هل قال الله بذلك ؟ - احمد الحمادين

mainThumb

14-09-2017 07:45 PM

منذ نيف  وبضع عقود أو تزيد في الديار العربية انشأ متدينو المرحلة ومثقفو هوامشها بالحديث الممزق، يقف الناظر بعين المشدوه المتعجب ليرى فلول المقابلات في شتى الاقطار ، علم ومال ، حديد وذهب ، علم وادب ، ووصل الحال ان يقع في الاذهان مقابلة بين الاخ واخيه ، كبير وصغير ، اهي الطبيعة البشرية التي تفرض الانقسام والمقابلة بيننا ، ام هي القيود التي أوقعناها في الاذهان وذاك الخاطر الذي تعود اليه في عرباننا فترة بعد فترة ، أم أن الله يأمرنا بهذا ..... !
يتملكني الانبهار بتلك المقدمات الثمينة ، الزاخرة بالادبيات الرفيعة والاستدلالات العظيمة ، حتى اكاد اقسم انه الوحي قد تجلى في النصوص ، الى ان اتعمق في وعاء الكلمات المرصوصة ، فلا اجد في المقدمات ما تبنى عليه نتيجة غير تلك النتيجة المعنونة ، وما العجب في انتصار مقاتل على مقاتل لجديد يمسح ما كتبته الانسانية حتى الان ، ويخط في مكانه سطورا اخرى لم يكتبها التاريخ .
 
ابدأ بالتحليق على الورق ، ابحث بدقة عن اقصى ما خطر ببال الكاتب المتحدث المثقف المتدين ، فلا اجد اهوال ما حذر معنونا ، لكأن اعظم ما سكب على النسيج تمزيقه اربا ، وبقع من دم اخيه قد لطخت السطور ، ذاك من خوارج العصر ، وذاك من مرجئة الماضي ،وذاك من سحيق المتأسلمين ، وذاك وذاك وذاك ، فما الباعث النفسي الداعي لكتابة ما كتب او حتى قوله شفهيا على مسامع العربان ، هل المسألة مجردة من البواعث ، غريزة تسوق صاحبها ، أم شر كامن في الاعماق ، ام هي الطاعة لله والصدح بما أمر به جل وتبارك ، فأين قال الله ذلك !!
 
ان ادنى درجات العقل هو العقل المادي البحت ،الذي لا يعترف الا بالواقع المحدود الذي يراه ويعيشه ،فكيف بمن لا يرى واقعه ولا يعيشه ...!، كيف بمن يعيش في عالم افتراضي يعزي به روحه الخاوية وقلبه الكهل وان كانا في معنى واحد احيانا ،موقف بعد موقف ومشكلة بعد مشكلة ...وكل مشكلة تتطلب حلا ..وكل حل يتطلب اختيارا ، والمذكور سابقا يعيش بمنأى عن ذالك كله ، في عالم الاحكام المسبقة ، والتكفير والتفسيق والشتم والتعدي ، وما ذاك الا تعرية لروحه وكشف لحقيقته ونزع للقشرة عنه لتخرج مكنوناته ومكتوماته ،مهما حاول الاستخفاء خلف الدين ، وخلف الله في بعض الاحيان ، فأين قال الله ذلك ......!!.
 
لا حقيقة لحال الا اذا شهد عليه عمل ، والتقلب بين المواقف بين لحظة واخرى ، من لحظة تصحو الى لحظة تنام ، وكل لحظة تضعك في موقف ، من البدائل الى الاختيار وصولا لعدم الاختيار ، وهو اختيار بذاته للعلم ، مزاجية أم أطروحة غير ثابتة ، لأن ما عهدناه عن الدين ومقتضياته راسخة المبادئ لا تزعزعها الدهور فكيف بالاحرى اللحظات ، ولما كنا أفلاك دوارة ، واجسام مشحونة ، كان الاحرى ان نبحث عن التوافق لا الاصطدام ، ان نرسخ القبول لا الرفض ، ذاك ان درب التبانة كون يخصنا جميعا ، الا ان علمتم كونا آخر ينفى اليه من نرفض ،فالواجب ان نستقي من الدين مواقفنا او فلك مدارنا ، لا ان نتخذه عذرا مختلقا ، فنحن جميعا كرماء حتى يدعو داعي البذل ، فتنكمش الايدي التي كانت ممدودة بدعوى السخاء ولا تنبسط بالكرم الا اكف معدودة ،كذالك ادعاء الثقافة والتدين والعلم ، وقت الحاجة الى وقت الرخاء او من وقت الرخاء .
 
وفي الختام ، ديارنا تمر بازمات خانقة ، تدعونا لوجوب الابتعاد عن التجريح والتكفير وصغائر الامور التي تشد أزر فرقتنا وتزخر حصيل اعدائنا وتورث مجتمعنا العث والوهن والتثاقل ، فكفى ادعاءات ، كفى اتهامات ، كفى، قد احتملنا ما لا يحتمل ، حتى ضقنا ذرعا بالدين الذي نجل ونهوى ، واما اللبيب فمن الاشارة يفهم ، وما تمايز العارف عن الجاهل الا بمعرفة الله حق المعرفة ، في الصميم والوجدان يتجلى نورها ، ويشرق ضياؤها ، وان التكاتف اولى اولوياتنا ، واعظم ما نتسلح به في حالنا هذا ، فالواقع مر مسموم ،والقادم مهول محموم ، وبالله نستعين واليه نبرأ ولا حول ولا قوة الا بالله .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد