أين سيغمسها المرشحون! - رندا حتاملة

mainThumb

16-08-2017 11:14 AM

 بعد جلسة مونيكر وبدكير أكلفتني مبلغاً وقدره لترتيب أظافري ولأنعم بيد أكثر أناقة فرحتُ بيدي وهي تضِجُ أنوثةً إلا أن شعور الأنوثة تلاشى لحظة إنغماس السبابة في قارورة الحبر ورئيس اللجنة الذي يتصبب عرقاً بسبب ارتفاع درجة حرارة الجو وانعدام التكييف في الغرفة .

يفرغ غضبه على المسؤولة عن قارورة الحبر وعلى خاتمي الذي أرتديه في السبابة فلتنزع الخاتم ثم إغمسيه جيدا تأبى سبابتي وتلتصقُ بالخاتم وتأبى أن تنزعه وكأنها تعترضُ على تشويهها بالحبر الأسود .

أنزع خاتمي وتُمسك مسؤولة القارورة سبابتي وتغمسها بالحبر حتى تتشبع أشبه بأميٍ يبصمُ على إقامته الجبرية في قسم الشرطة .

بات طقسٌ من طقوس النزاهة لما يسمى بالعرس الوطني وكأنه المانع الأساس لعملية التلاعب بالأصوات رغم أن إزالته ممكنة بقليل من الكلور وفي الوقت الذي تتم فيه عملية الإعتداء على صناديق الإقتراع في أكثر من منطقة وتتابع الهيئة عملية الإنتخاب والفرز وكأن شيئاً لم يكن ، ياله من طقس بقمة السذاجة ! 

أتابعُ مسيرتي في شوارع المملكة أسماءٌ كثيرة وشعاراتٌ رنانة تبدو أكبر من رؤوس أصحابها وأطول من قاماتهم من الشمال مروراً بالعاصمة نزولاً بالوسط وإنتهاءً بالجنوب يحتاج المرشح ضعف مدة الدورة الواحدة من أجل تحقيق تلك الشعارات التي يتحدث جُلّها عن الرجولة والأمانة والأخلاق الحميدة والمواطنة والمسؤولية تجاه الوطن والمواطنين ، لدرجة أنه في كل دورة إنتخابية ينتابني شعور بأن صاحب القارمة هو المخلّص المُنتَظَر الذي لاغاية له من الترشح سوى خدمة مجتمعه المحلي بعيداَ عن أي مصالح شخصية أو رَغباتٍ ذاتية الأمر الذي يجعلني متفائلةً بأن الأردن الذي كان ينتخب بالأمس لن يتحول إلى أردن ينتحب بالقمامة وبآثار مايسمى بالعرس الديمقراطي من يافطاتٍ ممزقة وبروشوراتٍ ملقاة وبقايا صور تحلق في فضاء الوطن وتزيدُ من حجم الضنق النفسي للمواطن .
 
لاضير لو أن من تنافس بالأمس ليخدم مجتمعه المحلي رافعاً الشعارات الرنانة وهي بمثابة وعود الرجال أن يبذل ولو الجهد القليل لإزالة ما أحدثته دعايته الإنتخابية التي باءت بالفشل بدلاً من جلوسه عابساً وعاتباَ على من لم يمنحه الصوت، هكذا يكون النخب من أبناء المجتمع هكذا يتصرف من كان همه خدمة مجتمعه وأبناء مجتمعه بعيداً عن أطماع الشهرة وطموح المنصب .
 
الأردن اليوم بحاجة إلى قفزة نوعية في تفكير أبناءه لما يعانيه من تزايدٍ غير مسبوق في سكانه إثر الأزمة السورية وما يعانيه من سوءٍ في البُنى التحتية وتراكمٍ للقمامة وضَغطٍ على شتى الخدمات ، الأردن اليوم في كل محافظة بحاجة إلى العشرات من رؤساء البلدية المخلصين ،.
 
العمل البلدي لايحتاج لمنصب وإنما لتفانٍ وإخلاص وتعاون من أبناء المجتمع المحلي وبالأخص ممن إرتأوا بأنفسهم مقدرةً على الترشح ، فالأردن الذي يُخَرّج يومياً آلافاً من النُخَب التي تحملُ شهاداتٍ عليا في شتى المجالات يليقُ به أن يتجاوز أبناءه مرحلة العشائرية الضالة والمصالح الشخصية الضيقة فالأردن يستحق وأبناءه من الملايين اللذين توجهوا لممارسة العملية الديمقراطية وغمسوا سباباتهم في قوارير الحبر يستحقون أن ينغمس من نجح لتقلد المنصب ومن ترشح ولم يحالفه الحظ ووعد بشعاراتٍ رنانة أن ينغمسوا في خدمة مجتمعهم المحلي وأبنائه ، تبقى أمنية لهذه الدورة آملةً أن لا تجتمع جميع الأصابع التي غُمِسَت في قوارير الحبر منتخبتاً للمرشحين في الأمس تغدوا اليوم في دُبر المواطن على غِرار الدورات السابقة .
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد