التهديم الإداري

mainThumb

08-10-2017 12:44 PM

حتما، ينشأ أي جهاز إداري من اجل تحقيق هدف محدد مع قرار الانشاء، ويتم تسخير جميع الوسائل والموارد المادية والبشرية المتاحة للوصول الى الهدف، وتوجه القرارات الإدارية لتحقيق الهدف. وبالطبع، فان الإدارة العليا بالجهاز الإداري المعني تسعى لتحقيق حالة من التوازن الديناميكي بين جميع العناصر سابقة الذكر، أي تحقيق أعلى درجات التناسب بين هدف الجهاز الإداري وجميع الوسائل المسخرة لتحقيق ذاك الهدف، كون ذلك يحقق ضمانات أعلى بتحقيق الهدف المنشود، واختزال اكثر للتكاليف وهذا يسمى بالتطوير الإداري .
 
وفي المقابل، فان الممارسات التي تهدف الى إحداث خلل في حالة التوازن الديناميكي، واضعاف سمة التناسب بين هدف الجهاز الإداري ووسائل تحقيقه، تسمى بالتهديم الإداري، وما يتضمنه من خفض لمستوى الكفاءة والفاعلية، وبالتالي ضعف مستويات تحقيق الهدف المنشود.
 
وقد يأخذ التهديم الإداري أشكال عدة، من أهمها تولية المناصب الإدارية القيادية أشخاص غير مؤهلين وغير قادرين، يسعون بدورهم الى إثبات ذاتهم  بتوزيع المراكز الوظيفية - خاصة القيادية منها- على أفراد دون المستوى المطلوب، ووضع الكفاءات الإدارية المؤهلة علميا وعمليا في وظائف أدنى من مستوياتهم ولا تتناسب مع قدراتهم وتشغلهم بأعمال تافهة. وبالطبع فان القيادة تقوم بذلك للحفاظ على نفسها، لضمان بقائها في السلطة من خلال اقصاء اي كفاءة ضناً من تلك القيادة أنها قد تتغلب عليها بحكم نظرتها الضيقة ذات المصلحة الفردية. وعليه، فان بقاء مثل هذه القيادة يعزز عملية التهديم الإداري بما يقود الجهاز الإداري نحو الانحدار.
 
كذلك، قد يمارس التهديم الإداري من قبل المستويات الإدارية الدنيا من خلال قيامها بإخفاء المعلومات او إيصالها للجهات ذات العلاقة بأوقات متأخرة او غير مناسبة – ليس بوقت الحاجة اليها - او إعطاء معلومات ناقصة او معلومات غير حقيقية، او اعطاء معلومات تفوق الحاجة الفعلية، فكل ذلك يؤثر سلبيا على القرارات الإدارية ونتائجها. كما يؤثر هنا ايضا في ذلك نظام الاتصال الإداري الذي يتبع للهيكل التنظيمي، فاذا كان الأخير جامداً ومعقداً ومقيداً للحرية والحركة، فسيؤدي ذلك حتما الى البطء في العمل والتأخير في الإنجاز والتأثير سلباً على انسيابية المعلومات وتدفقها بين جميع المستويات التنظيمية .
 
وتتعدد وتتنوع المؤشرات التي من خلالها نستدل على وجود ممارسات التهديم الإداري، والتي من ابرزها التدني الواضح بمستويات الاداء في الجهاز المعني بشكل عام، الذي يؤدي الى التأخير بانجاز العمل ومحدودية الدقة بالعمل المنجز، وضياع بعض الملفات والمعاملات وتوهان المراجع بين المكاتب لكثرتها، وغياب المؤسسية في العمل، إضافة الى عدم معرفة بعض الموظفين بطبيعة العمل وما هي الوثائق اللازمة لإنجازه .
 وكل هذه المؤشرات لها علاقة مباشرة بالعنصر البشري العامل بالجهاز المعني، اضافة الى علاقتها غير المباشرة بعوامل اخرى، مثل الهيكل التنظيمي وما يتضمنه من فرديات وحثييات مثل غياب الحوافز او نظام الرقابة والترقيات والتقييم ...الخ .
 
وعليه، فان أي ممارسة بأي شكل من الاشكال سواء اكانت مقصودة ام غير مقصودة وبما يؤثر سلبا على عملية التناغم التنظيمي الشامل بين جميع اجزاء المنظمة يمكن اعتبارها تهديما اداريا.
 
و معرفة اسباب التهديم الاداري تسهل عملية معالجته، ومن الحلول الناجعة اختيار القيادات الادارية الكفوءة ذات النظرة الاستراتيجية القادرة على خلق التوازن الديناميكي بين الوسائل المتاحة والهدف المنشود، اضافة الى توفير الكادر الوظيفي المؤهل علميا وعمليا واخضاعه لبرامج تدريبية من شأنها ان تعزز عملية التناغم بين جميع اجزاء المنظمة، واعتماد التقييم السنوي لتوظيف مخرجاته بما يخدم التطوير الاداري، واتباع نظام خاص للحوافز، اضافة الى اهمية اتباع الهيكل التنظيمي المناسب الذي يعمل على اشاعة جو من الراحة والاطمئنان.
 
*خبير استراتيجي وتطوير الاداء
E-mail: ikhlouf@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد