هل يمكن للجزائر إخماد فتيل التوتر في الأزمة الكورية؟

mainThumb

17-09-2017 11:06 AM

السوسنة - نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تحدث فيه عن الضغوطات التي تمارسها واشنطن على الدول العربية من أجل قطع علاقتاها مع كوريا الشمالية. كما ذكر بعض الجوانب من العلاقات التاريخية أو المعاصرة لبعض تلك الدول مع كوريا الشمالية.

 
وقال الموقع، في هذا التقرير، إن الجزائر تريد أن تلعب اليوم دور الوسيط في الأزمة النووية لكورية الشمالية، وذلك وفق ما صرح به مصدر دبلوماسي. وتأتي هذه التصريحات بعد أن أطلقت بيونغ يانغ صاروخا فوق اليابان، الجمعة الماضية، وبعد أقل من أسبوعين من قيامها بتجربة نووية تحت الأرض.
 
وذكر الموقع أنه منذ كانون الثاني/ يناير من سنة 2016، تلقت الجزائر العديد من المطالب الرسمية من قبل السفير الجديد لكوريا الشمالية، بارك سونغ تشن، الذي أرسل العديد من الرسائل الدبلوماسية إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وأجرى معه عدة محادثات مطولة.
 
ووفق ما صرح به المصدر الدبلوماسي الجزائري، بدأت وزارة الخارجية الأمريكية تمارس ضغوطاتها على الجزائر؛ من أجل قطع علاقاتها مع البلد المغضوب عليه من قبل الأمم المتحدة.
 
وأفاد الموقع بأن العلاقات الجزائرية الكورية الشمالية تعود إلى عدة عقود، وقد مرت بعدة صعوبات، لكنها لم تنقطع. فكوريا الشمالية كانت أول دولة غير عربية تعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 1958 أثناء سعي الجزائر للحصول على استقلالها، بالإضافة إلى الدعم الذي قدمته لها إبان الحرب الأهلية التي عصفت بالجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي. خلافا للمتوقع، حثت هذه الصداقة القديمة الجزائر على تقديم مقترح الوساطة في هذه الأزمة العالمية.
 
كما بين الموقع أن الدبلوماسيين الجزائريين يشعرون بخطورة هذه الأزمة، ولعل هذا ما أكده المصدر الدبلوماسي الجزائري، الذي قال: "نعلم أن كوريا الشمالية أصبحت اليوم أولوية قصوى بالنسبة لواشنطن، خاصة بعد تلك التجارب النووية والصاروخية". علاوة على ذلك، ستلجأ الولايات المتحدة إلى تطبيق العقوبات الاقتصادية على تلك الدول التي لن تقف في صفها، ومن بينها الجزائر.
 
ونقل الموقع عن دبلوماسي أمريكي قوله إن هذا الضغط الأمريكي على واشنطن يأتي في سياق حركة شاملة تستهدف الدول العربية الحليفة لها، من بينها مصر والكويت. وفي سياق متصل، أورد المصدر نفسه أنه "من غير المعقول أن تحافظ تلك الدول على علاقاتها الدبلوماسية مع دولة يفرض عليها مجلس الأمن عقوبات زجرية".
 
وفي هذا السياق، أفاد رجل أعمال من كوريا الجنوبية، يعمل في مجال التكنولوجيا في المنطقة العربية، بأن الضغوطات الأمريكية بدأت بعد التجربة النووية لكوريا الشمالية، أي خلال شهر كانون الثاني/ يناير سنة 2016.
 
وحسب المصدر نفسه، ينبغي الإشارة إلى أن وضع سيول وواشنطن لاستراتيجية موحدة تهدف لعزل بيونغ يانغ تزامن مع تقديم طلب منهما للدول العربية الممثلة دبلوماسيا بقطع علاقاتها مع كوريا الشمالية باستثناء سوريا. وتضاعف ذلك الضغط في الأسابيع الأخيرة بعد التجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية في موقع بونغي- ري منذ أقل من أسبوعين.
 
كما اعتبر الموقع أن علاقة كوريا الشمالية بالمنطقة العربية يعود لعقود مضت، بل ويعتقد العديد من المراقبين أن تفكير كيم جونغ أون الآن قد تشكل، في جانب منه، بعدما شهده بعض الزعماء العرب خلال العقدين الماضيين من عقوبات بلغت حد الإعدام، بسبب رغبتها في تملك برنامج نووي. والجدير بالذكر أن العراق وكوريا الشمالية كانتا ضمن محور الشر الذي تحدث عنه الرئيس الأمريكي جورج بوش إبان حكمه.
 
ففي كانون الثاني/ يناير سنة 2016، دافعت وكالة أنباء موالية للحكومة في كوريا الشمالية عن حق البلاد في امتلاك برنامج نووي، مذكرة بما حصل لصدام حسين في العراق ومعمر القذافي في ليبيا، إذ لم ينفعهما تخليهما عن البرنامج النووي من تعرض بلادهما للدمار وشخصيهما للقتل.
 
وأشار الموقع إلى أن الجزائر ليست الدولة الوحيدة في المنطقة التي عليها مراجعة علاقاتها مع كوريا الشمالية، فمصر هي الأخرى لديها علاقات جيدة بكوريا الشمالية تعود إلى عقود مضت، وكانت هذه العلاقات قوية جدا حتى أيام قليلة. فقد شاركت بيونغ يانغ، سنة 1973، إبان الحرب ضد إسرائيل، بإرسالها 30 مسؤولا عسكريا، بالإضافة إلى سرب طائرات من نوع ميغ 21، من أجل حماية جنوب مصر من الهجمات الإسرائيلية.
 
في المقابل، تمتلك الشركة المصرية أوراسكوم للاتصالات النصيب الأكبر من شركة كوريولينك، وهي شبكة اتصالات من الجيل الثالث في كوريا الشمالية. ولكن، في الأشهر الأخيرة، وجدت القاهرة نفسها بين مطرقة واشنطن وسندان بيونغ يانغ. وصرحت واشنطن في آب/ أغسطس الماضي بإيقاف مساعداتها الموجهة لمصر بقيمة 290 مليون دولار، حتى ترى تقدما في المسار الديمقراطي.
 
وذكر الموقع أن الجزائر ومصر ليستا الوحيدتين الخاضعتين للضغوطات الأمريكية، فهناك دول عربية أخرى ستجبر على تغيير مقاربتها تجاه كوريا الشمالية. إذ أجبرت الكويت على وقف رحلاتها الجوية عبر شركة الطيران الحكومية التابعة لكوريا الشمالية آير كوريو، يوم 10 آب/ أغسطس الماضي.
 
وسبق هذا دعوة جون كيري، وزير خارجية الولايات الأمريكية المتحدة سابقا، في تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2016، للكويت لوقف رحلاتها نحو كوريا الشمالية، وتشديد المراقبة على رواتب موظفيها الكوريين الشماليين، حتى لا تذهب لدعم النظام "غير الشرعي" في كوريا الشمالية. كما عرضت الكويت في السابق وظائف شاغرة لعمال كوريين شماليين قد توفر تحويلاتهم المالية دخلا أجنبيا في غاية الأهمية لبلدهم.
 
ونوه الموقع بأن الإمارة الصغيرة امتثلت لمطالب الولايات المتحدة، فعلقت تأشيرات دخول مواطني كوريا الشمالية إليها، وحظرت التحويلات المصرفية، وسحبت تراخيص الاستيراد، وطلبت من بيونغ يانغ خفض عدد دبلوماسييها في سفارتها بالكويت.
 
أما فيما يخص الصراع اليمني، الذي خلف أكثر من 10 آلاف قتيل وشرد مليوني شخص منذ اندلاع الحرب سنة 2015، فقال الموقع إن اليمن حلت التبادل المعتاد بين صنعاء وبيونغ يانغ. حيال هذا الشأن، أعلن موقع كوريا الشمالية للأخبار أنه تم العثور على أسلحة كورية شمالية على متن سفينة صيد أوقفتها بارجة حربية أسترالية على سواحل عمان، كادت أن تقع بيد المقاتلين الحوثيين.
 
كما أفاد الموقع بأن الإمارات العربية المتحدة اشترت ما قيمته 100 مليون دولار من الأسلحة من كوريا الشمالية؛ لتستخدمها في الحرب في اليمن، وذلك فق تقرير أصدره معهد شؤون الخليج، سبق أن نشرت "عربي21" جزءا منه.
 
وفي هذا الصدد، تخضع ليبيا للضغوطات السابقة ذاتها التي خضعت لها باقي الدول العربية، على الرغم من العلاقات الوطيدة التي جمعت كوريا الشمالية بنظام معمر القذافي. وأمام توقع سيول وواشنطن لانتهاء العلاقة بين ليبيا وكوريا الشمالية بقيام الثورة الليبية، أنهى اللقاء -الذي جمع وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني المهدي البرغثي، بسفير كوريا الشمالية بزوجين هيوك، في شباط/ فبراير الماضي، من أجل مناقشة سبل التعاون العسكري- كل تلك التوقعات.
 
وفي الختام، ذكر الموقع أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتمكن من إجبار سوريا، التي تمتلك علاقات جيدة جدا مع كوريا الشمالية، بالإضافة إلى حليفتها القوية إيران، على قطع علاقاتها الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، خاصة أن سفير سوريا في كوريا الشمالية، تمام السليماني، أكد أن الدولة المغضوب عليها أمميا تساند بشدة نظام الدكتاتور بشار الأسد.
 
الموقع: ميدل إيست آي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد