قطر وإسرائيل .. «حماس» و «فتح» - عبدالله ناصر العتيبي

mainThumb

25-07-2017 03:27 PM

 يقول البعض إن دولة قطر أوعزت إلى حركة «حماس» بالتدخل لإنقاذها مما هي فيه بافتعال مواجهة إسلامية – يهودية في الحرم القدسي، يكون الهدف منها نقل النقطة الساخنة في خريطة الشرق الأوسط من غرب الخليج العربي إلى مدينة القدس.

أرخت «حماس» سدولها ثم أوكلت إلى استخباراتها تنفيذ هذه التوصية من خلال خلق 3 مجموعات. المجموعة الأولى استقبلت التعليمات من الدوحة، ونزعت عنها العقال والدشداشة، ثم ألبستها القميص والشروال! والمجموعة الثانية تسلمت التعليمات «المُفَلسطَنَة» وأضافت إليها قليلاً من الوطنية وكثيراً من الغيبيات ومررتها في صناديق تفوح منها رائحة الجهاد والشهادة، إلى المجموعة الثالثة التي كانت وطنية جداً ومستذكرة جداً لليل اليهودي الطويل في القدس، وغافلة جداً عمّا يفعل أصحاب المجموعة الأولى. المجموعة الأولى هي المتاجرة دولياً بالقضية الفلسطينية، والمجموعة الثانية هي المتاجرة بالقضية الفلسطينية في الداخل، أما المجموعة الثالثة فهي المنفذة النهائية للمشروع وهي المشكّلة من شباب غر أخيار، كانوا يعتقدون بعمليتهم الاستشهادية في 14 تموز (يوليو) الجاري، أنهم يحاربون الاحتلال، بينما هم في الحقيقة كانوا يرسمون مشهداً دولياً يمتد من القدس إلى الدوحة.
 
ويقول البعض إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يعيش أزمة سياسية خانقة، وهي التي دعته إلى إرسال إشارة إلى أصدقائه العرب في القدس الشرقية للقيام بواجبهم تجاهه، وذلك بخلق حال مضطربة تجعل اليهود بكل أطيافهم يلتفون حول رجلهم الأمني الأول. عملاء اليهود في القدس شكلوا خلية عمل تتكون أيضاً من 3 مجموعات. استقبلت الأولى التعليمات من نتانياهو بشكل مباشر، ثم نزعت عنها القلنسوة اليهودية وألبستها الكوفية العربية ومررتها إلى المجموعة الثانية، التي قامت بدورها بخلق حال وطنية مركّبة على هذه التعليمات وأرسلتها إلى المجموعة الثالثة. استقبلت المجموعة الثالثة –كالعادة– هذه التعليمات بقلبها لا بعقلها وكأنها نداء رباني، ثم ذهبت طائعة مختارة إلى حتفها وهي تحلم بالجنة وتدعو لمن نقل الرسالة اليها بالسرور والحبور وفائض المال وكثرة الأولاد. أعضاء المجموعة الأولى هم العملاء المعروفون للجميع. وأعضاء المجموعة الثانية هم نصف العملاء– نصف الوطنيين، الذين هم عملاء بالكامل في نظر المجموعة الأولى، وطنيون بالكامل في نظر الشعب الفلسطيني المسحوق. أما أعضاء المجموعة الثالثة، فهم حطب الحريق اليومي الذين لا يعرفون أنهم حطب ولا يدركون أنهم ممثلون مغيبون في مسرح للعرائس!
 
ويقول البعض الثالث إن قطر وإسرائيل اتفقتا على ان تشعلا الأوضاع في بيت المقدس ولكل أسبابه وظروفه. اتصل القطريون بالإسرائيليين ليساعدوهم في أزمتهم و «ينفّسوا» عنهم (كما كان يقول دائماً وزير خارجيتهم السابق حمد بن جاسم)، ووجدها الإسرائيليون فرصة سانحة لضرب «الحماسي» بالمقدسي من غير أن تكون الكلفة كبيرة على تل أبيب. اشتغلت قطر من جانب، واشتغلت إسرائيل من جانب حتى إذا التقتا في النهاية في نقطة مباركة في باحة المسجد الأقصى، أزهق كل منهما الأرواح المناسبة: القطريون يقتلون الجنديين الإسرائيليين اللذين هما من الأقلية الدرزية، والإسرائيليون يقتلون المهاجمين المقدسيين الذين هم من الخامة الفلسطينية المباركة. وبهذا تتنفس كل من الدولتين بطريقتها الخاصة، ولا خسائر في العملية!
يقول القائلون وهم كثر، لكنني في هذه المقالة لست بصدد التعليق على هذه الافتراضات، ولست بموقع تأكيدها أو إلغائها، وإنما أنا هنا لأكتب عن أمرين لا ثالث لهما: الأول أن على السعودية ومصر والأردن، وليت العراق ينضم إلى هذه الدول، تشكيل جبهة دولية تحت اسم «أصدقاء فلسطين» ودعوة الدول الصديقة وغير المنحازة في أوروبا وأفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية للانضمام إليها لتظل قوة ضغط دولية على الكيان الصهيوني تمنعه من إكمال مشروعه الخبيث تحت ساحات المسجد الأقصى، وتفوّت عليه من خلال المراقبة الدولية والاحتجاج الدائم احتواء المسجد الأقصى وضمه زوراً وبهتاناً إلى الإرث اليهودي المزوّر بدوره في المنطقة. لماذا «أصدقاء فلسطين» في هذا الوقت؟ لأن الجامعة العربية غير قادرة على القيام بدورها الإقليمي والدولي، لا بسبب دواوين الجامعة ذاتها، وإنما لتضارب مشاريع الدول العربية في الوقت الحالي. والأمر الثاني: دعوة الأصدقاء في «حماس» و «فتح» إلى الانسحاب من المشهد الفلسطيني واستبدالهما بجماعة مناضلة جديدة تعرف أنها ستموت ما أن تتحرر فلسطين أو تتشكل صيغة الدولتين على أرض الواقع من غير ان ينقص ذلك من حق المرابطين والمجاهدين! الشعب الفلسطيني العربي يريد فلسطين محررة، وليس معنياً بمن جاء أو ذهب من «فتح» أو «حماس».
 
أمران صغيران بسيطان، لكنني أعرف أن الأول سهل الوجود على أرض الواقع، بينما يعرف الجميع وأنا آخرهم أن الأمر الثاني إنما هو تهويمة رجل لا علاقة له بما يجري على الأرض الآن، وسنحتاج إلى عشرات السنين حتى نتخلص من الغشاوة التي تغطي عينينا جاعلة منا كائنات لا تعترف بالفلسطيني إلا بختم من «فتح» أو «حماس».
 
 
* كاتب سعودي.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد