لما نحتاج عاصمة جديدة؟

mainThumb

02-11-2017 12:18 PM

إن الطرح القائم في كواليس الأحاديث في ساحات التواصل الاجتماعي الالكترونية وجلسات الحوار في اغلب البيوت الأردنية اليوم يتمحور حول عمان الجديدة!
 
في موضوع طرح فكرة عمان الجديدة تطرح تساؤلات عديدة في أي جلسة حوارية منها:-
 
هل عمان الجديدة فكرة قابلة للتنفيذ؟
 
هل هي مجرد فقاعة إعلامية كمشروع المفاعل النووي أو مشروع الباص السريع أو الصخر الزيتي؟
 
ما الأسباب الحقيقية وراء هذا الطرح أو النقل إن تم؟
 
عند استعراض التاريخ المعاصر للدول فيما يخص فكرة العاصمة الجديدة نجد أمثله عديدة في التاريخ منها  رائعة وواقعية ناجحة ومنها خرافية سنحاول استعراض أهمها في ما يلي:-
 
عاصمة كازاخستان الجديدة (أستانا) التي أسست في عشر سنوات بدلاً من العاصمة ألمآتا،  أسست عام 1998م بقرار رئاسي من أنشأها الرئيس نور سلطان نزارباييف، هذه العاصمة اليوم نموذج غاية في الروعة للحداثة والتطور من حيث البنية التحتية والتكنولوجيا والخدمات، وكانت الغاية من بنائها إعطاء روح جديدة في البلاد واندفاع نحو الاستقلالية الوطنية للدولة، وقد تحقق ذلك في عشر سنوات فقط.
 
عاصمة ماليزيا الإدارية (بوتراجايا) عام 1999م  بمعنى (الأمير الذكي) وفق اللغة السنسكريتية، ورغم إنشاء بوتراجايا ونجاح المشروع تم الاحتفاظ بالعاصمة السياسية كوالالمبور كما هي كعاصمة لماليزيا رسميا، ، وقد تم إنشائها بتسع سنوات، وهي مدينة الدوار الحكومية الرسمية في ماليزيا، وتعد معلمًا سياحيًا في ماليزيا جاذب للاستثمار وداعمًا لحركة التطور في تقديم الخدمات للشعب الماليزي.
 
 
عاصمة نيجيريا (ابوجا) عام 1991م وهي العاصمة الجديدة بدل العاصمة لاغوس، استغرق إنشاؤها 12 سنة،  ولكن رغم نجاح قرار النقل لم تكتمل الخطط الموضوعة للبناء والاستمرار في التطوير.
 
عاصمة  ميانمار (نايبييداو) عام 2006بدل العاصمة السابقة رانجون، ومن غرائب قرار إنشاء هذه العاصمة  وفق ما هو شائع هذه العاصمة الجديدة استشارة عراف قدمها للجيش، وقد تم التخطيط لها كمدينة عسكرية للحفاظ على النظام من مخاطر اي غزو داخلي وخارجي، ورغم المخططات تعيش بورما أزمتها الداخلية القائمة على الفوضى والتنكيل بالضعفاء حتى اليوم نتيجة إتباع التنجيم والخرفات.
 
عاصمة روسيا (موسكو) عام 1917م بدلا من سانت بطرسبورغ،  وكانت رمزًا لانتهاء مرحلة والانطلاق لمرحلة جديدة، وتعد اليوم مركزًا عالميًا ورمزًا من رموز القوة السياسية والاقتصادية و في العالم.
 
عاصمة البرازيل (برازيليا) عام 1960 بدلاً من ريودي جانيرو، وقد تم اختيارها نظرًا لموقعها وامكانية البناء والتطوير والتحديث وفق بنية تحتية حديثة، تعتبر اليوم معلمًا عالميًا، ومن روائع تصميمها انها تعرف بتصميم الطائرة، نظرًا لكونها قسمت لجناحين وعدة اقسام.
 
عاصمة تنزانيا (دودوما)  بدلا من دار السلام، وقد استمر التخطيط والتنفيذ لعملية النقل ما يقرب 23 عام، منذ عام 1973م وحتى 1996م، ورغم هذا التخطيط والتنفيذ طويل الأمد لم تكتمل عملية النقل الكامل للعاصمة، حيث بقيت دار السلام تحتفظ بالعديد من المراكز والدوائر الحكومية.
 
 
عاصمة ساحل العاج (ياموسوكرو) بدلا من ابيدجان وكان قرار من  زعيم الاستقلال لساحل العاج الر فليكس هوفويت بواني في الستينات بناء عاصمة جديدة، في مكان ولادته، فأصبحت ياموسوكرو عاصمة البلاد عام 1983.
في تلك النماذج للعواصم الجديدة قصص نجاح يمكن البناء عليها للتفكير مليًا بالمضي بنقل العاصمة عمان إن لم يكن بشكل كامل فاقلها إداريًا ولعدة أسباب:-
 
النمو السكاني ذي القيم العالية في السنوات السابقة في عمان نتيجة الهجرة الداخلية نحوها ونتيجة الهجرة الخارجية من دول الجوار مما جعلها من أكثر العواصم عالميًا من ناحية النمو السكاني حيث تضاعف عدد السكان بسنوات محدودة ضمن نطاق محدود من الخدمات والمساحة والإمكانات. 
 
صعوبة التخطيط لنظام مواصلات عصري وحديث في عمان ضمن التزاحم العمراني الحالي وضمن معطيات الأسعار الخيالية لقيم التعويضات لأصحاب الأراضي في حال شق طرق وبناء نظام مواصلات عصري وحديث.
 
الدواعي الأمنية لعاصمة أمنة وفق التوزيع العشوائي للدوائر الحكومية والوزارات والسفارات في ظل تزاحم الإرهاب في المنطقة يجعل من عمان دائرة أمنية يصعب ضبطها وان عملية السيطرة الأمنية ذات بعد اقتصادي ومجهود يفوق الإمكانات المتوفرة.
 
البنية التحتية للعاصمة عمان تعاني من صعوبة إمكانية التطوير عليها وصعوبة الصيانة ذات التكلفة المضاعفة في ظل هذا النمو المتصاعد.
 
معاناة أبناء المحافظات المختلفة عند القدوم للعاصمة لتلقي الخدمات الإدارية او الطبية وغيرها من الخدمات نتيجة التباعد بين الدوائر وصعوبة المواصلات وتردي نظام المواصلات الخارجية الرابط بين العاصمة والمدن الأخرى.
 
في نهاية هذا الطرح نتمنى أن تكون فكرة العاصمة الجديدة مماثلة للتطبيق في قصص نجاح كازاخستان أو عاصمة إدارية كالحالة الماليزية، ضمن رؤية تخطيطية واضحة وسريعة وقائمة على أسس علمية عصرية.
 
وقرار نقل العواصم قرار تاريخي يليق بأن يصدره صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله فالتاريخ يوثق اللحظات الفارقة وفقًا لمن يصنعها.
 
وضمن تتبع سياسي نرى الملك اليوم زائرًا لأحدث العواصم الجديدة في العالم (أستانا) وهو ما يعد مؤشرًا أن القرار سيكون ملكيًا بكل ما تعنيه الكلمة من تنفيذ وتخطيط ونجاح. 
المهندس مالك خلف البزيرات القرالة


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد