تداعيات نحو الموضوعية وتقليص عدد العاملين في الأونوروا ..

mainThumb

17-01-2018 09:07 PM

أخذتنا السيارة باتجاه طبربور لحضور مناسبة زفاف لإحدى القريبات، وأثناء التفاعل النفسي مع زحام الطريق كان بوسعي وشقيقي أبو نضال وهو يجلس خلف المقود، تمضية الوقت الممل بالتمازج في الآراء حول العديد من القضايا الراهنة والمتشابكة، ولزخم ما انثال بيننا من أحاديث ساخنة برز في الأجواء سؤال ملح وعميق، نظراً لتشعب القضايا وتضارب الرؤى أحياناً، وهو:
 
    كيف يستطيع المحلل السياسي كتابة مقال يتوخى فيه الموضوعية دون المساس بجوهر رؤيته التي يتبنى؟".
 
    وما أن وصلنا قاعة الاحتفالات حتى طويت المواضيع بيننا،ولكنها انفتحت على بعضها من جديد بحكم ما استجد من أخبار طرقت سمعنا في القاعة، وخاصة أن زفة العريس لم تصل بعد، والقاعة كانت شبه خالية، حيث جمعتنا طاولة مستديرة مجللة بشراشف بيضاء مع مجموعة من الأقارب كان جلّهم من مدرسي وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين( أنوروا) ، فداهمتنا عدة مواضيع تتعلق بقرار الأناروا الأخير  القاضي بفصل مئات المدرسين من حملة الدبلوم المتوسط في الضفة الغربية مع احتمال أن يغشى أثر القرار الأردن، ثم تم التطرق إلى موضوع معاقبة إدارة الأنوروا في الأردن كل المدرسين الذين يخرجون عن حياديتهم بالحديث عن القضية الفلسطينية من من وجهة نظر الضحية، حتى لو كان الأمر يتعلق بتعليق لوحة حنظلة التي ابتكرها رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهيد ناجي العلي على جدران الغرف الصفية بتهمة التحريض على العنصرية وتجاوز الحيادية، وذلك في إطار سياسة مسح الذاكرة الفلسطينية للإجهاز على بقايا الحق الفلسطيني في عقل الطفل الفلسطيني، متناسين أن المدرسة الأولى للجيل الفلسطيني الجديد لم تعد تلك المباني التي تعتمد على الأموال الخليجية والأمريكية المسيسة لصالح صفقة القرن؛ بل جعلت تكمن في التربية الأسرية التي تتبنى الحق الفلسطين بكل أبعاده القانونية والإنسانية والسياسية، حيث لا مزايدات عليه في العقل الفلسطيني اليقظ، في عالم مشرع الأبواب والنوافذ وفضاء مفتوح تتحكم به مواقع التواصل الاجتماعي.  
 
     وكانت فكرة كيفية كتابة المقال الموضوعي ما لبثت حينذاك تتفاعل في ذاكرتي العميقة أثناء الحوار، وهي التي تختزن في طبفاتها آلاف المقالات والدراسات التي نشرتها منذ بداية العقد الثامن من القرن الماضي، وإلى الآن وهذه الخبرة المتراكمة في ممارسة الكتابة بكل أشكالها تمنحني القدرة أكثر على انتهاج السياق الموضوعي في الكتابة التحليلية على كل الأصعدة، دون أن تتعارض مع رؤيتي ومفهومي للحياة والسياسة ، وخاصة أن ما تنبأت به منذ البداية  راح يتجلي على أرض الواقع الراهن باعتراف من يتابعون كتاباتي أو يساعدونني في تجميع إرثي من المقالات المتنوعة في سلسلة كتب مستقلة شارفت على إنهائها، وتنتظر الحصول على أرقام الإيداع من دائرة المكتبات الأردنية، وخاصة حينما وفقت في الربط  بين كل الأحداث المتداعية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ودور الكيان الصهيوني المحوري والفاعل فيها؛ وفضح المستور بظهور صفقة القرن التي جاءت لتترجم خرائط برنارد لويس، لفرض الكيان الإسرائيلي كحليف عربي ضد النفوذ الشيعي المتمثل بإيران.. واستبدال "إسرائيل" بإيران كعدو استرعت من أصحاب هذه الصفقة القاتلة للحق الفلسطيني أن يبذلوا قصارى جهودهم لمناجزة العدو الجديد بعد الإجهاز على ما تبقى من الحقوق الفلسطينية بما فيها حق العودة وإغلاق ملف القدس، وتنفيذ أجندة الوطن البديل في الأردن على أنقاض العرش الهاشمي وبرئاسة الخائن مضر زهران وفق ما صرح به الصهيوني تيد بيتمان، وبالتالي اعتبار المؤامرة على (الأنوروا) جزءاً من هذه الصفقة، التي ستسهل على الباحثين الجادين تفسير كل ما يدور حولنا والإجابة على الأسئلة المبهمة.
 
    من هنا ومنذ عودتي إلي البيت بعد انتهاء المناسبة السعيدة، والسؤال يطرق رأسي:
 
    "كيف على الكاتب أن يقرأ الأحداث بموضوعية حتى يترجمها في مقال سياسي موضوعي؟"
 
    فانهمكت منذ الساعة العاشرة مساءً في الإعداد لدراسة اعتبرها غاية في الأهمية حول هذا الموضوع، وحددت المراجع المناسبة، ثم ما لبثت أن انهمكت في تصنيف العناوين الفرعية وتحليل المحتويات للوصول إلى العنوان المقترح التالي للدراسة:
 
    "المقال الموضوعي بين الموقف الحيادي العقلاني ونظرية التفاعل الرمزي" والذي سيتناول بالبحث مفهوم "الموقف" ، وعناصر المقال الموضوعية، كذلك سيتطرق إلى مفهوم الفكر أو الموقف السياسي بين الحيادية والموضوعية وبين العقلانية والمعقولية، وم ثم طرح الأسئلة المنفتحة على كل الفضاءات، وبالتالي محاولة الإجابة عليها وفق نظرية التفاعل الرمزي، وخلال هذه الدراسة سوف نُطْرَحٌ الصراعاتُ في منطقتنا العربية كمثال تفاعلي لتفسير ربطها بصفقة القرن.
 
    الآن عشرات المراجع باتت في حوزتي، وخطة البحث تم إعدادها، وبقي التنفيذ، وقد شرعت به.. وعلى الله التوفيق


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد