ما على الشعوب سوى أن تنتظر - فاروق يوسف

mainThumb

23-02-2018 07:28 PM

 هل من الضروري إنهاء أزمات المنطقة؟ المؤكد أن المنطقة دخلت في متاهات متلاحقة هي جزء من حملة لإشاعة اليأس بين الشعوب وقبلها بين النخب السياسية التي صارت تتسول على أعتاب مؤسسات الدول الكبرى من أجل إيقاف حالة التدهور التي يظن الكثيرون أنها ستستمر إلى أمد غير منظور.

 
وإذا ما كان كل شيء واضحا على مستوى أسباب تلك الأزمات والأطراف الضالعة فيها، فإن الأهداف النهائية منها لا يزال يكتنفها الكثير من الغموض. ذلك لأن الصورة الأخيرة للمنطقة لم تظهر بعد، حتى على مستوى افتراضي، بالرغم من أن المتشائمين يذهبون أبعد من أن يكون الفشل الذي ضرب دولا بعينها هو غاية نهائية، حين يتوقعون إعادة رسم المنطقة في إطار جغرافية سياسية جديدة، ستكون بمثابة القاعدة التي ينشأ عليها شرق أوسط جديد.
 
وهو أمر يبدو بالنسبة لي مستبعدا في ظل الظروف التي وضعت إيران وتركيا طرفين في معادلة، كان من الصعب على إسرائيل أن تركب عناصرها وحدها. تبدو الحلول مستعصية لأن أطراف ذلك المثلث تملك رؤى مختلفة. ما هو ثابت أن دمارا هائلا حل في المنطقة العربية. هناك دول عربية صارت قابلة للتفكك بقرار صبياني مثل سوريا والعراق. هناك دول يمكن تقسيمها شمالا وجنوبا كاليمن وشرقا وغربا كليبيا. وهناك لبنان وهو دولة لا تسرّ أوضاعها بسبب ضياع قرارها السياسي.
 
لقد أعفيت إسرائيل من التدخل المباشر في شؤون أعدائها، وتصدرت إيران وتركيا المشهد عدوين واقعيين، كل الأحداث تؤكد ضلوعهما في الجريمة. ولكن المؤكد أن القوى الكبرى، التي وضعت الأزمة الخليجية المتعلقة بقطر خلف ظهرها، تنظر بقلق إلى تضخم الدورين الإيراني والتركي.
 
كانت الولايات المتحدة قد اكتفت إلى وقت قريب بدور المراقب في ما يتعلق بتطورات الحرب في سوريا فإذا بها فجأة تقرر أن يكون لها حضور شرق الفرات بموافقة روسية. وهو ما استفزّ إيران. في المقابل فإن روسيا منعت تركيا من التمدد في “عفرين” السورية. لقد تعاملت مع حملة أردوغان “غصن الزيتون” باعتبارها جنحة يستحق العقاب عليها بطريقة مذلة. وهو ما فعلته من خلال إدخال القوات الحكومية السورية طرفا في النزاع. وهو ما أرضى الولايات المتحدة.
 
ومع ذلك فإن كل التطورات لا تبشر بخير.إن انزعجت إيران وتركيا فإن ذلك لا يهب دولا كانت ضحية تدخلاتهما أملا في أن تخرج من النفق. يمكن النظر إلى العراق باعتباره نموذجا لما يمكن أن تنتهي إليه الحال. العراق اليوم يبدو كما لو أنه بلد منسي.
 
غير أن الحقيقة ليست كذلك. فالعراقيون مثلهم في ذلك مثل الليبيين لم يتمكنوا من السيطرة على قرارهم المستقل، ولن يتمكنوا من ذلك في وقت قريب. ذلك لأن القوى الكبرى لم تصل حتى هذه اللحظة إلى اتفاق من شأنه أن يضع الفرقاء في حجمهم الطبيعي في ظل غياب الإرادة الشعبية.
 
في السياق نفسه هناك مَن يزعم أن المملكة العربية السعودية باعتبارها قائدة التحالف العربي في اليمن أظهرت عجزها عن حسم الصراع لصالح الشرعية في مواجهة عصابة حوثية يقدر عدد أفرادها بالآلاف. وهو استنتاج ليس صحيحا. فالسعودية هناك تقاتل إيران، المرضي عن تدخلها في اليمن دوليا. عقدة ليس من اليسير تفكيك خيوطها. هل يمكن القول إن إيران موجودة في اليمن باتفاق أميركي- روسي؟
 
يُقال إن إسرائيل امتنعت عن إشعال حرب إقليمية إثر سقوط طائرتها بصاروخ إيراني في الأجواء السورية بسبب ضغوط روسية.
 
كل ذلك يشير إلى أن حجم المأساة الإنسانية في المنطقة لن يكون عنصرا ضاغطا على القوى العظمى من أجل إنهاء الأزمات. هناك حسابات أخرى تجري تصفيتها قبل أن يلتفت المجتمع الدولي إلى الوضع البشري. وما على الشعوب سوى أن تنتظر.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد