السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة ما بين الحداثة وستر المعطوب!

mainThumb

28-09-2017 09:59 PM

وأخيراً حصلت المرأة السعودية على حق قيادة السيارة، في خطوة جريئة رغم أنها جاءت متأخرة جداً إلى الحداثة، وكانت قد سبقتها خطوة أخرى مفاجئة جاءت خلافا لكثير من قناوي المؤسسة الدينية، وذلك بقيام الدولة بالسماح للسعوديين للاحتفال المختلط والراقص بالعيد الوطني السعودي الأمر الذي منح الفرصة للمعارضة السعودية في ضرب الحكومة بالمؤسسة الدينية التي ما زالت تتمتع بتأثير كبير على الدولة ، وهو ما حدا بولي العهد السعودي ليكبح جموح تلك المؤسسة التي حشرت في الزاوية، وباتت تتخبط في كل الاتجاهات من خلال تقليم أظافرها بتأسيس هيئة الترفيه السعودية التي تقف وراء التغييرات الحداثية أعلاه، والمنوط بها من خلال برامجها مواجهة سلطة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدينية والمتآكلة، ولكن هل هذا يكفي وخاصة أن تطوير وتحديث المجتمع السعودي يجب أن لا يأتي خارج سياق التنمية الشاملة، في ظل تنمية متعثرة هبطت معدلات نموها إلى 0.5%.. أي أن العولمة في خطواتها الظاهرية تتخذ طابعاً اجتماعياً وإعلامياً صرفاً وليس مستبعداً أن بكون ذلك لتعمية المواطن عن الظروف السيئة والمتفاقمة من حوله، حتى لا تمثل مدخلاً سهلاً لاختراقه والتأثير عليه من قبل المعارضة، على اعتبار أن كبت الحريات العامة والاعتقالات في صفوف المعارضة ورجال الدين وبعض الأمراء واضطهاد المرأة في السعودية والاتصالات السعودية الإسرائيلية التي يديرها المستشار السعودي السابق أنور عشقي، والموجود حالياً بحسب مصادر إسرائيلية في تل أبيب، وتبعات حصار قطر على صورة السعودية داخل البلاد وخارجها، والمأزق السعودي في اليمن، واتهام بن سلمان بالانقياد لأجندة محمد بن زايد الإماراتية، كانت تشكل جميعاً أهم الذرائع التي استغلتها ذات المعارضة في حراكها الشبابي الأخير الذي لم يحقق أهدافه.

ولعل من أخطر ما تسعى الحكومة السعودية إلى حجبه عن الأنظار من خلال ما تقوم به هيئة الترفيه السعودية هو مأزق الحكومة الاقتصادي وفق رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (20- 30)، وخاصة أن تحديث المجتمع يسير بمعزل عن البعد الترفيهي الحقيقي للسعوديين المتمثل بتحسين المعيشة للمواطن السعودي، وكأن الغاية من تفعيل دور تلك الهيئة يندرج في إطار البعد الإعلامي المخدر للعقل السعودي، كي لا تطرق رأسه الأسئلة المحرمة، فهي ستقف عاجزة في برامجها أمام تحسين ظروف المواطن المعيشية، وعدم إرهاقه بالضرائب المتوالدة، أو صرف النظر عن بيع خمس شركة أرامكو من خلال طرحها للاكتتاب العام خارج السعودية وهي صفقة يسيل لها لعاب المستثمرين وخاصة البنوك اليهودية التي تمتلك القدرة على تقديم العروض السخية!!؟ وعملية البيع التي ستحرم الاقتصاد السعودي رافداً مالياً لا يمكن تعويضه من خلال الخصخصة في إطار الرؤية التي يشكك بجدواها كثير من الخبراء. ولا ننسى أيضاً بأن استقدام الموارد البشرية لا يمكن الاستغناء عنه، وهذا لا يمنع الحكومة من السعي قدماً نحو تنفيذ برامج السعودة في كافة القطاعات؛ ولكن ما دمنا نتحدث عن الحداثة وحقوق الإنسان، فهل ستشهد السعودية تغييرات جذرية يكون من شأنها تحسين ظروف العمالة الوافدة، وخاصة المبادرة بإلغاء ما تنفرد به المملكة على صعيد عالمي بما يسمى "الكفيل" على الأقل ليصبح للحداثة في التنمية السعودية بعدها الإنساني.
 
ينبغي أخيراً أن ندرك بأن إجراءات التحديث هذه التي أنيطت بهيئة الترفيه السعودية، قد تجبر المعارضة السعودية على تغيير قواعد اللعبة، لكنها لن تؤثر في سقف مطالبها الذي يتجلى بنظام ديمقراطي يكفل إشراك المواطن بالقرار السعودي من خلال برلمان منتخب، في إطار السلطة التشريعية، مع ضمان الحريات العامة.
 
التطورات لن تتوقف عند عتبة قرارات ترفيهية كالسماح للمرأة بقيادة السيارة.. بل مرهونة بإشراك الجميع في اتخاذ القرارات ديمقراطياً ومناقشة كل خطط التنمية لتحقيق رفاهية حقيقية ورفع مستوى المعيشة للمواطن السعودي المغبون الذي بات يساوره القلق بشأن المستقبل القريب والبعيد


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد