لسنا عبيدًا في مزارعكم

mainThumb

13-02-2018 05:08 PM

 عمان - السوسنة - كتب - عبدالله الرعود : المسؤول الأردني مهما كانت صفته الوظيفية، يبقى صغيرًا، عندما تكون نظرته إلى المواطنين دونية، وعندما يتعامل معهم كعبيد في مزرعة !!

يبقى صغيرًا، لأنه لا يعرف ماذا تعني الحرية والكرامة بالنسبة للأردنيين، ولا يدرك أن الأردنيين أبقى وأطهر وأرفع من مسؤوليهم، وإن تجبّرت عليهم حكومات الظلم، وصفعتهم بعصا ضرائبها الغليظة.

 حادثة الإساءة التي صدرت من مستشار في الديوان الملكي، بحق مواطن يكدح في الليل والنهار، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، إن بقي الحبل مرخيًا لحفدة التوريث.

سيفان استخدما لإهانة المواطن خالد فلاح الخضير، الأول سيف الديوان الملكي، الذي استخدمه "المستشار الكبير"، والثاني سيف مديرية الأمن العام، الذي بدا واضحًا على جانبي المخالفة "أمر من عطوفة مدير الأمن العام".
 
وبما أن التوريث في كل مؤسسات الوطن أصبح قاعدة ثابتة لا يختلف فيها عاقلان، فإن مسلسل الامتهان، ومحاولات الإساءة ستستمر بحق المواطن الشريف، الذي يغضب ويثور لكرامته، ولا يضرب بسيف مؤسسات من المفترض أن تكون حامية له.
 
حادثة مستشار الديوان مع سائق الحافلة معيبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فهي ترسّخ ثقافة الفوقية، والأسياد والعبيد، وتنتهك كرامة وحرية المواطن، وتعتدي بشكل صارخ على الدستور الذي يتغنون بتطبيقه بمناسبة ومن دون مناسبة. 
 
مع بيان مديرية الأمن العام التبريري، الذي ناقض ما هو مكتوب على المخالفة، هناك سؤال، هل ستمر الحادثة وكأن شيئًا لم يحدث، أم أن أجهزة الدولة ستحاسب مرتكبها وتنتصر للمظلوم ؟ خاصة أن رأس الهرم في مديرية الأمن العام تجاوز القانون بالمخالفة، وأمر بمصادرة حرية المواطن دون تحقق، بل لمجرد مكالمة من "المستشار".
 
اهتمام جلالة الملك عبدالله الثاني شخصيًا بالقضية جميل ومقدر، وفيه رسالة قوية إلى كل مسؤول منتفخ، واستماع رئيس الديوان الملكي للسائق خالد الخضير، جميل أيضا.
 
لكن اعتذار "المستشار الكبير" في الديوان لا يكفي، فهو ليس فوق القانون، ويجب أن يحاسب، لكي يعرف جيدًا أنه في بيت الشعب، وأنه موجود لخدمتهم لا للتطاول عليهم، ومن تطاول لا مكان له في بيت الأردنيين.
 
إذا انتصرت أجهزة الدولة للمظلوم، ونفّست تكبر المنتفخين المتورمين الضاربين بسيف مؤسساتها، فقد أعادت شيئًا من الثقة للمواطن، وأشعرته أن الخير موجود، وأن كرامته ما زالت تحظى باهتمام.
 
وإذا لفّلفت القضية، وأكثرت بيانات تبريرها، فالمصيبة كبيرة، لن نستطيع معها التفريق بين نصين، المادة (6) من الدستور التي نصت على أن الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم، ونص آخر يستخدمه المنتفخون "ما بتعرف مين أنا".
 
على أجهزة الدولة أن تثبت للأردنيين أن الديوان الملكي بيتهم الكبير الحاضن الخادم، وأن مديرية الأمن العام حامية ومنتصرة بسيف العدالة للمظلوم، لا منحازة للظالم وإن كان "مستشارًا كبيرًا".
 
كرامة الأردنيين غالية، وجباههم عالية، وعلى أصحاب النظرة الدونية أن يعودوا إلى تاريخهم ويقرأوه بكل لغات أهل الأرض، من نظر إليهم بعين، نظروا إليه باثنتين، ومن تكبّر وتجبّر ركلوه بأقدامهم إلى مزابل التاريخ.
 
وعلى كل مسؤول في الوطن أن يعود إلى نفسه ويسألها، لماذا بقيت ظاهرة الشهيد وصفي التل خالدة في ضمير وقلب وعقل كل أردني ؟ ولماذا حمل مارّون كثيرون أسماءهم ورحلوا ؟
 
المسؤول الذي ينبض قلبه بهمّ الشعب، ويحترم الأردنيين، ويعاملهم بكرامة، نضعه على رؤوسنا، ومن يتحدث بثقافة الفوقية المسنودة بسيوف لا يملكها، نقول له : لسنا عبيدًا في مزارعكم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد