عواصف تهدد المركب الايراني - سعاد عزيز

mainThumb

24-11-2017 02:58 PM

منذ رحيل مٶسس نظام ولاية الفقيه آية الله الخميني، والذي كان يمسك بيد من حديد بزمام الامور و لايرأف بخصومه حتى وإن كانوا من أقرب المقربين إليه، فإن إيران قد دخلت في سلسلة طويلة من المشاكل و الازمات الطاحنة التي باتت تعصف بقوة بنظام ولاية الفقيه و تهدد بإنهيار مرتكزاته التي يقوم عليها، ولاريب من إن المساعي الجارية في طهران من جانب تيار الرئيس روحاني لإنقاذ النظام و منحه جرعة أو جرعات منشطة، لم تعد تجد نفعا فالسيف قد سبق العذل!
 
الوفاة المفاجأة لرفسنجاني الذي كان عراب إيجاد الحلول المناسبة لإخراج النظام من الازمات المستعصية و نقله الى بر الامان، تركت آثارا قوية على المشهد الايراني، ونظام ولاية الفقيه اليوم أحوج مايكون الى رفسنجاني لإنقاذه من محنته فروحاني لايمتلك المٶهلات و المواصفات التي الاول يمتلكها، ونفس الامر يسري على المرشد الاعلى الحالي خامنئي، فهو وبشهادة المختصين بالشأن الايراني، لايمتلك كاريزما الخميني، رغم إنه لايقل قسوة عنه، لكن الذي يجب أن نلاحظه بدقة و نأخذه بنظر الاعتبار، إن الخميني وحتى رحيله لم يكن هناك من يجرٶ على المس به و بمنصبه، غير إن الامر قد إختلف تماما مع خامنئي، ذلك إن شعارات الموت له و لنظام ولاية الفقيه و حرق و تمزيق صوره كما جرى في إنتفاضة عام 2009، قد كانت بمثابة شهادة من الواقع على إن منصب الولي الفقيه و حتى الولي الفقيه نفسه لم يعد مقدسا.
 
إيران التي تعج بالاحتجاجات الشعبية في سائر أرجائها بسبب الاوضاع الاقتصادية المتردية، تتعرض لموجة جديدة من العقوبات المٶثرة التي طفقت تطال الحرس الثوري بحد ذاته و الذي هو أساس و عماد المحافظة على النظام و يده الضاربة ضد الخارجين عليه، هذه الموجة يرافقها إرتفاع حالة السخط و الغضب العربي على التدخلات الايرانية في المنطقة و التي صارت سببا رئيسيا من حيث التأثير السلبي ليس على الامن و الاستقرار فقط وانما حتى على الامن القومي العربي برمته، وإن إجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث ذلك تحديدا، يعطي إنطباعا عن إن العرب لم يعد يرضون بهذا التطاول و يريدون أن يضعوا له حدا خصوصا بعد أن بدأ الشارع الشعبي العربي نفسه يرفع صوته عاليا ضد الدور الايراني و يطالب بإنهائه.
في ظل كل ماقد سردنا ذكره، تشهد الساحة الايرانية تطورات و مستجدات أخرى تسير معظمها بإتجاه التقويض من سلطة و جبروت النظام و تعمل بصورة أو بأخرى على تضييق الخناق عليه، ولعل تصاعد و إحتدام الصراع بين أجنحة النظام المختلفة و التي لم يعد بالامكان التستر عليها او تجاهلها بعد أن تجاوزت الحدود المألوفة، فإتهامات التخوين و السرقة و النهب و الفساد التي صارت مفردات و مصطلحات مستخدمة في هذا الصراع، يضاف إليها اليوم إستخدام عامل القوة كما جرى مع الهجوم الذي قام به مجموعة تسمى"ثأر الله"، وهي من جماعات الضغط الايرانية المتشددة المحسوبة على جناح خامنئي، يوم السبت 18 من نوفمبر الجاري ضد مسٶولي حكومة الرئيس الايراني السابق أحمدي نجاد الذين كانوا معتكفين في مزار ديني يسمى"شاه عبدالعظيم"، وإنهالوا عليهم بالضرب، علما بأن طقس الاعتصام في المزارات الدينية يعود الى العهد القاجاري(1779 ـ 1925) حيث ?ان يلجأ المنتقدون الهاربون من الحكومة القاجارية إليها خوفا من البطش بهم، ولم تكن السلطات وقتئذ تهاجم المزارات الدينية كما فعلت هذه المجموعة اليوم في ظل حكم نظام ولاية الفقيه.
 
وكمسك ختام لمايعانيه و يواجهه النظام القائم في طهران من عواصف قوية تهب عليه من كل جانب، فإن هناك أيضا مجزرة صيف عام 1988، التي تم خلالها و بموجب فتوى غريبة من نوعها من جانب الخميني تنفيذ حكم الاعدام بالالاف من السجناء السياسيين لمجرد كونهم أعضاء أو أنصار في منظمة مجاهدي خلق، فهذه المجزرة كما يبدو قد وصلت أخير و بعد جهود حثيثة من جانب زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي، الى أدراج الامم المتحدة ومن المحتمل أن يتم إصدار قرار إدانة ضد إيران في اجتماع ديسمبر القادم للجمعية العامة للأمم المتحدة و يدعو أيضا الى تش?يل لجنة دولية مستقلة للتحقيق فيها، وكما نرى أكثر من عاصفة تعصف بمر?ب متهالك في وسط يم عات، فهل سينجو المركب الايراني هذه المرة؟!
 
*كاتبة جزائرية.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد