من هو رئيس الحكومة العراقية القادم ؟ - د. فواز موفق ذنون

mainThumb

22-03-2018 12:53 PM

 رؤية تحليلية  

 
يتهيأ العراقيون بعد أشهر قليلة  لخوض غمار انتخابات تشريعية جديدة هي الرابعة منذ  سقوط النظام السياسي السابق عام 2003 ، ويتفق معظم الباحثين والمهتمين بالشأن العراقي ، إن الانتخابات العراقية في 12 أيار/ مايو القادم  لها أهمية خاصة هذه المرة وتأتي أهميتها من خصوصية المرحلة التي تعيشها الدولة العراقية على المستويين الداخلي والخارجي.
 
على المستوى الداخلي : هناك العديد من الملفات التي ستكون عناوين بارزة  لبرامج الأحزاب والكتل السياسية ومن هذه الملفات  بنية المجتمع العراقي بعد الانتهاء من الحرب على تنظيم داعش الإرهابي  وتداعيات تلك الحرب وخاصة مايتعلق بأزمة النازحين    ، كذلك إعادة الثقة إلى الشارع السني ومحاولة تطبيع الأوضاع في المحافظات المنكوبة ،  وهنالك أيضا ملف العلاقة   بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان ومحاولة الأخير الانفصال عن الدولة وفرض الحكومة السيطرة على ماتسمى المناطق المتنازع عليها ومنها مدينة كركوك الغنية بالنفط . إضافة إلى تحديات ملف الفساد  الذي بات ينخر في جسد الدولة مع غياب الحلول الناجعة للقضاء عليه أو على الأقل للحد من استشراءه في معظم مؤسسات الدولة العراقية . 
على المستوى الخارجي تأتي الانتخابات في وقت تشهد فيه الدبلوماسية العراقية  نجاحات على مستوى الانفتاح على كل دول الجوار ومنها المملكة العربية السعودية بعد سنوات من القطيعة بين البلدين ،  إضافة  إلى سياسة التوازن التي اتبعتها السياسة الخارجية في علاقاتها  الإقليمية والدولية  ومنها علاقاته مع الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية من خلال التعاون مع كلا الطرفين لتحقيق المصلحة العراقية العليا والتي كانت أهمها التعاون  مع كلا الطرفين للقضاء على تنظيم داعش في الأراضي العراقية .
 
ومع اقتراب الانتخابات العراقية من موعدها في ايار / مايو القادم سوف تكون هذه الملفات أمام الحكومة القادمة  ، لذلك يبقى السؤال المطروح بقوة كيف هي شكل الحكومة القادمة ومن هو رئيس الحكومة العراقية في المرحلة المقبلة  ؟ 
وللإجابة على هذه الأسئلة لابد من استعراض أهم الشخصيات التي تدور عليها التكهنات اليوم في المشهد السياسي العراقي واحتمالات الفوز   وماهي أوراق القوة التي تمتلكها كل شخصية من تلك الشخصيات وصولا الى أكثر شخصية قد تكون الأوفر حظا في الدورة  الانتخابية المقبلة .  
 
حيدر ألعبادي : تشير اغلب الآراء إلى ان حيدر ألعبادي رئيس الوزراء الحالي  هو اقرب المرشحين للظفر بولاية رئاسية جديدة والسبب في ذلك يعود إلى النجاحات التي حققها ألعبادي على المستوى الداخلي من خلال الانتصار الذي حققه على تنظيم داعش وفرض سلطة الدولة على كامل التراب العراقي فضلا عن قدرته على إجهاض محاولات الانفصال لإقليم كردستان وتمكنه من إعادة السيطرة على كل المناطق التي باتت تعرف في الأدبيات السياسية العراقية بالمناطق المتنازع عليها ، إضافة الى الاعتقاد الذي بات يسيطر على الشارع العراقي من إن ألعبادي رجل ذو سياسة وطنية بعيدة عن الطائفية إضافة إلى المقبولية التي يتمتع بها ألعبادي على المستويين العربي والإقليمي وحتى لدى المجتمع الدولي وخاصة من قبل الولايات المتحدة التي تعده رجل المرحلة المقبلة .
 
 وقد شكل ألعبادي  تحالفا  اسماه  تحالف النصر والإصلاح   ضم العديد من الأحزاب السياسية الشيعية والسنية وبعض الشخصيات الكردية ويؤكد العبادي بان قائمته تضم كافة أطياف المجتمع العراقي وانه تكتلا وطنيا عابرا للطائفية مما يجعله الأقرب الى الفوز .
 
على ان الطريق أمام العبادي نحو الولاية الثانية قد لاتكون معبدة بالتأييد الكبير الذي يتوقعه ، فهناك ايضا من هو في الشارع العراقي يرى في شخصية العبادي شخصية ضعيفة لم يستطع مواجهة عسكرة المجتمع العراقي من خلال انتشار الفصائل المسلحة، اضافة الى عدم تمتعه بالقدرة  والجرأة السياسية  للحد من الفساد المتفشي في البلاد .
 
نوري المالكي : للمالكي نفوذا قويا داخل الساحة السياسية العراقية ويعده البعض بانه رجل ايران القوي داخل العراق ، وقد اختلفت الآراء حول امكانية عودته للسلطة بعد ان غادرها بعد حكم دام ثمان سنوات ، ففي الوقت الذي يرى فيه بعض المحللين بانه بعيدا عن فرص العودة بسبب اتهامه بكونه مسؤولا عن  العديد من مشاكل العراق السياسية والأمنية خلال مدة حكمه ، الا اخرون يرونه قادرا على التحكم بالمنظومة السياسية العراقية والعودة من جديد الى كرسي الحكم  ومااختياره قائمة منفصلة  ( تحالف دولة القانون ) عن العبادي الا دليل على مايعتقده مؤيدوا المالكي من إمكانية عودته من جديد .
 
غير ان المالكي كان قد قطع الطريق امام تكهنات عودته بتأكيده في أكثر من مناسبة عدم رغبته العودة للحكم من جديد  وفي ذلك  أكد  قائلا : " أتمنى أن يكون المرشح غيري ولدي أسبابي " 
 
اختيار المالكي البقاء بعيدا عن السلطة  تخوفت منه الإدارة الأمريكية من أن المالكي يخطط لإفشال الولاية الثانية للعبادي  ويؤكد  باحثين من معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسات العامة وهو معهد قريب من صانع القرار في الولايات المتحدة  بان المالكي لإدراكه بعدم قدرته على العودة من جديد فانه  سوف يحاول ببساطة أن يلعب دور صانع الرؤساء - رؤساء الـــوزراء - ، ودليلهم هو بقاء المالكي قوياً حتى وهو خارج منصبه على مدى السنوات الثلاث الماضية .
ومن بين المرشحين الذين يدعمهم المالكي وبدأ اسمه يطرح بقوة في الأوساط السياسية العراقية ، هادي العامري  زعيم منظمة بدر  فمن هو  العامري وماهي فرص نجاحه في الظفر بكرسي الحكم .؟
 
هادي العامري : في الوقت الذي تتداخل فيه الآراء حول فرص فوز العبادي وإمكانية عودة المالكي ، بدأت الأوساط السياسية في العراق تتداول اسم  هادي العامري زعيم منظمة بدر  إحدى فصائل المقاومة الإسلامية في البلاد   كمرشح له حظوظه في الفوز  خاصة وان نسبة كبيرة من الشارع العراقي ينظر بتقدير كبير الدور الذي قام به العامري في تحرير الأراضي العراقية من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي وقيادته المعارك بنفسه ، ويراه البعض بأنه يحظى بدعم كبير من قبل إيران  كما  ان الولايات المتحدة لن تعترض عليه  لكونها على علاقة سابقة معه وان قوات بدر كانت قد دخلت بالتنسيق مع الجيش الأمريكي إلى العراق إبان سقوط النظام السابق  ،  كما إن العامري  الذي شكل تحالفا  بأسم  ( تحالف الفتح ) وحسب وصف بعض المحللين بات يسيطر على وزارتي الدفاع والداخلية والفصائل العراقية المسلحة  .   
 
وبعيدا عن الأسماء المرشحة لاعتلاء صدارة الحكم  تبقى الترتيبات السياسية الداخلية والخارجية هي الفيصل في تحديد الشخص المعني ، وفيما يتعلق بالعامل الخارجي  يبقى التنافس الإيراني – الأمريكي قائما في اختيار شخصية تكون متناغمة من سياساتها في المنطقة ، فالبعض من المحللين يرون بان إدارة ترامب تعمل بكل طاقتها ونفوذها في العراق، على إجراء تحولات جذرية في الحكم ،والتي تصر على تحويله إلى حكم مدني، وإبعاد الأحزاب الدينية عن السلطة ،لتضمن نجاح حلفائها في مرحلة مابعد داعش ،وهكذا تعمل قوى إقليمية  ( ايران ) وبكل قوة   على إبقاء  حلفائها في الحكم  لتنفيذ وإكمال مشروعها  السياسي والعسكري في المنطقة . غير ان ذلك لايعني بروز توافقات اقليمية ودولية  على شخصية معينة قد تحقق التوازن في المصالح لكل الأطراف . 
 
دعونا لانستعجل الامور  فربما هناك مفاجأت في التحالفات السياسية والنتائج وظهور شخصيات سياسية اخرى قد لاتكون في الحسبان   لننتظر ونرى . 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد