أرحموا عزيز قوم ذل - عبدالله علي العسولي

mainThumb

06-02-2018 09:24 AM

يلبس أبو سالم معطفه ألأصفر الذي ورثه عن جده الذي استشهد على أسوار القدس يشم فيه كبرياء أناس رحلو وفي جيبه الكبيرة منديل من قماش كان جده يمسح عرقه كلما غلبه الهم الجاثم على صدره من هذا العدو الغاشم -- وفي جيبه الآخر وسام الشجاعة الذي حاز عليه نتيجة بطولاته التي أذعر فيها العدو كان همه الوحيد كيف يجابه العدو ببسالة حتى ولو نال الشهادة التي يتمناها كل صباح .
 
نام الجد باكرا وبقي يتقلب في فراشه تستعرض ذاكرته صولات وجولات من كر وفر داهم فيها الأعداء فيضحك مرة ويتألم مرة على صيد ثمين ضاع منه – فيولد لديه شجاعة أخرى إلى شجاعته التي اتصف بها ويصلي الفجر هو وزملائه الذي بيتوا النية أن لا تلين لهم قناة حتى ينالوا من هذا العدو ما يشفي صدورهم.
 
 ويتوزع الرفاق بين شجيرات زيتون يرقبوا دورية العدو التي بانت عليهم مارة من طرق القدس القديمة وما أن لمحوها حتى أطلقوا عليها وابلا من الرصاص فقتلوا وجرحوا من فيها ولما اقتربوا من هذه الدورية باغتهم احد الجرحى بوابل من الرصاص ليسقط هذا الرجل شهيدا على ارض القدس الطاهرة وينال ما تمناه منذ أن كتب على نفسه الجهاد 
 
ويلبس أبو سالم معطف جده الأصفر الذي اعتلى قامة مسلمة ضحت بنفسها على ثرى القدس الطهور ويكتب اسم الشهيد على أبواب القدس لتبقى شاهدة له معلنة أن لا على هذه الأرض ما يستحق الحياة بل يستحق الشهادة في سبيله .
 
وتتناوب الأيام العجاف على ابن الشهيد ويعاني أبو سالم من أزمات الفقر المتلاحقة في ظل موجات الغلاء المسعورة لتنهك جسمه وتسلب عقله وتذلل فخره الذي طالما اعتز به .
 
وتتوالى سلسلة موجات الغلاء لينام اغلب الأيام جائعا تصرصك أسنانه لا على طعام يأكله بل من شدة برد نخر عظامه وأنهك قواه ولا يقوى على مقاومته لعجزه عن تزييت مدفأته .
 
ينام أبا سالم بمعطفه الأصفر الذي طالما تسامر معه عن العز والمجد والتاريخ الذي رافق جده والذي كاد الحاضر أن يمسحه .
 
لقد أطبق على هذه الأمة وعبر تاريخها الطويل  ويلات من الشدة و الفقر والتي لم تنل من عزة ومجد وصلابة وعزيمة رجالها وان هذه الأزمات والمحن لا بد لها من الرحيل ليعود مجد الأمة إلى حضنها والألق إلى هامتها وتعود إلى التعلق بالخالق مستسلمة لقضائه تدعوه لفك كربتها وعودة مجدها وكبريائها .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد