بالصور .. افتتاح منتدى كرانس مونتانا بالتركيز على التنمية والتعاون

mainThumb

17-03-2018 01:04 AM

السوسنة - المغرب (الداخلة) - طايل الضامن - أعرب العاهل المغربي الملك محمد السادس، عن ارتياحه لما وصل إليه منتدى "كرانس مونتانا" الذي تحتضنه مدينة الداخلة جنوب المغرب، من نضج كبير وإشعاع واسع.

وأشار ملك المغرب من خلال رسالة وجهها للمشاركين في الدورة الرابعة للمنتدى الجمعة، وتلاها ينجا الخطاط رئيس مجلس جهة الداخلة، الى أن كرانس مونتانا "أضحى محفلا دولياً رئيسياً يحج إليه كبار صانعي القرار السياسي، وشخصيات مرموقة تمثل مجتمع الأعمال وعالم الفكر والمجتمع المدني من شتى المشارب، بالإضافة إلى نخبة من صناع الرأي من مختلف بقاع العالم".

وأشاد بالمواضيع التي يتناولها المنتدى، والمستوى المتميز للمشاركين فيه، وتنوع أطيافهم، الأمر الذي ترك عظيم الأثر فيما يحققه من نتائج طيبة.

وقال الملك المغربي، إن المستوى المتميز للمنتدى، يُكرس الأهمية الخاصة بالقارة الإفريقية، بوصفها قارة المستقبل.

وتطرق الخطاب الملكي الى المرحلة الحاسمة التي تمر بها القارة السمراء، وما تشهده من تحولات ترسم معالم قارة إفريقية تموج بتغيرات متسارعة، وتنأى بنفسها تدريجياً عن كل التصورات النمطية والصور السلبية المغلوطة، التي ظلت لصيقة بها.

ولفت الخطاب الى الفضاء الزاخر بالفرص والإمكانات في القارة الإفريقية، وامتلاكها لأعلى نسبة من الشباب في العالم.

واعتبر العاهل المغربي الشباب الإفريقي، ثروة ديمغرافية مهمة ينبغي تدبير تأهيلها بحكمة وتبصر، الأمر الذي من شأنه أن يحدث تحولا كبيراً سيغير مجرى الأمور، لا على صعيد إفريقيا فحسب، بل يمتد إلى كل جهات المعمورة.

وأكد ملك المغرب على أن هذا الرصيد البشري، ركيزة أساسية للتنمية، وفرصة ثمينة يتعين على القارة السمراء استثمارها من أجل اللحاق بركب القوى الصاعدة.

ودعا أبناء القارة الإفريقية، لاسيما الشباب منهم، للتعبئة الجماعية، والتحلي بالعزم والإصرار، من أجل رفع التحديات الجسام، التي تواجهها إفريقيا، والانخراط الفعلي في الدينامية الإيجابية للنمو المشترك.

كما أكد الخطاب الملكي، على الطموح الكبير والإرادة الأكيدة التي تحدو المغرب، لتمكين إفريقيا من تولي زمام أمورها والتحكم في مصيرها.

ولفت الخطاب الى توجه المغرب لجعل التعاون جنوب -جنوب رافعة لانبثاق إفريقيا جديدة واثقة من قدراتها ومتطلعة إلى المستقبل، والمستمد من التزام دستوري في الوثيقة المرجعية الأسمى للمملكة، والتي يلتزم فيها المغرب بـ “تقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب والبلدان الإفريقية، ولاسيما مع بلدان الساحل وجنوب الصحراء، وتقوية التعاون جنوب-جنوب”.

وفي هذا الصدد، أشار العاهل المغربي لتوجيهاته التي طور من خلالها المغرب نموذجاً مبتكراً حقيقياً للتعاون جنوب -جنوب، قوامه تقاسم المعارف والكفاءات والخبرات والموارد، مع إشراك كافة الأقاليم الفرعية للقارة والقطاعات ذات الصلة.

وأوضخ الخطاب أن المغرب وعلى مدى 15 عاما، أبرم 1000 اتفاق تعاون مع 28 بلداً إفريقياً؛ وهي اتفاقيات تتعلق بمجالات متنوعة، تشمل التعليم والصحة، والتكوين في مجال البنيات التحتية، والفلاحة.

وأبرز الخطاب حرص المملكة المغربية على إقامة المشاريع الاستراتيجية الكبرى، مستعرضا منها مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، الذي يهدف إلى إعادة هيكلة سوق الكهرباء على المستوى الإقليمي، ومشروع إحداث وحدات لإنتاج الأسمدة بشراكة مع إثيوبيا ونيجيريا، والذي يروم تحسين المردودية الفلاحية، وتعزيز الأمن الغذائي في المناطق التي ينتمي إليها هذان البلدان.

واعتبر العاهل المغربي ظاهرة الهجرة التي تشهدها القارة السمراء، فرصةً يمكن استثمارها، وليست تهديداً بأي شكل من الأشكال، مُنوها الى أن أزمة الهجرة ليست حديثة العهد، ولا ينبغي اعتبارها قدراً محتوماً، وإنما تتطلب العمل على تعزيز التعاون بين البلدان الإفريقية، في المقام الأول، ثم مع بلدان الشمال.

وفي هذا السياق، أشار ملك المغرب الى اقتراحه على الدورة الثلاثين لقمة الاتحاد الإفريقي “أجندة إفريقية حول الهجرة” تتمحور، على الخصوص، حول إحداث مرصد إفريقي للهجرة، وإحداث منصب المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي المكلف بالهجرة، وذلك من أجل الإلمام الصحيح بهذه الظاهرة في أبعادها الشاملة.

وبشأن التغيرات المناخية وآثارها، أكد العاهل المغربي على وعي بلاده بما باتت تشكله هذه الظاهرة من تهديد متزايد للجهود الموجهة لخدمة قضايا التنمية والسلم والأمن بإفريقيا.

وقال إن إفريقيا تدفع ثمناً باهظاً في هذا المجال، على الرغم من أن ما تطرحه من غازات مسببة للاحتباس الحراري لا يتعدى 4 % من مجموع الانبعاثات في العالم ككل.

وأشار الى حرص المغرب حين استضاف الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 22)، على تيسير الشروط الكفيلة بتفعيل اتفاق باريس حول المناخ، من خلال مؤتمرٍ رفع شعارَ العمل الفعلي، ووضع انشغالات إفريقيا في صلب المناقشات التي تخللت أشغاله.

واغتنم ملك المغرب أعمال منتدى كرانس مونتانا، لتجديد الدعوة لبلدان الشمال كي تفي بالتعهدات التي أكدتها في مراكش، لاسيما ما يتعلق منها بخفض انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري، وبتمويل الاستراتيجيات المناخية لبلدان الجنوب.

وبخصوص ملف الأمن الغذائي في إفريقيا، لفت الخطاب الملكي الى ما قدمه المغرب من مبادرات ملموسة بهدف المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي بإفريقيا، مشيرا الى مشروع “تكييف الفلاحة بإفريقيا”، الهادف إلى تقوية قدرات الفاعلين في القطاع الفلاحي، بالإضافة إلى مشروع “الحزام الأزرق” الذي يروم التصدي لارتفاع حرارة المحيطات.

وتطرق الخطاب الى ما تعيشه القارة الإفريقية من مفارقة تتجلى في امتلاكها جل الموارد الطبيعية الضرورية لتحقيق تنمية بشرية مُطَّرِدة، بينما تعاني شعوبها الفقر والتهميش في ظل الاقتصاد العالمي.

وأوضح ان التجارة البينية الإفريقية لا تمثل سوى 13 % من إجمالي المبادلات التجارية على الصعيد القاري، ولا يتعدى حجم مساهمتها في التجارة الدولية نسبة 2 %، الأمر الذي يجعل القارة مطالبة أكثر من أي وقت مضى، باستثمار الفرص التي تتيحها العولمة والاستفادة منها على النحو الأمثل.

وأعرب العاهل المغربي، عن ثقته بخروج المشاركين بمنتدى كرانس مونتانا بتوصيات ومقترحات بناءة، سيكون لها الأثر الفعال في التصدي للتحديات المختلفة التي يواجهها العالم أجمع، وإفريقيا على وجه الخصوص.

وفي هذا الصدد، دعا العاهل المغربي أعمال المنتدى إلى التعريف بمزايا نهج تعاونٍ فعالٍ ومتعدد الأبعاد بين دول الجنوب، وبفوائد اعتماد مقاربات تشاركية باعتبارها رافعة لتحقيق الارتقاء الجماعي.

وفي ختام خطابه، جدد ملك المغرب الترحاب بجميع المشاركين على أرض المملكة المغربية، مؤكدا مدى تقديره لمساهمتهم القيّمة في منتدى كرانس مونتانا، ومدى امتنانه لما سيبذلونه من جهود، لاستكشاف وتحديد أفضل الممارسات الكفيلة بضمان تنمية بشرية ترقى إلى مستوى تطلعات شعوب الجنوب كافة، والإفريقية منها على وجه الخصوص.

من جهته أكد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، ان المغرب هو عنصر رئيسي في القارة الإفريقية، وعودته الى الاتحاد الإفريقي يعتبر أمرا مهما للمملكة وللقارة.

وأضاف ساركوزي في حوار مباشر عقب الجلسة الافتتاحية لمنتدى كرانس مونتانا الجمعة، ان المغرب دولة قوية ومستقرة، مشيرا الى أن ما يحدث في المغرب "يعتبر شيئا استثنائيا، فإذا نظرنا إلى ما حصل خلال الـ 15 سنة الماضية، سنجد أن عددا كبيرا من دول المنطقة عرفت مشاكل وإضرابات لا تحصى".

وتساءل "من بين تلك البلدان يمكن لها أن تتباهى بأنها حافظت على الاستقرار والانفتاح والتقدم والحداثة، على الرغم من كل المشاكل والأزمات والمعاناة والانتكاسات، ومن يمكنه أن يظاهى الاستقرار الذي عرفته المملكة خلال الـ 15 سنة السابقة ؟".

وفي كلمة له، قال القس الأميركي جيسي جاكسون، ان "المغرب منارة القارة الإفريقية التي ترمي إلى تعزيز قيم التعاون والتضامن، والتي يتعين على بلدان القارة اتباعها لتقوية التعاون جنوب-جنوب".

وأشاد القس الناشط في مجال حقوق الإنسان، بجهود المغرب في النهوض بالأوضاع الاقتصادية لشعوب القارة الإفريقية.

واعتبر جاكسون أن المغرب مثال يُحتذى به، بخدمة شعوب القارة السمراء وقضاياها، مشيرا الى أن 62.9 % من الاستثمارات المغربية بالخارج موجهة نحو إفريقيا، وبالتحديد غرب القارة، حيث يعد المغرب أكبر مستثمر أجنبي.  

ويشهد المنتدى مشاركة أكثر من ألف مشارك، يمثلون أكثر من 100 دولة، ويستمر حتى 20 آذار الحالي.

وينقسم برنامج المنتدى إلى جزأين، الأول ينظم بمركز الندوات بجوهرة الجنوب من 15 إلى 17 آذار الجاري، والجزء الثاني سينظم على متن الباخرة "رابسودي" التي ستنطلق من الداخلة نحو الدار البيضاء من 18 إلى 20 آذار الحالي.

وتتميز أعمال هذه الدورة، بتسليم جائزة منتدى كرانس مونتانا 2018 لإفريقيا والتعاون جنوب-جنوب، لمصطفى سيسي لو، رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، اعترافا بعمله "من أجل الاندماج والحرية وازدهار شعوبها" ومن أجل "جهوده المبذولة لتكريس حرية تنقل الأشخاص والسلع في فضاء المجموعة وفي المنطقة بكاملها".

ويعد منتدى كرانس مونتانا، الذي يتواجد مقره بجنيف، منظمة دولية تعمل على "تشجيع التعاون الدولي والنمو الشامل وتعزيز مستوى أرفع من الاستقرار والإنصاف والأمن".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد