه «مرتفعة مقارنة بالمنافع».
 
وأرجع الارتفاع إلى «تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة لكُلفِها المرتفعة، ما استدعى أن يكون أكثر التأمينات ارتفاعا في نسبة الاشتراكات».
 
ورأى أنه كان على المؤسسة «أن تجد حلولا اخرى تتقاسمها مع زيادة نسبة الاشتراكات كرفع سن التقاعد المبكر».
 
ولاحظ أن المؤسسة «فضلت رفع نسبة الاشتراكات على هذا الخيار كون أن 60 -70 بالمئة من المؤمنين يلجأون إليه للاستفادة منه.
 
ولاحظ أن واقع الحال يثبت أن كثيرا من استثمارات الضمان «غير ناجحة» وأن على القائمين عليها اختيار استثمار يزيد من الإيرادات وليس العكس بتشكيله عبئا على كاهلها.
 
 
الروابدة: النسبة متوسطة ونهدف لإدامة النظام التأميني
 
 
المديرة العامة للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ناديا الروابدة أكدت أن المؤسسة تحرص على متانة وضعها المالي، وذلك نابع من حرصها على «ضمان استدامة النظام التأميني لتبقى المؤسسة قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه كل الأجيال».
 
وقالت الروابدة لـ»الرأي» أن نسبة الاشتراكات الإجمالية المحددة في قانون الضمان الاجتماعي بـ(21,75%) من أجور العاملين موزعة ما بين المنشأة (14,25%) والعامل (7,5%)، فلا تعتبر مرتفعة قياساً بالمنافع التأمينية التي يوفرها القانون في حال قورنت بدول أخرى تقدم نفس المنافع التأمينية.
 
ولفتت إلى أن هذه النسبة تغطي أربعة تأمينات: تأمين إصابات العمل وتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة وتأمين الأمومة وتأمين التعطل عن العمل.
 
وقالت إن مشروع قانون الضمان الاجتماعي، الذي رفعه مجلس إدارة المؤسسة لمجلس الوزراء في ذلك الوقت ومن ثم حُوّل إلى مجلس الأمة، لم يكن يتضمن أي مقترح لزيادة نسبة الاشتراك ولكنه كان ينصب على إجراء تعديلات على المنافع التأمينية التي اعتبرتها الدراسة الاكتوارية التي تم إجراؤها مع منظمة العمل الدولية بأنها سخية.
 
وعلى سبيل المثال لا الحصر، والحديث للروابدة، ألغي التقاعد المبكر عن المؤمن عليهم الذين يتم شمولهم لأول مرة بعد إقرار القانون ورفع سن التقاعد المبكر إلى (50) عاما وجرت زيادة مدة الخدمة الواجبة للحصول على راتب التقاعد المبكر بالإضافة إلى المدد المتصلة الواجب توفرها لمن يستحق راتب اعتلال العجز الطبيعي أو الوفاة الطبيعية وعدم منح الزيادة العامة على الرواتب لمن يستحق راتب التقاعد المبكر أو راتب اعتلال العجز الجزئي الاصابي (40) ديناراَ.
 
وقالت أن مجلس النواب قرر العمل على إعادة التقاعد المبكر للمؤمن عليهم الجدد وأعاد السماح لمن أكمل سن (45) للحصول على راتب التقاعد المبكر بالاضافة إلى من أكمل سن (50) سنة مع الفرق في مدّة الاشتراك المطلوبة كما تم إقرار نصف الزيادة العامة لراتب التقاعد المبكر (20) ديناراً عند الاستحقاق وعند إكمال سن الستين للذكر وسن (55) للأنثى او حصول الوفاة تضاف الـ (20) دينارا الباقية وكذلك العديد من التحسينات على المنافع التأمينية.
 
وفي هذه الحالة، تقول الروابدة، جرى دراسة مقترحات النواب من قبل المؤسسة ومن قبل منظمة العمل الدولية وكانت النتيجة أنه إذا كان سيتم إقرار هذه التعديلات على مشروع القانون فلا بد من زيادة نسبة الاشتراكات الخاصة فقط بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بنسبة (3%) وبشكل تدريجي على مدار أربع سنوات أي بنسية (0,75%) كل سنة بدءا من عام 2014 واكتملت هذه الزيادة في شهر كانون الثاني من عام 2017, وعلى هذا تم إقرار القانون وأصبح نافذاً.
 
وأكدت الروابدة أن المؤسسة لم تلجأ لجيوب المشتركين لخوفها من الإفلاس بل لأن هناك منافع تأمينية أضيفت على تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة أدت إلى ضرورة تعديل نسبة الاشتراكات لهذا التأمين لتمكين المؤسسة من الوفاء بالتزاماتها تجاه الأجيال كلها.  " الراي "


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد