بس انا مش حرامي ..

mainThumb

29-07-2017 06:03 PM

 بس انا مش حرامي ..

فرحت ام مسعد بتخرج ابنها من الجامعه واطلقت الزغاريد بفرح غامر حيث سمعها كافة ابناء القرية الذين اخذوا يتوافدون لبيت ابو مسعد لتقديم التهاني بتخرج مسعد .. كان البعض منهم يحمل بيديه طبق بيض او بعض الحلوى او الخضار وحتى القمح واشياء مختلفه ويقدمونها لهم مباركة منهم لهذا الحدث السعيد  .. 
 
تخرج مسعد وعلى الفور بادرته امه بنيتها خطبة منيفه بنت ابو سويلم له حيث انتشى مسعد الذي امضى ليال طوال يدهن شعره بزيت الزيتون لكي يلمع ويلبس اجمل ماعنده من ثياب حيث يضع قلم الحبر ومشط صغير في جيب قميصه ويعلق ميدالية على عروة بنطاله  ويقسدر مع بعض اصدقائه امام منزلها القريب من منزله ذهابا وايابا ويختلس بعض النظرات المسروقة لبيتها لعله يراها  .. 
 
وبعد عدة شهور وترتيبات اعلن الزفاف في القرية الجميلة حيث اقتطع ابو مسعد جزء من بيته ليكون بيتا يجمع العروسين وبالفعل اقيمت الافراح وتجمعت النسوة في بيت ابو سويلم وهن يرتيدن اجمل ملابسهن وكل ام تعرض ابنتها لعل وعسى ان تجد العريس المناسب لها ..
 
بعد عدة سنوات استلم مسعد عمله في احدى وظائف الحكومه في العاصمة بعد ان توسط له ابن جيرانهم مشقاح البلاع الذي كان يعمل هناك منذ سنين حيث تغيرت احواله واشترى منزلا مستقلا عن اهله وسياره وارض فكان مضرب مثل لكافة ابناء القرية .. لطالما حلم مسعد ان يصبح في يوم ما مثل مشقاح ولطالما طلبت منه زوجته منيفه ان يتقرب في عمله من مشقاح وان يعزمه في بيته لعل وعسى ان يتعلم منه ويسير على خطاه .. وبالفعل كان مشقاح يحب اكل اللحوم وخصوصا لحم الجدي فكان كل فترة يعزمه مسعد ويذبح له جديا يأكله هذا الرجل ويمضي دون ان يفيده بشيء .. 
 
وبعد مدة من الزمن قرر مسعد ان يراقب مشقاح البلاع في العمل لعل وعسى ان يحلل رموز غناه الغريب رغم انه مجرد موظف بسيط لعل وعسى ان يصبح في يوم من الايام مثله ..
 
كان مشقاح تماما مثل المنشار يأخذ الرشى من مراجعيه لتمرير المعاملات لهم حيث يضع الف عرقول امام اي معامله فلا ينجزها سوى بالمال .. كان يتوسط هنا وهناك ويتنقل بفهلوه من مكتب لآخر ويعطي هذا ويشتري ذاك حتى كون فريق رشى في المؤسسة يتعاضد مع بعضه البعض لكي يخلقوا العقبات اللازمه امام المراجعين ليدفعوا بالنهاية الرشى  ليحصلوا على الخدمة المطلوبه ... 
 
جن جنون مسعد وحاول ان يتكلم مع مشقاح ويفهمه ان هذا حرام فما كان من مشقاح الا ان طرده من مكتبه قائلا : خليك حمار طول عمرك .. ثم ذهب للمدير وحكى له ما رأى من مشقاح حيث هز رأسه باستغراب وشكره على هذه المعلومة الثمينه حسب قولة وبعد ايام وجد نفسه وقد تم نقله الى موقع بعيد كل البعد عن المراجعين حيث كان يمضي جل وقته في مستودع رطب يراقب الاثاث القديم المكدس .. 
 
وبعد عدة سنوات زاد مشقاح غنا وجاها واحتراما بين اهل قريته في المقابل زاد مسعد الحشمان فقرا بل اصبحت تنظر له الناس على اعتبار انه اقل كفاءة من مشقاح وانه مش قادر ايدبر حاله  كما يقولون .. بل اصبح يعمل بعد عودته من وظيفته في الحقول وفي بعض الاراضي التي تعود لمشقاح ولطالما عايرته زوجته بمشقاح وكانت تقول له : عمرك مارح تصير زي مشقاح .. الك سنين في الوظيفه بلا فائدة ؟؟!! .. وبعد صبر طويل جن جنونه خصوصا بعد كلام الناس عن فشله وكلام اهله وزوجته حيث عانى كثيرا من ضغوطات مجتمعيه كان يعتبرها ظالمه تريده ان يتمثل بمشقاح ويخطوا خطاه .. وفي لحظة ما انفجر الصبر لدى مسعد الحشمان وخرج عن صمته واخذ يجري في القرية وهو يصيح باعلى صوته : انا مابدي اصير زي مشقاح البلاع ؟؟؟!! .... انا مش حرامي ؟؟!! ... مش حرامي مش حرامي؟؟؟!! .. انا فقير صحيح .. انا محتاج صحيح ... انا ماعندي سياره ولابيت ولا ارض ...  بس مش حرامي .. مش حرامي ..
 
 فكان الناس يهمسون فيما بينهم ان مسعد اصابه الجنون وكانوا يتحسرون على شبابه ويدعون له بالشفاء .
 
مواطن اردني من إحدى شعاب هذا البلد الصامد


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد